عنوان الموضوع : مكر أحبار اليهود بعيسي عليه السلام- الشامل
مقدم من طرف منتديات الشامل

يقول المفسرون: كانت مريم ابنة عمران صديقة منقطعة للعبادة ومتفرغة للنسك. فقد نذرتها أمها لذلك مذ كانت جنينا في بطنها. وما ان خرجت إلي الدنيا حتي كفلها زكريا عليه السلام وتولي العناية بها ورعايتها وهاهي تصلي لله تعالي وتعبده وفجأة وفي مكان خلوتها يظهر لها بشر سوي فاضطربت نفسها ودخلت الرهبة الي قلبها وحاولت الهرب مستعيذة بالله من ذلك الانسان الذي ظنته معتديا أثيما وفاجرا لئيما جاء يقتحم حرمتها ويخترق خلوتها بلا وازع أو رادع وهي التقية المؤمنة العفيفة الطاهرة ولكن وقبل ان تسرح بخيالها بعيداً أكثر وأكثر انطلقت كلمات من نور طمأنتها وسكنت من روعها وهدأت من خوفها "قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً" 19 مريم. فأدركت أن الذي أمامها من ملائكة الله وليس بشر كما ظنته في أول الأمر واستجمعت قواها وخرجت من صمتها: "قالت أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشراً ولم أك بغيا" 20 مريم. فطمأنها الملك مرة أخري "قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً" 21 مريم. أي محكوما به مفروغاً منه لايرد ولا يبدل فخلق ولد منك يامريم بلا أب هو سهل وهين علي خالق الخلق أجمعين. فقد خلق آدم عليه السلام من تراب من غير أب ولا أم وخلق حواء من ضلع آدم. وخلق سائر الخلق من أب وأم. أما الان فقد شاءت حكمته أن يخلق منك ولداً طاهراً نقيا بلا أب فخلق الانسان علي أنواع مختلفة خلق آدم لا يشبه خلق حواء وخلق حواء لايشبه خلق آدم وخلق عيسي لا يشبه خلق الكل ولكن الله سبحانه اذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون وجلست مريم حائرة تفكر فيما سمعته وتخيلت ما سيقوله الناس عن عذراء لم تتزوج بتول طاهرة تحمل وتلد من غير أن يكون لها زوج.
لقد جمع جبريل درعها فنفخ في جيبه فحملت حين لبست الدرع وتنحت وانفردت بمكان بعيد عن أهلها لتستتر عن أعين الناس وتختفي عن أنظار الرقباء وكانت تبتعد عن الاختلاط بقومها متظاهرة بالتعب والإعياء خوفا من أن يفض مكنون سترها ويكشف مستور سرها فتلوك الألسنة سمعتها ويتحدث الناس في شأنها وكلما تقدمت بها الأيام زاد همها وكثر حزنها فبعد فترة وجيزة سيظهر ما حرصت علي أن تخفيه ويشيع ما تحاول أن تستره ولكن مادرجت عليه من عبادة الله تعالي خفف عنها بعض ما كانت تعانيه وجعلها تترقب لضيقها فرجاً ولنفسها الفزعة سكوناً وأمنا واقتربت ساعة الوضع وأحست آلام المخاض وخرجت من القرية فألجأها المخاض الي جذع نخلة يابسة وهي وحيدة منفردة ولكن رحمة الله تظللها وفي الفضاء الواسع ولدت طفلها ولم يكن معها يد شقيقة تسددها وأم حنون تساعدها وتخفف من آلامها وآلمتها تلك الوحدة وحزّ في نفسها ما هي فيه فنظرت الي الطفل نظرة حسرة واكتئاب وتمنت لو ضمها القبر وفارقت هذا العالم قبل أن توضع في هذا الموقف واشتد حزنها ولكنها ما لبثت ان سمعت صوتا يرن صداه في أذنيها فبدد مخاوفها وكفكف دموعها "فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً" 24 مريم واختلف المفسرون هنا في المنادي من هو فبعضهم قال إنه جبريل عليه السلام والبعض الآخر قال هو عيسي عليه السلام قال ابن عباس رضي الله عنهما : ضرب جبريل برجله الارض فظهرت عين ماء عذب فجري جدولاً واصبح هذا الجدول يجري في تلك البقعة الجرداء "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنياً" أي حركي إليك تلك النخلة تسقط عليك رطبا جنيا وهو الرطب الشهي الطري فكلي منه ليعيد إليك بعض ما فقدت من قوة واذا عطشت فاشربي من ذلك الماء الذي أجراه الله تعالي لك وقري عيناً. واطمئني قلبا بما ترين من قدرة الله تعالي التي اخضر بها جذع النخلة اليابسة وطيبي نفسا بما حباك الله تعالي من جريان الماء في ذلك المكان المقفر لقد كانت تلك الكرامة بلا شك أقوي دليل علي براءتها واسطع برهان علي طهرها وقال المفسرون: لقد أمرت بهز الجذع اليابس لتري آية أخري في احياء موات الجذع بعد رؤيتها عين الماء العذب الذي جري جدولا وذك ليسكن المها