عنوان الموضوع : فتاوى للنقاش
مقدم من طرف منتديات الشامل

من عادتي أني لا أنظر إلى الأمور من منظار شخصي أو من منظار حاد لا يرى الأشياء إلا بعين العدوانية، أو من خلال منظار الاعتقادات الشخصية والآراء الخاصة، التي تُرضي الذات دون أن تنظر إلى ما يريده العقل الجمعي في المجتمع..


إنني لا أنسى مدى إعجابي بالفارابي عندما نادى، وبصوت عال، بمدينته الفاضلة التي أشار في رؤيته إلى أنها مدينة خالية من كل الأخطاء ومن كل الجرائم؛ حيث ينشئ مدينة مثالية تعلق عليها الآمال. ولكن، وفي المقابل، لم يُرضِ هذا الفكر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع، الذي أشار إلى أهمية العقل الجمعي في المجتمع، وأن المجتمع ما هو إلا مجموعة أفراد ومجموعة عناصر يجتمع فيها الخير، وفي المقابل فيها غير ذلك، ومن بعدها ننتج مجتمعا طبيعيا نحاول باجتهادنا وقدرتنا أن نزيل عنه الشرور ونحمله على قارب النجاة قدر الإمكان. تحول بعدها إعجابي بمدينة الفارابي إلى قناعة شخصية بما يفكر به ابن خلدون؛ لأن الأنسب لنا بوصفنا بشرا أن نعيش في مجتمع مختلف الأمزجة ومختلف الآراء؛ فلا ينطبق علينا سوى ما نادى به مؤسس علم الاجتماع العالِم ابن خلدون..


ولكن، وفي الفترة الأخيرة، بدأت تجري في مجتمعنا مجريات غريبة من فتاوى لا أعلم مدى صحتها من عدمها، فأنا هنا لا أبرر صحة تلك الفتاوى ولا أحاربها؛ لأنه ومثل ما قيل "رحم الله امرأ عرف قدر نفسه"، وأنا متأكدة أنني لم أخُض علم الفقه، ومتأكدة أيضاً أنني غير مؤهله لتبرير تلك الفتوى أو التصدي لتلك، ولكن أجزم تماماً بأننا درسنا منذ طفولتنا أن مصادر الشريعة أربعة، هي: الكتاب والسنة، ومن ثم إذا فُقدت الأدلة بالكتاب والسنة فإن القياس هو الحل، وإن لم يوجد الدليل الذي يقاس عليه من السنة فإن الحل هو الإجماع حتى تخرج الفتوى لعامة الناس بالشكل المطلوب الذي يتحمله مجموعه ممن هم مؤهلون للفتوى والخوض في مضمارها..


أشعر بأن المشكلة هنا ليست فتوى فقط.. إن المشكلة أكبر بكثير مما نتصور؛ لأنه لا بد أن نوقن بأن المجتمع ما هو إلا أفراد مختلفون في الكثير من الصفات؛ فمنا العالِم ومنا الأقل ومنا كذلك المتعلم ومنا أنصاف المتعلمين.. وفي مجتمعنا ذلك الرجل العاقل، وفي المقابل هناك الرجل الطائش الذي ينتظر فقط الإشارة الخضراء حتى ينطلق لممارسة شهواته بكل حرية أُتيحت له! وهناك أيضاً الحريصة تماماً على ما قيل في كتاب الله وسُنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومنهن تلك التي تريد أن تمسك بطرف فتوى حتى تحقق ما تريده هي لا ما يريده الدين..


