عنوان الموضوع : إيقاعات إمرأة شرقية للشاعرة السعودية بديعة كشغري
مقدم من طرف منتديات الشامل




إيقاعات إمرأة شرقية للشاعرة السعودية بديعة كشغري







ترجمة ، تنضيد و إصدار : د . عدنان جواد الطعمة

قمت بزيارة الرياض في الشهر الثالث بكامله عام 1996 بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لإختيار و دراسة قصائده التي سعدت بترجمتها إلى الألمانية . وفي تلك الفترة تشرفت بزيارة المؤسسات الأدبية و الثقافية و حضرت حفلات توزيع جائزة الملك فيصل بن عبد العزيز على الفائزين و الحفلات الأدبية الأخرى و مهرجانات الجنادرية الرائعة ثم سافرت لمدة يومين إلى الظهران لزيارة هيئة تحرير مجلة القافلة التابعة لشركة أرامكو .

ومن حسن الحظ أخبرني السيد رئيس تحرير مجلة القافلة آنذاك الأخ عبد الله خالد الخالد بأن الشاعرة الأخت السيدة بديعة كشغري تعمل باحثة و مترجمة و كاتبة في هيئة تحرير مجلة القافلة ، فقلت له لابد لي أن أتعرف عليها من أجل ترجمة قصائدها إلى الألمانية ضمن مشروعي حول ترجمة الشعر العربي إلى الألمانية لتعريف الشعب الألماني بشاعراتنا و شعرائنا .
حضرت الشاعرة بديعة كشغري و جلسنا نحن الثلاثة نتبادل أطراف الحديث عن النشاطات الشعرية للمرأة السعودية و الخليجية ، ثم طرحت عليها فكرة قيامي بترجمة قصائدها إلى الألمانية .
رحبت السيدة بديعة كشغري بهذه الفكرة و أعطيتها عنواني و عنوان إيميلي . تم التواصل بيننا هاتفيا و عبر الرسائل بعد أن حصلت على مجموعتها الشعرية التي لم تنشر في حينه قمت بترجمتها إلى الألمانية و بتنضيد الكتاب و أشرفت على طبع كتابها في لندن بالعربية و الألمانية بعنوان : يوميات إمرأة شرقية ، حيث صدر عن دار البيان بماربورغ في ألمانيا عام 1998 .

و بعد صدوره أحيت الشاعرة بديعة كشغري في ألمانيا أمسيتين شعريتين إحداهما بتاريخ 3 نيسان / أبريل و الأخرى 4 نيسان 1998 ، حيث نشرت صحيفة مدينتنا الألمانية تقريرا مفصلا عن الحفلتين و الكتاب .

وعلى إثر ذلك قام النادي الأدبي الألماني في مدينتنا عن طريقي بدعوة السيدة بديعة كشغري لإحياء حفلتها الأدبية فحضرت للمرة الثانية إلى مدينتنا و أحيت حفلتها الشعرية الصباحية في الساعة الحادية عشر بتاريخ 21 حزيران عام 1998، حيث ساهمت معها بإلقاء القصائد بالألمانية لكي يفهم المستمعون مضامينها و قامت السيدة بديعة بإلقاء قصائدها بالعربية ، و بعد الإنتهاء من الإلقاء دار نقاش جميل بين الجمهور الألماني و بيننا .
ثم غادرت ألمانيا تاركة خلفها إنطباعا طيبا عن شاعراتنا العربيات .
يسرني أن أستعرض نبذة عامة عن الشعر النسوي المعاصر في السعودية رغم أن مشوار تعليم الـفـتـاة في الـمملكة الـعربـيـة الـسـعوديـة ، لـم يـبـدأ إلا في أواخر الـخـمـســـيـنـات من القرن الماضي ، إلا أن كتابة الـمـرأة الإبـداعـيـة قد ظهرت في السبعينات ، و خطت بخطى واثقة ، حتى أضحت في العقود الثلاثة الأخيرة و التسعينات خاصة تضاهي كتابة زميلاتها المبدعات في أرجاء العالم العربي كـكـل وربما على مستوى عالمي أكبر .

و قد واكبت كتابة المرأة تطور حركة النهضة الشاملة و النقلة الحضارية الواسعة التي شهدتها المملكة منذ السبعينات ، حيث تضاعفت أعداد مدارس البنات و زاد عدد الخريجات من الجامعات! و حالياً يوجد حوالي مليون طالبة يدرسن في المراحل التعليمية المختلفة .

و إذا انطلقنا تاريخياً و سوسيولوجياً ، من أن كتابة المرأة كانت تعد شيئاً من العبور إلى عالم الممنوع و المتحفظ عليه أو المرفوض أحياناً ، و هو طابع ترسخ في الإبداع الإنساني ليس في الـعـالـم الشرقي فحسب ، بل في أوروبا حيث كان على الرائدات أن يكتبن بـأسـمـاء رجالية لضمان نشر كتابتهن من أمثال جورج سـاند الفرنسية .

فان فضاء الكتابة النسوية الإبداعية في الجزيرة العربية أصبح أكثر اتسـاعـا و توازنا وهـو في أسلوبه يتمشى مع نسق المعادلة الثقافية السعودية التي ترتكز على محورين هما :
الإصـالـة و المـعـاصـرة .
و قد غلب الطابع الرومانسي و الوعظي على كتابة المرأة في بداياتها و هذا أمر طبيعي كانت تحتمه المفاهيم الاجتماعية ، لكن المرأة السعودية حالياً، استطاعت أن تحدد موقعها في المشهد الأدبي و الثقافي ، حيث أصبحت تعبر بجرأة ، و تـتواصل مع المجتمع المتمثل في القاريء ، فتوصل له مشاعرها و أحلامها و تعبر عن مواقفها و آرائها منطلقة في ذلك من إيمانها بموقعها في المعادلة الاجتماعية كشريك فاعل و مؤثر .

هكذا يوجد الآن في المملكة : المرأة الكاتبة و الشاعرة و الباحثة والتي تـتـنـاول موضوعات شتى تطرحها بجرأة أدبية ، كما أصبح المجتمع أرحب صدراً في الحوار مع كتابات المرأة المبدعة بأنواعها وفي عالم الشعر برزت أسماء عديدة لمبدعات سعوديات اخترن هذا " الشكل / الجنس الأدبي " الذي يعد أكثر جرأة من سواه من الأشكال الأدبية لأنه يعتمد على البوح الذاتي و يكون فيه الإفصاح عن الذات برغباتها و آمالها و تطلعاتها هو محور التعبير.

من هذه الأسماء : أشـجـان هندي، د . ثريا العريض ، فاطمة القرني ، فوزية أبو خالد ، لطيفة قاري و غيرهن ..و شـاعرتنا التي نتناولها في هذا الكتاب ( بديعة داود كشغري )
و قد تميـزت أشعار هؤلاء الشاعرات المعاصرات بالتعبير عن تفاصيل الحياة و الهموم اليومية و الذاتية و المسائل الوطنية و القومية، بروح تواكب العصر دون أن تـتـخلـى عن جذورها الشرقية الأصيلة .

