عنوان الموضوع : أحسن وأفضل القصص في الدنيا في الاسلام
مقدم من طرف منتديات الشامل

أحسن وأفضل القصص في الدنيا
بدايــة


بتوفيق من الله تعالى قمت بجمع هذه المعلومات من مواقع كثيرة ليكونموسوعة لقصص الأنبياء، من القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث أن مواقع قصص الأنبياءكانت إنما لا تشمل جميع القصص، أو أنها تعرض القصصباختصار.


وقد قمت بإضافة قصص أخرى من القرآن في هذا الموضوع القيم باسم " قصص القرآن" وأعرض فيه القصص التي أخبرنا بها القرآن الكريمكقصة أصحاب الكهف وذو القرنين وغيرها من القصص.


وسوف أعرض عليكم بإذن الله تعالى كل يوم قصة أو قصتين بحسب طول القصة , راجياًالمولى عزوجل أنيثيب قارئ هذا الموضوع .. وأن يجعله في ميزان حسناته يومالقيامة.




أحسن القصص


هنا نتحدث بشيء من التفصيل عن موضوع(أحسن القصص) وهي قصص الأنبياء عليهم السلام ولكن قبل بداية الحديث عن قصصهم نورد بعض المعلومات السريعة والمهمة.


الترتيب الزمني للأنبياء


لمينزل الأنبياء دفعة واحدة .. وإنما على فترات مختلفة.. وهنا قمت بترتيب أسماءالأنبياء عليهم السلام وفقا للتسلسل الزمني في إرسالهم لأقوامهم







الترتيب الهجائي للأنبياء

هنا رتبت أسماء الأنبياء عليهم السلام هجائيا







ألو العزم من الأنبياء

هنا أبين ألو العزم من الأنبياء، مع شرح موجز لسيرتهم المطهرة..



نوح عليه السلام
‏‏كان نوحتقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلكاستمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهمفمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفعالله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناءالسفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهمأجمعين




هو خليلالله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدونالكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاهبرسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولواإحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد لهإسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل



موسى عليه السلام

‏أرسله اللهتعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أماالأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلىوحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى،ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظنأتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعونالذي جعله الله عبرة للآخرين


عيسى عليه السلام
‏مثل عيسى مثلآدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاهاإلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكانوجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق منالطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كلبإذن الله، دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبرواوعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء اللهإلى الأرض ليكون شهيدا على الناس


محمد عليه الصلاة والسلام
‏النبي الأميالعربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمهآمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن،تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلىالإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دعوته في مكة فاضطهده أهلها فهاجرإلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع.

بعد ذلك نبدأ في موضوع القصص القرآني. بعض هذه القصص حدثت لأناس صالحين كقصة أصحاب الكهف،وبعضها لقوم عصاة، كقصة أصحاب السبت. وبعض القصص حدثت لأنبياء الله كقصةالخضر.




للموضوع بقية
لنا رجعة


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

بسم الله أبدأ متوكلاً عليه



أحسن القصص:

آدم عليه السلام

أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجدله الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرةمعينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبلالعيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض،وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء.

سيرته:

خلق آدم عليهالسلام:

أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكتةبأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُفِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُلَكَ).

ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أوإلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسدفي الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصورإلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له,ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !

هذه الحيرةوالدهشةالتيثارتفي نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائزعلى الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم منالله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه فيعلمه، ولا يعرفون حكمته الخافية،ولا يعلمون الغيب. لقد خفيت عليهم حكمةالله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق فيتطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائرالأمور(إِنِّيأَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)

وما ندرينحن كيف قال الله أو كيف يقول للملائكة . وما ندري كذلك كيف يتلقى الملائكة عنالله، فلا نعلم عنهم سوىما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله . ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه . إنما نمضيإلى مغزى القصة ودلالتها كما يقصها القرآن .

أدركت الملائكة أن اللهسيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنهسيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له،والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا للهوحده.

جمع الله سبحانه وتعالىقبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناسألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفنالطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذاالطين؟

سجودالملائكة لآدم:

من هذا الصلصال خلق اللهتعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبتفيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليسالذي كانيقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس منالملائكة ? الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصونالله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكةخلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .

أماكيفكان السجود ? وأين ? ومتى ? كلذلكفي علم الغيب عندالله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصةشيئاً..

فوبّخ الله سبحانه وتعالىإبليس)قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْكُنتَ مِنَ الْعَالِينَ( فردّبمنطق يملأه الحسد)قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِيمِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ( هنا صدر الأمرالإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح(قَالَ فَاخْرُجْمِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه)مِنْهَا)فهل هي الجنة ? أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز . ولا محل للجدلالكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .

) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّأَقُولُ(84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ(85) (ص)

هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفسإبليس)قَالَ رَبِّفَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ( واقتضت مشيئةالله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التيأراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده)قَالَ فَبِعِزَّتِكَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ( ويستدرك فيقول(إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُالْمُخْلَصِينَ)فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .

وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميعالآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عنبلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوقالنجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق( لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ)

فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهمتبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولاغافلين . فأرسل إليهم المنذرين .