أصبحنا نعيش الفترة الأخيرة في أزمة فتوى في زمن نحتاج فيه إلى الوقفة الجادة لطريقة إصدار الأحكام والفتاوى بعيداً عن الاجتهاد، بل إننا نعيش في أزمة الشكل الذي نريد أن نقولب فيه ما نريد إصداره من فتاوى، دون أن نضع اعتباراً لأفراد المجتمع ووجود الفروق الفردية بينهم، وإن كانت هذه الفتوى لم يتم القول فيها إلا بعد الرجوع لكتاب الله وسُنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإننا نفتقر إلى الطريقة في البوح بها والحديث عنها، وإصدارها بشكل سريع يضعنا في مشكلة التضارب في الآراء والسرعة في الحُكْم عليها بالإيجاب أو السلب، والإثبات أو النفي.. وكل ذلك بسبب التعجُّل في إصدارها وبشكل مختصر بعيدا عن التفصيل وبعيدا عن حدود الرسمية التي تصدر عادةً من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.


ونتناسى أن هناك الكثير من الدول المجاورة، التي تعتمد كثيراً في إصدار فتواها على الفتاوى التي يصدرها علماؤنا، ليس لشيء، ولكن لأنهم متأكدون تماماً بأن مصادر الشريعة بشكلها الصحيح والسليم والبعيد عن الاجتهاد الشخصي أو الخطأ منبعها تلك التي يتبعها العلماء لدينا، ولكن بعض العجلة في الإفصاح عنها من خلال وسائل الإعلام الرقمية السريعة تجعلهم يتساءلون ويشددون في السؤال؛ ما يوقع الكثير من تلك الوسائل في الشك وفي الحرص على الرجوع لمن أصدر تلك الفتوى كثيراً حتى يتم التأكيد عليها أو إلغاؤها، وبالدليل الواضح..


أنا متأكدة أننا في عصر السرعة والمعلوماتية والإعلام الرقمي السريع، ولكن لا أظن أنه علينا أن نتعجل حتى في إصدار الأحكام والفتاوى ويتم الخوض فيها وتحليلها من أشباه المثقفين أو من أنصاف المثقفات المجتهدات، ونجعل للكثير من المواقع والمنتديات والصحف الفرصة للخوض فيها بشكل تهكمي وضاحك يجعل (اللي ما يشتري يتفرج)..


إنني لا أنسى تلك الموظفة التي قالت لي، وبكل براءة وصدق ويقين، وهي تحمل همّا كبيرا حول الكيفية التي تجعل سائقها محرماً لها دون أن تقع في الحرج!
وأيضاً لا أرى أن الكثير سوف ينتهي من التفنن في تنظيم حفلات (الدي جي)، التي تعتمد على العيار العالي من الموسيقى، ولا أعتقد أنه يوجد حرج أيضا على أولئك اللاتي كن يمتنعن من حضور تلك المناسبات خوفاً من وجود المعازف، وإلى ساعات متقدمة من الصباح نغني ونقول (دقي يا مزيكا)، وكل ذلك مرخَّص بعد إحدى الفتاوى التي أصدرت من خلال تلك الصحيفة..


أعود لتأكيد فكرة واحدة، هي أنني لست هنا لأصحح فتوى ما أو أفند أخرى، ولكنني أتساءل: هل نحن الآن بحاجة إلى أن نتعلَّم من جديد مصادر الشريعة الإسلامية التي درسناها منذ الصغر، أم أننا بحاجة إلى امتلاك القدرة على البحث والتقصي في كتب الشريعة حتى نتأكد من كل فتوى تصدر، أم نحن بحاجة إلى تغيير بعض الأحكام على حسب وجهة نظرنا الشخصية؟.. وباختصار فقد كانت المرأة تلزم بحجابها التام، فهل يا ترى سوف يتغير الحكم ويقال إن عورتها من السرة إلى الركبة فقط؟!..

نورة ناصر العويد
معيدة في قسم دراسات الأسرة وعلوم الطفولة

المصدhttps://www.sabq.org/sabq/user/articles.do?id=229ط±
اتمنى سماع ارائكم مع مراعات جميع المذاهب و الاديان

والتفاعل مع الموضوع للخروج بشي من الفائده

>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هذيـان

ينبغي للمسلم الحرص على تعلم دينه والعمل به والسؤال عما يجهله
قال تعالى / فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ..