قـال الشـاعـر عـلـي الـشـرقـاوي مـن الـبـحـريـن : " اذا كان المبدعون من ذهب لأنهم نادرون فالمبدعات من ألماس فهن أكثر ندرة " .

تـتـناول السيدة بديعة كشغري في شعرها قضايا عديدة عبر تيارات فلسفية و وجدانية و تنطلق من خلال وعيها بوظيفة الشعر الأساسية من حيث كونه :
انفـتاح على الذات و رصد للعواطف و تأمل للعلاقة مع الآخر ، و استشراف للمستقبل .
و هي تصوغ رؤاها الشعرية في أنماط فنية تختلط فيها زفرات الألم و المعاناة الأنثوية مع صيحات التمرد على الواقع ، كما تمتزج فيها الألوان و الصور بشذى العطر النسائي مثل قصيدتها ما أتيتك كي أمضي :
" حورية أنا / تأتيك من خلف السماوات/ تأمرك أن تخرج من تمثال وقتك ...الخ ..."
لكن يتميز شعر كشغري بالرؤية التفاؤلية رغم كثافة المعاناة ، فهي تحاول دائماً رسم صفحة مستقبلية بيضاء في خاتمة القصيدة ، كما ينفرد بخصوصية القدرة على رصد المشاعر الإنسانية في تأرجحها بين القوة و الضعف و بين الصلابة و الهشـاشـة .

و قد احتلت " ثنائية الرجل و المرأة " مساحة جيدة من شعر كشغري حيث تناولتها من محاور مختلفة إجتماعيا و ثقافيا
و تاريخيا و حتى لغوياً و نحوياً مثل قصيدة ذاكرة الحلم :
" لماذا ينعتني ضمير مستتر ..الخ .."

و في قصيدة بين حواء و آدم : " أنا مثلك في البدء كنت / تسعاً حملت / مخاضا صرخت ..الخ .." و المقطع :

" حين اتيتك ما كان يعنيني حذفوا ألف التأنيث أم في تائها ربطوني "
هكذا يتركنا شعر بديعة كشغري مع انطباعات متباينة و يستفز مخيلتنا الجمالية و الرؤيوية .


ســيـرتها الذاتـيــة


الأســم الكامل و اللقب : بـديـعـة داود كـشــغـري
تـاريـخ الـميلاد : 25 / 12 / 1951
مـحل الـميلاد : مدينة الـطـائـف - الـمـمـلـكـة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة
الـجـنـســيـة : ســعـوديـة
الـمـنـشـأ : من مواليد الطائف - قضت السنوات الأولى من حياتها بين الطائف و جدة و حتى إنـهـاء المرحلة الجامعية ، ثم انتقلت إلى الظهران للعمل بشركة أرامـكـو السعودية منذ عام 1978 م .

الـمـؤهـل الـعـلـمـي :

- بكالوريوس آداب اللغة الإنجليزية : جامعة الملك عبد العزيز بجدة - عام 1977 م.
- حضرت الدورات العديدة المتخصصة في تدريس اللغة الإنجليزية و الترجمة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ، بريطانيا و أسبانيا .
- أكملت دورات تدريبية متعلقة بالإدارة و تطوير الكفاءات المهنية من خلال عملها بأرامكو السعودية .

الـوظيفة : عملت محررة بقسم النشر العربي التابع للعلاقات العامة بشركة أرامكو السعودية و ذلك منذ عام 1989 م .
و كان عملها يشمل التغطية الصحفية و تدقيق النصوص و كتابة المقالة الاجتماعية و الترجمة العلمية و التقنية و ذلك من خلال الإسهام عبر مطبوعات ثلاث يصدرها القسم، هي :
مجلة القافلة (شهرية) ، مجلة الحصاد ( فصلية ) و جريدة قافلة الزيت ( أسبوعية ) .

الـخـبـرات الـسـابقـة في مجال العمل الوظيفي :

- مدرّسـة لغة عربية ( قبل و أثناء الدراسة الجامعية ) بمدارس الرئاسة العامة لتعليم البنات بالطائف و جدة ( 1968 - 1976 م ) .
- مدرّسـة مزدوجة اللغة بمركز تدريب الموظفات الصناعي بأرامكو ( 1978 - 1982 م ) .
- مستـشـارة تدريب بإدارة التدريب بأرامكو ( 1982 - 1983 م ) .
- مديرة مركز تدريب الموظفات الصناعي بأرامكو ( 1983 م ).
- مدربة صناعية و أكاديمية بوحدة تطوير الموظفين - إدارة التدريب بأرامكو (1983 - 1984 م ) .
- كاتبة مناهج و امتحانات، بإدارة التدريب بأرامكو - قسم تطوير المناهج الأكاديمية (84 -1989 م).
- محررة بوحدة النشر باللغة الإنجليزية بأرامكو ( 1993 - 1995 م ) .

الخبرات في مجال العمل التطوعي ( ثقافياً و إعـلامياً ) :

- عضو سابق و رئيس بجماعة الناطقات باللغة العربية بالظهران ( 1982 - 1987 م ).
- عضو بجماعة الخطابة العالمية بالظهران
- ساهمت في كتابة زاوية أسبوعية بجريدة عكاظ من ( 95 - 1996م ) ، و زاوية بعنوان : " إيقاعات امرأة " بمجلة " اسـتـجـواب ".
- تشارك في ندوات و حوارات إذاعية بالإذاعة السعودية .
- تساهم في كتابة مقالات متفرقة للصحافة المحلية .

الإصدارات و الأمسـيـات الشعرية :

- لها ديوان مطبوع ( الرمل إذا أزهر ) ، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات و النشر ، بيروت - يناير 1995 م ، 114 صـفحة .
- ديوان مطبوع ( مسرى الروح و الزمن ) ، صدر عن دار الكنوز الأدبية ، بيروت 1997 ، 126 صفحة .

- ديوان مطبوع بمطابع الرافد - لندن ( إيقاعات إمرأة شرقية ) ، صدر عن دار البيان – ماربورغ – ألمانيا ، باللغتين العربية و الألمانية ، 1998 ، 137 صفحة .