وتعلم ان ذلك كرامة من الله تعالي لها .. إنها تريد جوابا شافيا وقولا سديداً يسكت أبناء قريتها ويرد عنها التهمة لدي أهلها ويجنبها الفضيحة أمام الناس وهي بمقدورها أن تدفع عن نفسها التهمة وتقيم بها الحجة علي المتكلمين في أمرها من خلال المكان الذي جاءها فيه المخاض ومن خلال الشجرة التي اخضرت وطرحت رطبا شهيا وجاءها الجواب من بارئها بواسطة المنادي لها مردفاً "فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسياً" 26 مريم. وهنا اطمأنت نفسها واستجمعت قوتها ورجعت الي القرية بعد ان طهرت من النفاس وهي تحمل الحجة والبرهان علي براءتها ونصر الله تعالي لها في محنتها فأتت بطفلها وهي تحمله وسرعان ما شاع أمرها وعرف خبرها فتحدثوا في عرضها وخاضوا في طهرها وراحوا يتهمونها بشرف أسرتها وكريم أصلها فقالوا: " يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً" فالتزمت الصمت وأبت الكلام وإن اردتم معرفة الحقيقة فها هو ذا الطفل الوليد يخبركم بها. فعجبوا من أمرها وسخروا من اشارتها مستنكرين ذلك فكيف لطفل وليد أن يتكلم ولكن المعجزة التي وعد الله تعالي بها مريم حدثت الآن فقد جاء موعدها لقد أنطق الله تعالي الصبي بخطاب فصيح واضح وبين. لم يدافع عن أمه ولم يجادلهم في التهم التي ألصقوها بها بل "قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا. وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً. والسلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا" 30 . 33 مريم أتراه بعد ذلك في حاجة الي دليل يمحق باطلهم أو برهان يبين كذبهم لقد أخرسهم هذا الطفل وأسكت ألسنتهم وانتشر الخبر في القرية وعلم الناس كلهم أن القدرة التي انطقت هذا الصبي في مهده لا تعجز عن خلق مثله من غير أب فليكفوا عن لومهم وليتجنبوا الخوض في عرض مريم فهي الطاهرة البريئة وسيكون لابنها شأن عظيم وخطب جليل وسكت القوم إلا قلة من الذين ختم الله علي قلوبهم وعلي سمعهم وعلي ابصارهم غشاوة. فهم لا يرون ولا يسمعون ولا يعقلون شيئا وأمثال هؤلاء لا يقام لهم وزن ولا يعطي لأمرهم قدر فبقيت مريم في قريتها لم تبرحها تعني بطفلها وتربيه التربية السليمة الصالحة وهي قريرة النفس منشرحة الصدر لأنها تدرك وتعلم أن الله تعالي سوف يحفظه ويرعاه حتي يؤدي رسالته فنشأ عيسي عليه السلام كما ينشأ أمثاله من الاطفال وشب كما يشب أقرانه من الشباب إلا أن بوادر فضله بدأت تظهر وبدأت معها مظاهر نبوته فهو مع اقرانه ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم وهو إذ يذهب الي معلم القرية ويجلس إليه يستمع الي حديثه يجدو اهتمام ويصغي الي قوله في شوق ولهفة ثم لا يعلمه شيئا إلا استبقه إليه وساءله عنه ورحل عيسي مع أمه الي بيت المقدس ولم تتجاوز سنه الثانية عشرة وهناك القي نفسه في ميدان العلم ومعترك المعرفة يستقي من موردهما ويرتوي من منهلهما فاندمج في حلقات الدرس وأخذ ينصت الي احاديث العلماء والاحبار ويستمع منهم فوجد في كلامهم الصحيح والسقيم ولكن الناس يصدقون كل شيء وينصتون كأنما علي رءوسهم الطير ولا يجرؤ أحد علي الاعتراض فلم يلبث ان انبري بينهم متسائلا ومبينا الصواب عندما جاءته الاجابة خاطئة فنقم البعض عليه وأحبه البعض الآخر لأنهم وجدوه شجاعا ومقداما وجريئا لقد أقدم علي مالم يستطع أحدهم أن يفعله وضاق الاحبار والعلماء به ذرعاً وراحوا يؤنبونه ويعنفونه لتجرئه عليهم إذ لم يعهدوا قبله أحداً تمكن من جدالهم واحراجهم.
ونستكمل القصة في العدد القادم






>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



__________________________________________________ __________
اشكرك على

هذه القصة النبويه التي تبين لنا مكر اليهود


والله يعطيك العافيه 00






__________________________________________________ __________
والله شرفتى يا ريانة يا





__________________________________________________ __________
شكرا نادر الوجود

__________________________________________________ __________
كل الشكرعلى على هذه القصة

تقبل مروري