ما كان به نص من القرآن أو السنة فالحكم لا يقبل الجدل
وما استحدث من الأمور ولم يثبت له نص فمرده الى القياس ان وجد ما يقاس به
وان لم يتم قياسه فحينها يرد للإجماع وما اجتمع عليه اهل العلم وجب الاخذ به
واتباعه وترك كل شاذ من الأقوال ..

اما عن دور المسلم عند اختلاف العلماء على قضية لم يحصل بها اجماع
فأن كان المسلم صاحب علم يستطيع من خلاله ان يرشح احد الاقوال بعلمه
وعقله وما ثبت من ادله فليفعل ومن ثم يتبع ما ترشح له ..
وان لم يستطيع الترشيح فعليه ان يتبع من وثق بعلمه وقدره ..
وليتبع ما يظن انه الصواب وما يطمئن له قلبه
لقول المصطفى " استفت قلبك "

فلا يجوز تتبع رخص العلماء وزلاتهم واتباع الشاذ من أقوالهم ..






تحياتي ...


__________________________________________________ __________
يعطيك الف عافية اخوي هذيان
اسعدني مرورك

__________________________________________________ __________
اهلا اختي...

الشريعة الاسلامية تتميز بخصائص غير موجودة...

واهمها انها ربانية بمعنى انها من عند الخالق للبشر العالم بحالهم والقادر على كل شيئ وبالتالي فمن الطبيعي ان تكون السنن والتشريعات متناسبة مع فطرة الانسان وطبيعته والاصل ان لا يكون هناك اختلاف ..او ان يرفض الانسان تلك التشريعات .

ميزة اخرى للشريعة الاسلامية انها تراعي الاحتياجات البشرية حيث ان مع العسر يسرا ...

الشريعة الاسلامية يكون فيها ثبات في الاساس وقد تتغير بعض الفروع ..

كذلك فان الشريعة الاسلامية مناسبة لكل زمان ومكان ......فالخلاصة ان التغيير لا ولم ولن يكون لانو الحجاب وعورة المرأة اساسيات لا نقاش ولا جدال في ذلك ....كل ما يجري من فتاوي هي محاولة لمحاربة الدين والتشكيك فيه ....والبحث عن ما يسمى ثغرات لمحاربته....

تحياتي الك....


__________________________________________________ __________
يعطيك العافية
مقال جميل يحمل الكثير من الآهات التي نشعر بها جميعنا
للأسف اختي ان يكون الدين الأسلامي في ايدي اشخاص البعض منهم غير مؤهلين وانما اصبح الإفتاء واختيار العلماء بالوراثة
لا اعلم هل اللوم يقع على عاتق الدولة ام المجتمع ام على من ؟؟
نعم نحن نعيش تخبط حقيقي وبما تحمله الكلمة من معنى وادعوا الله عز وجل ان يهيئ لهذا الدين من يقوم بتصفية الغث من احكامه والأخذ بالسمين المتزن الصادق الذي لا غبار عليه
عندما يكون هناك خلاف في فتوى معينة فأنا والله اعلم اعتقد ان العقول ما خلقت عبثاً هكذا
لذلك يجب ان يكون لعقولنا دور في البحث عن الحقيقة وعدم الأعتماد المطلق لما يقوله شخص مجتهد لديه قابلية الخطاء اكبر من الصح ( واما الثواب والعقاب فمن عند الله )
الأنسان يؤمن بالله وهو لم يره ولم يسمع صوته ولم يشعر به ملموسا وانما بعقله وبما يراه من دلائل واضحة تؤكد ان هذا الكون له رب واحد
يقال ان الحلال بيّن والحرام بيّن
وانا مؤمن بهذا القول

تحياتي


__________________________________________________ __________
الله يكفينا شر الدنيا وفتنها

شكراً لجميل طرحكِ