قصائد مختارة


مــا أتــيــتــك كــي أمــضــي

حـوريـةٌ أنـا تـأتـيـك مـن زفـراتِ الـسـحـابِ
مـن خـلـف الـسـمـاواتِ
تـأمـرك أن تـخـرج مـن تـمـثـال وقـتـك
كـي تـبـصـر الـلـه و الـغـيـبْ . . .
تـكـتـب فـوق الـمـآذن لـعـنـاق الـروح عـهـداً
وابـتـهـالا لآدم الـجـنـة
الارض و الـمـلـكـوت
حـوريـةٌ . .
فـعـانـق ســنـبـلـتـي
وازفـر زفـرتـي ،
واسـتـرح عـلـى تـجـاعـيـد الـروح و الـطـيـن
كـي تـبْـصـرَنـي
و حتـى تـطـلـع الـوردة مـن نـخـيـل الـرمـال
و مـن أكـمـام الـيـمـام
هـا هـنـا يـلـقـاك فـي قـلـبـي الـغـمـوض الالـهـي
تـأتـيـك الـروح مـن لـغـة امـي و ابـي
كـمـا تـحـاذي كـيـانـك غـصون أطـفـالـي
لـحـرائـق كـهـفـك ،
تـفـيء بـفـضـاء صـدري الـمـسـافـاتُ ،
مـا بـيـن الـمـاءِ و الـنـارِ
و الـنـارِ و الـمـاءِ
و الـحـجـر . .
حـوريـةٌ ،
تـرفـل جـذور خـطـوي فـي الـتـربـة الابـديـة
مـا أتـيـتـك كـي أمـضـي . . .
لـخـشــوع الـشـمـس احـلامـي
و صـلـواتـي لـنـبـؤات الـعـهـود
الـتـي جـاءت
و لـم تـأتِ .
عـمّـان - اسـطـمـبـول 3 أغـسـطـس 1993 م


ذاكــرة الـحـلـم

واقـفـةً - ما زلـت - عـلـى مـفـتـرق الـعـمـر
و مـرســاتـي تـنـزف أيامـا لا كـالأيـام
رافـضـةً - كـنـتُ
لأرقـام تـســقـطـهـا الـســاعـات عـلـى زمـنـي .
تـرى هـل يـأتـيـنـي صـوتـك يـومـا
هـل يـفـتـرشُ الـدمـعُ ســحـابَ دمـي . . ؟
* * * مـشــرعـة الأنـفـاس أنـا عـدت لأشــجـار الـلـيـلِ . .
و زهـر الـرمـل . ادخـل في تـكـوين الأنـهـارْ . . .
أبـحـث في قـامـوس الـبـدء و قـامـوس الـفـعـلِ
و سِــفْـرِ الأشـعـار . تـنـداح شـظـايـا مـوجـك ،
أوراقُ حـقـولـك . . كـصـهـيـل الـغـربـة تـمـزجـنـي .
مُـهـرة قـلـبـي تـتـخـطـى الأسـوارْ . .
* * *
هـو ذا فـحـم الأعـراس يـخـاطـب بـرقـي . .
هـنـا شــيء مـن نـور يـتـنـضـح فـي الأحـشـاء ،
هـنـاك حـفـيـف ســنـابـل ، ريـاحٌ . . . أمـطـارٌ ،
ألـثـم نـكـهـتـهـا فـتـســلـمـنـي لـلأرضْ .
لِـمَ يـنـعـتـنـي ضـمـيـر مـســتـتـر و أنـا الـحـاضـرةُ ،
الـمـتـحـدثـة بـايـقـاع الـشـرقِ و مـيـقـات الـنـبـض /
عـن أغـنـيـتـي
إسـأل أفـلاكـي ، فـأنـا لا أخـرج مـن دائـرة ،
الا كـي أدخـل فـي أخـرى لـلـعـشـقْ .
* * *
هـا هـي ذاكـرة الـحـلـمِ ، كـتـرجـيـع الـلـحـن
تـدثـرنـي بـمـيـاه الـغـيـب ، كـفـاكـهـة الـســدرِ
تـضـمـخـنـي . . أدنـو مـن وجـهـك
يـسـتـدنـيـنـي سـيـفـك أدنـو مـن حـراس الـبـرِ
يـجـاهـرنـي حـراسُ الـبـحْـر ، أذاكـرتـي يـغـشـاهـا غـمـام
كـجـمـوح الـتـكـويـن ضـبـاب يـنـسـل . .
كـثـائـرة الـريـحِ جـيـاد الـنـشـوة تـسـبـقـنـي
تـتـقـدم . . تـقـبـل ت ت ر ا جـ ع . . تـرحـل
يـخـفـت نـجـم الـعـمـر . . .
يـتـوارى صـوت الأغـنـيـةِ الأولـى ، يـنـطـفـيء اســمـي . .
و هـذا الـواقـف خـلـف حـدودي يـحـدّق فـي صـمـتـي
و في رسـمـي ،
و أنـا أعـلـن أنـي أتـلـفـع بـخـزامـى الـوردْ ،
بـنـخـيـل بـلادي أتـخـضـبُ ، بـهـجـيـر الـلـيـل الـمـنـسـكـبِ بـبـيـداء الـوجـد .
* * *
مـجـفَـلـة الـخـطـوِ ، مـجـرحـة الأضـلـع مـاضـيـةٌ . . .
قـد يـبـكـيـنـي الـزمـن الـضـائـع
قـد يـكـسـر وعـدي قـد يـبـعـدنـي او مـن مـحـراب رمـالـك
قـد يـخـرجـنـي لـكـنـي . . مـتـوَّجـةٌ
بـنـشـيـدك قـد عـدت مـعـلـنـةً أنـي
أبـحـث عـن زمـنـك يـا وطـنـي . .
فـمـا زالـت مـهـرة قـلـبـي الـمـحـزونِ ،
تـضـيء . . تـضـيء بـذاكـرة الـحُـلـمِ .
الـظـهـران - اكـتـوبـر 1991 م


بـيـن حـواء و آدم


إنـي أتـيـتـك لا مـن سـكـونـك او سـكـونـي
مـن قـمـةِ عـقـلـي - ربـمـا - أو مـن قـاعِ جـنـونـي
مـن طـقـس أمـطـاريَ - لا - بـل مـن صـحـو غـيـومـي
أتـيـتُـك لأقـولَ " كـنْ "
فـهـل تـعـرفُ مـعـنـى أن تـقـولَ " كـونـي " . . . ؟
** ** **
يوم أتـيـتـك كـانـت لـي قـضـيـة . . و كـنـتَ أنـتَ الـدمـعَ / الـكـحـلَ فـي عـيـنـيّ تـوقـده فـتـخـضـر الـنـيـازكْ
وهـبـتـك إنـسـانـيـة أنـثـاي و أنـت تـزف الـي حـواء بـدئـكَ كـتـواشــيـحِ نـاسـكْ
أنـا مـثـلـك - فـي الـبـدءِ - كـنـتُ
تِـســعـاً حُـمِـلـتُ مـخـاضـاً صـرخـتُ
الـى دنـيـايَّ بـعـيـنـيـن مـغـمـضـتـيـن جـئـتُ
لـمـاذا واحـد مـنـا . . يـكـون الـضـحـيـة ؟
** ** **
حـيـن أتـيـتـك مـا كـان يـعـنـيـنـي
مـا قـالـه الـرواة عـلـى امـتـدادِ الـقـرون
تـلـوتـك غـصـنـاً تـبـاركـه الـسـنـابـلْ . .
تـفـاحـة عـشـقٍ تـرتـلـهـا الـحـنـاجـرْ . . .
وهـنـاً و عـبــئـاً حـمـلـتـك تـســعـاً
حـمـلـتـك فـصـلاً . . و مـوجـاً يـسـافـرْ
فـأيـن " ابـنُ آدم " عـصـفـور جـوى . .
يـغـرد صـوتـيّ قـبـل اجـتـيـاحِـه
أيـن " ابـنُ آدم " . . فـي بـوحـي ســرٌ . .
و فـي سـريّ بـوحُ جـراحِـه ؟
** ** **
يـوم جـئـتـك مـا كـان يـعـنـيـنـي
أن أكـون دونـك أو تـكـون دونـي
مـكـرُ حـواءَ - أم كـيـد ظـنـونِ ،
مـا كـان يُـلـغـيـنـي . . .
حـذفـوا " ألـف الـتـأنـيـث " أم فـي " تـائـهـا " ربـطـونـي يـنـبـثـق حـضـوري مـن صـوتـي
لا مـن " ألـف . . تـاء " - نِـسْــويـةٍ - او " نـونِ "
لإنـشـدك صـبـاحـاً عـذريـاً جـئـتُ . . لـن يـثـنـيـنـي . . .
ســكـنٌ دونـي يـصـك بـأقـبـيـة الـحـريـم
سـيـظـل صـهـيـلـك فـي قـافـيـتـي
كـرجـع الـلـحـنِ يـسـتـبـق أنـيـنـي
** ** **
يـا فـجـر فـاتـحـتـي و شــعـار حـدســي . .
الـيـوم جـئـتـك كـي أنـاجـي فـيـك نـفـسـي
و أحـرر الـغـدَ الـمـقـبـلَ مـن جـهـلِ أمـسـي
لأنـك أنـت " الأنـت " يـومـي و غـدي . .
و عـيـنـاك حـقـلـي و شـمـسـي
بـأنـسِ بـوحـك تـوَّجـتُ مـمـلـكـتـي
لـتـعـودَ كـمـا كـنـتَ . . عـلـى ارضِ يـقـيـنـي
عـلـى دفـتـر الـعـمـرِ هـتـفـتُ " كُـنْ "
فـهـل تـعـرفُ مـعـنـى أن تـقـولَ " كـونـي " . . . ؟
بـوسـطـن - الـظـهـران يـولـيـو - أغـسـطـس 1988 م



بـيـن نـقــتــطــتـيـن


مـن نـقـطـة نـاديـت
هـكـذا كـانـت بـدايـات الـكـلامْ
كـان فـي الأرض
مـفـازةُ عـشـقٍ
غُـصـنُ زيـتـون
و أسـرابُ حـمـامْ
غـيـر أنـي كـنـتُ طـيـراً
كـل فـجـرٍ
يـنـبـتُ الـتِـسْـآلُ فـي جـانـحـيـهِ
كـان حـرف الـضـوء ،
يـعـزف شــدوي
يُـشــعِّـلـهُ
هـديـرُ الـعـنـفـوان
مـن نـقـطـة شـكٍ : عـدتُ
أخـرجُ مـن أوزار دمـي . .
كـي أدخـلَ فـي أروقـة جـنـونـي . .
لـم أك أعـلـم ، أنّ الـضـوءَ أحـقـابٌ تـوارتْ . .
( قـاصـرةٌ هـي الـرؤيـا . .
أم هـي الأمـداء غـابـت بـي ،
ثـم عـادتْ . . فـتـنـاءت
بـيـن روحـي و ظـنـونـي . . ! )
هـي ذي أجـنـحـتـي تـتـراقـص فـي مـنـحـدرٍ . .
تـسـافـر بـارتـداد نـحـو " الـمـبـتـدا "
تـصـطـفـي الـتـحـنـان مـن شـجـر الـكـلام . .
غُـثـاءُ الأرض يُـقـصـيـنـي . . .
و رمـاحـي تـتـهـاوى فـي دركٍ
تـتـلـبّـسـنـي تـلالُ الـنـسـيـان
يـسـألـنـي كـونـيْ أن أدخـل دورتـه
أن أتـخـفّـف مـن شــجـنـي ،
مـن أنـفـاسٍ ثـقـلـت بـعـصـيِّ الأيـام
يـا تـلـك الـرؤيـا ،
أعـيـدي الـضـوء الـمـأسـور لـعـيـنـي
دعـيـنـي ، أرشـفُ مـن خـمـرةِ سـدرتـك الأولـى
أعـيـديـنـي لـسـربٍ يـشـهـد فـاتـحـتـي
و بـصـدر الـمـشـهـدِ : غـنـيـنـي . .
ســنـبـلـةً تـخـرجُ مـن ألـف مـدى
مـلـحـمـةً تـسـكـن فـي أقـصـى الـعـتـمـاتِ ،
و أقـصـى ذاكـرةٍ لـلأوطـان . . .


تـســبــيــح


صـحـوتُ الـيـومَ
وجـدتُ الـكـونَ فـيّـاضـاً يـغـنّـي . .
ســألـتُ " لـمـاذا . .
ومـا أدرك لـيـلـي . . ؟ "
فـأجـابـنـي
" الـطـفـل " الـذي فـي الـحـنـايـا
و قـال : هـو يـومـي . .
فـدعـيـنـي أبـكِ و أصـلِّ . .
فـي يـديـكِ تـرانـيـم وقـتـي
فـاشـربـي مـن مـائـه مـن طـيـنـهِ
شــكِّـلـيـنـي . .
حـيـنـمـا أهـزج كـالـعـصـفـور
لا تـنـهـريـنـي . .
دعـي الـنـور الـشــفـيـفَ
فـي قـلـبـكِ يـخـتـالْ . .
قـلـتُ : ســبـحـانـكَ ربـي . .
مـا أعـظـم شــأنـكَ
حـيـن يـغـمـرنـي فـيـضُ نـورك . .
مـا أهـونَ شـأنـي . . !


الـتـحــام


تـعـال الـى الـلـحـظـة
الـتـي يـتـســلـل فـيـهـا الـشــفـق
الـى لـغـتـي لـكـي أزرعـك فـلـكـا يـاقـوتـيـا
يـجـري فـي وهـج بـذوري و أمـواج أوردتـي
و كـنـقـاء الـغـيـم الـمـمـطـر
بـأهـازيـج الـروح دعـنـا نـتـدثـر فـي غـلالـة
الـمـاورائـيـات
لـنـعـود فـنـبـكـي مـع الـبـلابـل
و نـلـتـحـم بـصـلـوات الأطـفـال . . .
قـبـرص - 25 ديـسـمـبـر 1991 م


حـديـث الـقـمــر

الـقـمـر الآن يـفـاجـئـنـي
يـطـل عـلـى شـرفـاتـي . .
يـسـألـنـي أن أتـلـمّـسَ فـي الـعـتـمـةِ وجْـهَـهْ
أن أتـفـيّـأ ظـلاً مـن أفـق يـمـتـد بـبـرزخِ عـمـري . .
أو أنـسـج فـي فـضـتـه . . شـيـئـاً مـن أشـلاء شـتـاتـي . .
أحـاور قـمـراً يـتـبـدّى خـلـف مـرايـا الـتـكـويـن
يـوغـل نـظـري فـي دورتـه الـحـافـلـةِ
بـسـرٍّ مـن ذاتـي تـوغـل أحـزان الـروح
بـكـثـبـان تـزحـف لـلـمـجـهـول . .
أدخـل فـي أروقـة الـتـشـريـع الآخـر . .
حـمّـى الـلـيـل تـدق بـرأسـي نـاقـوسـاً
يـنـقـر مـرآتـي . . لأسـافـر فـي حـقـبٍ . . أعـوامٍ
مـن سـيـرة ذاكـرة أولـى . .
لا نـدركـهـا إلاّ فـصـلاً يـأتـي لـيـزول . .
هـو الـزمـن الـمـتـقـلّـب فـي زحـف رؤاه . .
فـيـمـا يـأخـذه مـن حـبـر دمـانـا . .
فـيـمـا يـمـضـغـه مـن عـشـب خُـطـانـا
أو مـا نـغـدقـه إيّـاه : تـجـعـيـدة حـرفٍ
أو قـافـيـة لـنـعـود فـنـلـمـسـهـا . .
في وجـه الـريـح حـطـامـا و ركـامـاً . .
يـا قـمـري الـمـاسـيّ الـمـؤتـنـس بـأخـضـر عـمـري . .
يـا ضـوءاً يـتـكـسّـر فـوق سـراب الـطـرقـات
يـا صـمـتـاً عـاجـيّـاً يـدركـنـي مـن شـهـوة مـيـلادي
حـتـى عـشـبـةِ قـبـري . . .
ازرعـنـي فـي أعـطـافـك زمـنـاً لا يـخـبـو . .
أو فـي لـيـلـك قـنـديـلاً مـوسـومـاً لـلـسـهـر . .
دعـنـي أصـهـلْ . . و أصـلّـي يـا قـمـري . .
أتـهـجّـد فـي صـومـعـة الـلـيـلِ الـمـخـبـوء بـروحـي
أشـتـقُّ لـنـفـسـي لـغـةً تـهـمـي . .
بـتـراتـيـلِ الـفـردوسِ الآتـي . .
الـشـارقـة - إبـريـل - 1997 م


مـن أجـل زمـن آخــر


كـم مـن مـراتٍ قـالـت أمـي :
لـيـتـك " ولـداً " كـنـتِ
يـابـنـتـي . .
تـعـبـتْ عـيـنـاي مـن الـركـضِ
ورائـك . . جـلـجـلـة الـرفـضِ
بـأجـوائـكِ
ســاقـتـنـي إلـى حـرجٍ مـشـبـوه . . !
* *
أضـافـت أمـي واعـظـةً : الـقِ بـعـيـداً عـنـكِ
هـمـوم الـدنـيـا يـابـنـتـي . .
وارضي بـالـمـقـســومِ مـن الأزواجِ أو الـخـيـراتْ . .
كـونـي مـثـل بـقـيـةِ خـلـق الـلـه
دعـيـنـي أفـرح فـي عُـرســكِ أمـنـحـكِ الـبـركـاتْ . .
قـلـت لأمـي و الـدمـع يـغـالـب عـيـنـي :
هـي الـدنـيـا : أفـلاكٌ و مـداراتُ . .
أخـذتـنـي بـعـيـداً غـربـاً . . شــرقـاً
خـلـف خـطـوطِ الـطـولِ خـطـوطِ الـعـرض . .
و شـمـالاً و جـنـوبـا . . لـكـنـي يـا أمـي . .
( أيـنـمـا ولــَّيـت وجـهـي . . )
حـرفـي يـخـتـنـق كـثـيـراً يـقـولـبـنـي إعـصـاراً
يـجـتـاحُ ســكـونـي زيـفُ الـحـلـمِ
يـحـوِّل نـبـضـي صـوتـا أو نـايـاً مـكـســوراً
حـرفـي يـا أمـاهُ شــراعٌ يـبـحـرُ فـي أنـواءِ غـيـومـي
فـلـتـشــهـد دنـيـاي بـأنـي . .
لـن أتـخـلـى عـن رفـضـيِ عـن صـوتـيِ الـطـامـعِ
فـي " الـزمـنِ الآتـيِ " لـن أرضـى عـن زمـنـي الـضـائـع . .
و ســتـبـقـى ســمـائـي تـزرع فـي رحـمِ كـيـانـي
أقـمـاراً تـجـلـونـي . . بـشـارة خـيـرٍ فـي بـيـدائـي . .
أسـتـهـديـهـا نـجـمـاً . . نـجـمـاً
و مـنـاهـلَ خـصـبٍ حـتـى يـتـخَـلـَّقَ يـومـاً " زمـنٌ آخــرْ " . . . !
الـظـهـران - 19 ديـســمـبـر 1996


هـزيـمــــــة


لـو كـان بـوســعـي
أن أمـنـع أشــعـة الـشـمـس
مـن اخـتـراق
زجـاج نـافـذتـي . .
لـمـا وقـفـت مـهـزومـة
أمـام الـبـلـبـل
الـذي حـط عـلـى
أشــلاء كـتـفـي
و نـاشــدنـي
الـدخـول مـعـه
فـي ســمـفـونـيـة الـتـحـلـيـق
و الـغـنـاء . . !
ديـســمـبـر 1993 م


سـأعـيـد تـكـويـن الـكـلام


في أولِ الـتـكـويـنِ يـنـبـجـس الـفـضـاء
فـي آخـرِ الـتـكـويـن تـنـفـطـرُ الـبـدايـة
هـل مـن مـكـان لـلـسـفـر ؟
هـل مـن كـلامٍ غـيـر هـذى الـريـح
تـأتـزر الـفـنـاء . . أيـن اتـجاهـاتُ الـنـهـايـة ؟
الـظـل أزمـنـةٌ . . تـبـاريـحٌ تـؤجّـجـهـا خُـطـايْ
و الـخـطـو يـمْـتـح مـن جـراح الـلـيـلِ
فَـرْسـخـهُ أخـتـار فـجـراً ربـمـا . .
لـكـنّـه لـيـلٌ خـطـاه تـئـن فـي غـسـقـي
فـتـضـيـع قـافـيـتـي و عـشـقـي
و يـضـيـع تـكـويـنـي مـا بـيـن تـسـويـفٍ . . .
وعـودٍ تُـحـاصـرهـا اضـطـرابـات الـروايـة .
هـي صـرخـتـي فـتـنـبّـهـوا . .
فـأنـا سـأنـثـر حـفـنـةً مـن وهـجـهـا . .
و أمـسُّ وجـه الأرض بـالـمـلـح الـقـديـم . .
سـأعـود لـلأمـداء أفـتـرش الـسـديـم
و أمـرّ بـك - يـا جـلـجـامـش الـمـنـحـوت -
في شِـعـري و بـزهـرةٍ فُـتـن الـرواة بـهـا . .
سـأعـيـد تـكـويـن الـكـلامْ
و أعـيـد تـرتـيـب الـحـكـايـة
و أعـيـد لـلـقـلبِ الـمـعـلّـقِ خـفـقَـهُ . .
بـيـن اخـتـلاجـات الـمـصـيـر و بـيـن جـلـجـلـةٍ
تـراودهـا الـبـدايـة و الـنـهـايـة . .


نــزف


تـنـزف الـجــراح
شــهـبـاً دمـويـة
ألـمـلـمـهـا
عـلـى أصـابـعـي
الـى أن يـأتـي
فـجـر الأطـفـال
فـيـحـوّلـهـا
الـى لآلـىء
تـتـغـذى عـلـى رحـيـقـهـا
جـيـاد الـرحـمـة فـي أقـاصـي
الأنـيـن الـبـشــري . .
الـظـهـران - فـبـرايـر 1994 م


نـجــدة


تـنـزلـق قـدمـاي
فـي مـجـاهـيـل مـسـتـنـقـعـات
تـشـبـعـت بـالـعـفـن . .
فـاســتـنـجـد
بـشــهـيـق رئـتـيـك
كـي يـضـمـّـد
مـا عـلـق بـالـلـســان
و الـذهـنِ
مـن طـحـالـب . . !


غــيـــاب

لـم تـكـن غـائـبـا
فـي الأســبـوع الـمـاضـي
لأن وجــهـك
كـان يـسـكـن
بـيـن عـيـنـيَّ و الأفـق
نـوفـمـبـر 1992 م


غَـضْـبـى

غَـضْـبـى حـيـن اطـل عـلـيـك
لا تـفـزع مـن غـضـبـي
دعـنـي أبـحـر فـي عـيـنـيـك
دعـنـي اهـرب مـن تـعـبـي
انـي حـيـن تـخـاطـبـنـي عـيـنـاك . . .
لا أعـرف كـيـف يـغـادرنـي
غَـضَـبـيِ . . !
* * *
غَـضْـبـى . . قـد اصـل الـيـك
لا تـنـكـر غَـضَـبـي
خـذه الـى ضـفـة نـهـر عـذب لـمـلـم دمـعـي
اســتـقـريء وجـعـي حـاول ان تـتـحـسـس نَـبْـضـي
فـأنـا حـيـن تـهـدهـدنـي أمـواج يـديـك
يـتـحـوّل نـسـريـنـاً غـضـبـي . .
يـصـبـح انـشـودة فـرحٍ تـرنـيـمـة حـزنٍ
تـرقـص فـي طـرب . . .
سـان فـرنـسـيـسـكـو يـولـيـو 1989 م


احـتـفــاء


عـنـدمـا أنـشــدتـنـي طـيـورك تـحـت خـريـر
شــرايـيـنـي ، احـتـفـيـت بـصـوتـي
كـمـا احـتـفـى الـصـمـت بـي . .
لـنـبـض غـيـومـك . . قـلـبـي ،
الـى حـنـو الـوريـد نـفـرّ ،
و الـمـاء فـحـم فـضـيّ و قـد نـاشـدتـك أن تـكـون .
* * *
الـظـهـران - يـولـيـو 1993 م


رســالـة خـارج الـزمـن


حـيـنـمـا تـنـفـلـت دقـات الـسـاعـة مـن يـدي
و تـتـفـســخ الأهـلـة فـي دورانـهـا ،
و يـطـل الـجـرح مـن عـمـق الـلـيـل
الـمـتـكـسـر فـي جـسـدي
الـجـأ الـى عـيـنـيـك : اقـتـات مـن هُـدُبـهـمـا ،
و اصـنـع مـن وهـجـهـمـا ، وشـاحـاً
يـعـيـد مـعـي تـشـكـيـل خـارطـة
الارض و الـزمـن . . .
* * *
حـيـن يـطـول الـسـفـر و تـدق نـواعـيـر الـبـنـادق
فـوق الـعـظـام و يـشـيـع الـصـدأ
فـي اوراق الـكـتـب و تـوابـل الـجـيـاع
أتـجـه الـى قـلـبـك : اتـوضـأ مـن رحـيـق إيـقـاعـه ،
انـثـر عـلـى الارض شـيـئـاً مـن تـمـتـمـاتـه ،
كـي تـمـنـحـنـي غـيـمـة تـجـلـيـاتـهـا . . .
و يـمـنـحـنـي الـكـون رقـعـة مـن الـحـب و الـسـكـون !
* * *
حـيـنـمـا تـحـزن الارض بـمـا حـمـلـت مـن مـعـاصٍ
و يـكـتـظ صـدري بـكـثـافـة الـغـربـة
و تـعـوي الـريـح فـي ارجـاء الـمـكـان . . .
اتـجـه الـى روحـك : اعـتـكـف فـي مـحـرابـهـا
و احـتـرف الـعـشــق الـصـوفـي مـثـل نـورس حـزيـن
يـحـلـق فـي مـلـكـوت الـشـوق !
حـيـن تـحـاصـرنـي الايـام بـوجـهـهـا الـمـمـسـوخ الـقـسـمـات . . .
و يـحـاصـرنـي الـبـشـر بـأقـنـعـة الـزيـف . . . و وحـشـيـة الـخـداع
انـاديـك مـن خـلـف صـقـيـع الـصـمـت
و مـن خـلـف اكـداس الـجـثـث الـمـسـتـبـاحـة
عـلـك تـشـرح لـي لـعـنـة الـكـبـو و تـشـاطـرنـي وجـع الأغـنـيـات . . .
عـلّ صـوتـك / الـبـوح يـنـضـم الـى صـوتـي
مـعـانـقـاً زفـرات الاسـئـلـة . . . عـلـّـنـا مـعـاً
نـتـخـلـص مـن اسـر الاجـابـات الـخـاسـرة !
* * *
انـت يـا أنـا . . . حـيـنـمـا يـشـتـد الـعـتـم
و تـجـف أنـهـار عـروقـي تـنـاديـك احـداقـي
لـتـبـدد غـلائـل الـظـمـأ فـي صـهـيـل كـبـريـائـي
عـلّ قـلـبـيـنـا يـنـهـضـان مـعـاً
لـمـواجـهـة هـذا الـتـعـب الازلـي
فـي تـواتـرات الـصـحـو و الـكـمـون !


حـيـن تـرحـل


حـيـن تـرحـل تـتـضـاعـف مـراكـز
الإحـسـاس فـي خـلايـا دمـاغـي
فـتـزداد قـوة ســمـعـي بـصـري
و تـتـولـد لـدي حـواس جـديـدة
أكـثـر رهـافـةً أكـثـر إدراكـاً
فـأسـتـطـيـع أن اسـمـعـك أن اقـرأك
أن اكـتـبـك كـمـا لـم أفـعـل مـن قـبـل
و فـجـأة . . . يـتـحـول لـيـل غـيـابـك
فـي عـرش الـذاكـرة الـى حـضـور بـهـي
احـتـمـي بـدفـئـه و اخـتـبـيء
تـحـت عـبـاءتـه كـقـبـرةٍ
تـبـحـث عـن عـشـهـا
30اكـتـوبـر 1982


عـيـنـاك فـاتـحـة لـوقـتـي


يـا رجـلا أضـاء بـوهـج الـهـوى
تـخـوم ســواحـلـي عـيـنـاك بـحـر عـاصـف
يـلـوذ بـمـوجـه خـطـوي الـلاهـث . .
لـشـعـاع أفـقـه تـؤجـجـنـي ارتـجـافـات زلازلـي
* * *
عـيـنـاك يـا رجـلا هـويـتُ نـهـران مـن طـيـب فـهـل ذوّبـت
فـي عـبـيـرهـمـا نـفـاس أنـاتـي كـي يـسـتـفـيـقَ الـصـبـحُ فـي الأمـداءِ
فـي نـبـض الـمـشـاعـلِ تـسـتـفـيـق مـسـائـلـي ؟
* * *
عـيـنـاك يـا نـوراً عـشـقـتُ نـجـمـتـان تـأتـلـقـان فـي سـكـنـاتِ الـنـفـسْ
تـهـتـف فـي صـبـاحـاتِ الـعـمـر كـوشـوشـات الـمـاءِ لـلـحـقـلِ
و الـيـومِ لـلأمـسْ : ( أيـعـيـدنـي الـتـاريـخُ
أغـنـيـةً لـهـمـهـمـات الـطـيـرِ و الـبـحـرِ . . . ؟
أتـبـذرنـي لـبـوحِ الـطـقـوسِ ارتـعـاشــاتُ خـمـائـلـي ؟ )
* * *
عـيـنـاك يـا أمـلا رعـيـتُ وشـاح رجـاء و فـيء
بـحـدقـاتـهـا تـضـيء خـيـالات أكـوانـي
يـحـاورنـي ضـجـيـج الـصـمـت فـي مـرآتـهـا
كـالافـقِ الـمـضـمـخِ بـانـثـيـالِ ألـحـانـي . .
عـيـنـاك فـاتـحـة لـوقـتـي
( هـمـا لـلـقـلـبِ و الـروحِ عـيـنْ و لِـعَـيْـنَـيَّ حـلـمْ )
فـيـا رجـلا أضـاء بـوهـج الـهـوى
تـخـوم سـواحـلـي هـلا احـتـوت عـيـنـاك
خِـضـمّ مـدائـنـي و جـزائـري . . ؟
الـظـهـران يـولـيـو 1984 م


تـســاؤلات


لـمـاذا تـتـخـثـر الـدمـوع فـوق قـسـمـاتـنـا . .
و يـتـحـول قـنـديـل الـروح الـى حـرائـق فـي عـروقـنـا . .
لـمـاذا ؟ - حـتـى الـدمـاء - يـتـغـيـر لـونـهـا
فـي شـــرايـيـنـنـا . . لـمـاذا كـثـافـة الـســواد
أكـبـر مـن كـثـافـة الأفـق . . . و لـطـخـات الـمـعـانـاة تـصـادر لـون الـشــفـق . . ؟
جــدة - 1975 م


قـالـت نـاطـقـةً بـاسـم الـروحْ


بـيـداءُ الـروحِ اشـتـعـلـتْ
مـن نـقـطـة حـزنٍ فـي عـمـقـي
هـطـلـت شـعـراً و وعـوداً شـلالَ حـنـيـنٍ فـي أفـقـي . .
قـلـتُ لأشـيـائـي انـهـمـري اشـتـعـلـي
واسـقـيـنـي بـرداً . .
قـالـت نـاطـقـةً بـاسـم الـروحْ :
سـأنـتـثـر الآن و أهـمـي . . أتـفـجّـر بـرقـاً
أو رعـداً و سـيـعـلـو تِـصـْـهـالُ جـيـادي
لـن أخـشـى جـزراً أو مـدّاً . . قـلـتَ أيـا بـحـراً إنـي . . أثـبـاجـكَ
تـعـصـف فـي الأمـداءْ فـلـتـشـهـد أنـي لـدفـقـكَ إعـصـارٌ و مـدارٌ لـلأنـواء . . .
و لـتـشــهـدْ أمـواجُـك أنـّكَ مـمـلـكـتـي الـكـبـرى
وأنّ لُـجـاجَـكَ دومـاً : صـهـوة عـشـقـي . .


زوايـا حـصــار


يـحـاصـرنـي هـذا الـنـفـاق الـمـبـجّـل
فـي زوايـا الـمـكـان . . كـلام هـنـا رغـم أنـفـك . .
هـنـاكَ سـؤال صـفـيـق . . جـواب يـنـحـنـي . .
و ألـسـنـةٌ مـن دخـان . . ( كـل زاويـة هـنـا عـجـزٌ مـجـلّـل )
يـجـسّـد كـابـوس هـذا الـمـكـان / الـزمـانْ
أنّـى ذهـبـتُ يـحـاصـرنـي وجـه لـه ألـف شـكـلٍ و صـورة
و أنّـى قـرأت : كـلامٌ نـشـاز عـديـم الـحـضـور . .
و أنّـى مـشـيـتُ وضـعـتُ خـطـاي : تـحـاصـرنـي فـي الـظـلالْ .
دهـالـيـز مـجـدٍ تـلـيـد يـجـر سـحـيـق عـصـوره . .
بـقـايـا اعـتـلال : تـعـشـعـش فـي ألـف رأسٍ و بـؤرة .
الـمـكـان هـنـا : يـسـرق خـضـرتـي عـنـوةً
الـمـكـان هـنـا : حـالـة مـن فـصـام . . الـفـصـام : أنـا أم هـو . .
كـلانـا يـفـر بـجـرعـة إثـمٍ تـداهـم قـسـمـاتـِه ظـلـمـة فـي الـبـصـرْ
أو فـي الـبـصـيـرة . .
الـظـهـران - 27 أبـريـل 1997


عـلـى إيـقـاع الـعـمـر


تـسـألـنـي " مـا الـعـمـر ؟ " فـيـتـحـرك إيـقـاع ارجواني من الداخل
لـيـحـسـب الـمـسـافـة الـمـمـتـدة مـا بـيـن تـنـهـدات الـغـيـم
الـمـحـمـلـة بـأزمـنـة الـوطـن / الـحـلـم
و لـواعـج ال " أيـن " و ال " مـتـى " الـضـاربـة فـي جـذور أرضـك
الـمـتـجـهـة نـحـو أقـالـيـم الـلاحـدود . .
* * * * *
و يـنـزف وريـد سـؤالـك فـي حـنـجـرة الـشـتـات مـن جـديـد :
" لـمـاذا الـعـمــر ؟ " فـيـنـبـثـق مـن آفـاق الـنـهـايـات مـوج صـوتـي --->
الـعـمـر لـلإيـمـان . . لـكـلـمـات تـنـدثـر
ثـم تـعـود كـغـلائـل تـوقٍ تـضـاء بـوجـه طـفـل
لآلام تـنـصـهـر فـي مـكـمـن الـروح
الـمـجـبـولـة بـعـشـق مـدائـن الـمـجـهـول
فـتـجـدد بـيـداء لـيـالـيـنـا كـصـاريـة الـعـطـش الاول
نـنـشـدهـا تـاره و تـارة تـنـشـدنـا كـلـحـن لا يـعـرف الانـطـفـاء
كـخـلـيـة تـعـاود الـبـنـاء و الـتـجـدد تـبـعـث فـيـنـا أهـازيـج الـحـيـاة / الـمـوت
و الـمـوت / الـحـيـاة . .
* * * * *
" كـم ضـاع مـن الـعـمـر . .! " تـكـســراتٌ
ألـمـحـهـا عـلـى قـسـمـات ذاكـرتـك . . تـسـلـخـنـي مـنـك فـجـأةً
ثـم تـعـاود شـرايـيـنـي الـتـوغـل فـي هـويـة الانـشـطـار : - كـل لـحـظـة ضـائـعـه
تـتـضـاعـف الآن و تـنـمـو فـي غـابـات الـمـسـتـحـيـل
كـل لـحـظـة ضـائـعـة تـسـكـنـنـا الآن بـهـاء لا مـتـنـاهـيـا تـمـطـرنـا حـضـورا
تـسـتـرد مـنـا " الـذاكـرة الـمـفـقـودة " لـنـلـتـحـم مـع كـل مـا هـو كـونـي غـامـض
كـل لـحـظـة ضـائـعـة تـزكـو بـسـنـابـل حـلـم
يـضـيء ثـنـايـا الـصـرخـة الأولـى كـمـا يـضـيء قـنـديـل تـوحـدنـا
غـيـومَ هـذه الـنـجـوم الـمـوغـلـة فـي الـعـتـمـة .
* * * * *
و تـردد : " كـم هـو الـعـمـر . . ؟ " و تـجـيـبـك طـفـولـة الـسـرِيـرةَ بـشـمـوخ مـشـاغـب :
اذا كـان لابد مـن حـسـاب " الـكـم " فـهـا هـي غُـصـون أعـوامـي تـصـدح :
كـلـمـا ازددتُ عـمـراً ازددت تـألـقـا بـابـتـهـال حـبـك . . !
الـقـاهـرة - ديـسـمـبـر 1992


عـشــقـي لـك


عـشــقـي لـك نـهـر مـن حـزن عـشــقـي لـك و ولادة عـصـفـور
يـعـلـنـه صـهـيـل الـقـلـب عـلـيـك و الآهـة فـي الأضـلـع تـتـرقـرق كـالـعـوســج
أو كـالـغـمـد الـمـكـسـور
* * *
أرسـل هـدهـدتـي تـاجـاً تـلـبـسـه فـيـسـكـنـك سـديـم الـصـمـت
مـن هـاجـس عـمـر يـنـزفُ يـأتـيـك بـأحـلـى مـا تـذكـر
حـلـى مـا ضـيّـعـت . . قـصـيـدة رفـض عـشـقـى
تـدعـك بـأن تـبـحـر فـي الـعـمـر الـلامـرئـي ذاك الـعـمـر الـسـالـف هـذا الـحـاضـر
كـالـمـاضـي الـمـقـبـل فـي زمـن الـمـوت
* * *
شـاطـىء ضـوء شـفـقـي يـجـمـعـنـا كـطـقـوس صـوفـيـة يـحـلـّق فـيـهـا عـشــقـي
أجـنـحـةً غـيـبـيـة هـو شـيء مـن ضـعـف أو قـوة
نـار أو فـردوس أسـئـلـة لا تـهـدأ . . و إجـابـات تـتـشــظـى بـصـهـدِ الـكـونِ
و صـهـدِ الـريـحِ تـوحـِّـدنـا . . كـمـجـاهـيـل لا عـيـد لـهـا . .
لـكـن الـروح لـهـا تـظـمـأ تـظـمـأ تـظـمـأ
الـظـهـران - مـايـو 1992


تفضلوا بقبول مني فائق ودي وتقديري
د .عدنان
ألمانيا في 1 مايس 2016


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

رائعة هي الكتابة
تأخذنا لعالم من الخيال
تمتعنا فنبقى رهن المكان



د. عدنان الطعمة




شكرا على رقي طرحك


أهنئ نفسي ان اكون جوار حرفك


حقا


هنا سيرة ذاتية لكاتبة مرموقة


هي

بـديـعـة داود كـشــغـري



طاب لي اقتفاء اثر الإبداع فيها



أرق التحايا


__________________________________________________ __________
انتقآء رائع وراق لي تسُلم ايًدكُ
ويعُطيكُ الفُ عُآآفية
علُى هُـ الطرٌح الاكًثُر مُن رائعُ

الله يسُعُدكً ويحُققٍ كُل امًانيكُ
طبتٌ


__________________________________________________ __________












سلمت ذآإئـقتك على الأختيآر العذب
لهذه الكلمـآت ..
تجولت بين حروفهـآ .. فرآقت لي عذب مشآعرهـآ ..
أبدعت وسلمت ..على هذا التميز ..~
لآتحرمنا جديد طرحك الممتع ..~
دمت بكل خير



__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همسسات خججولة
رائعة هي الكتابة
تأخذنا لعالم من الخيال
تمتعنا فنبقى رهن المكان



د. عدنان الطعمة




شكرا على رقي طرحك

أهنئ نفسي ان اكون جوار حرفك

حقا

هنا سيرة ذاتية لكاتبة مرموقة

هي

بـديـعـة داود كـشــغـري



طاب لي اقتفاء اثر الإبداع فيها


أرق التحايا


غاليتي الأخت الأديبة والشاعرة الملهمة همسسات خججولة المحترمة حفظك الله و رعاك

تشرفت بحضورك البهي و سعدت جدا بقراءة مشاركتك الأكثر من رائعة كسابقاتها
وان كتاباتك وخرائدك لا تقل قيمة عما نشرته الأخت الشاعرة بديعة كشغري
لأسلوب اشعارك وخواطرك صفة مميزة خاصة تعجبني جدا وأعتز بها. بارك الله في جهودك وكتاباتك .
واصلي النظم والكتابة والإبداع الشعري
بانتظار المزيد من خرائدك

لك مني خالص ودي و تقديري
ربي يحفظك و يهنيك
تقبلي مني عاطر تحياتي
وشكرا لك يا أختي
د .عدنان
ألمانيا في 3 مايس 2013


__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دنيا*
انتقآء رائع وراق لي تسُلم ايًدكُ

ويعُطيكُ الفُ عُآآفية
علُى هُـ الطرٌح الاكًثُر مُن رائعُ

الله يسُعُدكً ويحُققٍ كُل امًانيكُ

طبتٌ



حضرة الأخت الغالية و العزيزة دنيا المحترمة حفظك الله و أسعدك

تشرفت بإطلالتك البهية التي نورت هذه الصفحة بقبس حروف كلمات مشاركتك العذبة الندية التي أسعدتني جدا . ربي يحفظك ويسعدك و يهنيك
لك مني خالص ودي و تقديري
تقبلي مني عاطر تحياتي
وشكرا لك يا أختي

د .عدنان
ألمانيا في 3 مايس 2013


-



حيااك
راائعهه وأأكثر .. وتسلم ي عذب .,

لآخلآ ولآعدم



،