__________________________________________________ __________
تعليم آدم الأسماء:


ثميروي القرآنالكريم قصة السر الإلهيالعظيم الذي أودعه الله هذاالكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا)سر القدرة علىالرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرىفي حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهبالإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهمليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسمالنخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأنشأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لميودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .


أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها فيوظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لميعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهرواأمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ماعلمهم . .ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء .ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليمالحكيم ( قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْتَكْتُمُونَ)


أراد الله تعالى أن يقولللملائكة إنه عَـلِـمَما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ماكتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلموالمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخل في هذاالنطاق كل العلوم المادية على الأرض.
إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلومالأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.

سكن آدم وحواء في الجنة:


كان آدم يحسالوحدة.. فخلق الله حواء من أحد منه، فسمّاهاآدم حواء. وأسكنهما الجنة. لا نعرفمكان هذه الجنة. فقدسكت القرآنعن مكانهاواختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانهاالسماء. ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرمدخولها على إبليس ولما جازفيها وقوععصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقال غيرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلىالتسليم في أمرهاوالتوقف.. ونحن نختار هذا الرأي. إن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساويشيئابالقياس إلى العبرة التي تستخلص مماحدث فيها.


لم يعد يحسآدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيرا. وكان اللهقد سمح لهما بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعابكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عنالشجرة. غير أن آدمإنسان،والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمهضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده فيصدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه يومابعد يوم. راح يوسوس إليهيوما بعديوم(هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍلَّايَبْلَى)


تسائل أدمبينه وبين نفسه. ماذا يحدثلو أكل من الشجرة ..؟ ربما تكون شجرة الخلد حقا، وكل إنسان يحب الخلود. ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة. ثم قررا يوما أن يأكلامنها. نسياأن الله حذرهما من الاقتراب منها. نسيا أن إبليس عودهما القديم. ومدآدميده إلى الشجرة وقطف منها إحدىالثمار وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من الثمرةالمحرمة.


ليس صحيحا ماتذكره صحفاليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلهامسئولية الأكل من الشجرة. إن نص القرآن لا يذكرحواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاةوالسلام. وهكذا أخطأ الشيطانوأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.


لم يكد آدمينتهي من الأكلحتى اكتشفأنهأصبحعار، وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجتهيقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسدهالعاري. وأصدر اللهتبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.


__________________________________________________ __________
هبوط آدم وحواء إلىالأرض:


وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها،ويخرجان منها يوم البعث.


يتصور بعضالناس أن خطيئةآدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذاالتصورغيرمنطقيلأن الله تعالىحين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً( ولم يقل لهما إني جاعل في الجنةخليفة. لميكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كمايقولالعارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواءسيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلىالأرض. أماتجربةالسكن في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداءالشيطان.


هابيل وقابيل:


لا يذكرلناالمولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلام في الأرض. لكن القرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل فيالأرض. وكانت قصتهما كالتالي.


كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد زوجةهابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة (المائدة)


وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًافَتُقُبِّلَمِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَايَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27)لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّيَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) (المائدة)


لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:


إِنِّي أُرِيدُ أَنتَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِوَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) (المائدة


انتهى الحواربينهماوانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعدأيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابنآدم الأولكفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخجثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثمرأىالقاتل غرابا حيابجانبجثة غرابميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جوارهوبدأيحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق فيالقبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجووهو يصرخ.


اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنارفأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأوالأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاءعنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.


قال آدم حين عرف القصة)هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّمُّضِلٌّ مُّبِينٌ( وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.


__________________________________________________ __________
موت آدم عليه السلام:


وكبر آدم. ومرت سنواتوسنوات.. وعن فراش موته، يرويأبي بن كعب،فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحيوالمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوافلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخليبيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلواعليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذهسنتكم.


وفي موته يرويالترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبونعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقطمن ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهموبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأىرجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر الأمم منذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمريأربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعونسنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته،وخطىء آدم فخطئت ذريته".

انتهت قصة آدم عليه السلام ...........

__________________________________________________ __________
شيث عليه السلام


لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعد مولده شيث عليه السلام وكان نبياً.


سيرته:


لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلاموكان نبياً. ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَهابيل. فلما حانت وفاتهأوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار،وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً منمردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة.


فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهوإدريسعليه السلام على المشهور.



إدريس عليه السلام


نبذة:


كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علم النجوم وسيرها.


سيرته:


إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.


نسبه:


هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلىشيث بن آدمعليه السلام واسمه عندالعبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجدادنوح عليه السلام.وهو أول بني آدمأعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألفسنة.


حياته:


وقد أختلف العلماء فيمولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيحالأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عنمخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيلوسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليصالنفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنياالفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان فيزمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقةمنهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنتكل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمنحكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عندربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).


وفاته:


وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابنوهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابنعباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإنالله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذاوكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلماكان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيهإدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيللي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعةوهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}.ورواه ابن أبي حاتم عندتفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كمبقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمرهإلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.


وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد فيقوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريسرفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففيهذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعبالأحبار. والله أعلم.


وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} : رفع إلى السماءالسادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعةأصح، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقالقائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.


قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعودوابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما جاء فيحديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخالصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال لآدم وإبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلوكان في عمود نسبه لقال له كما قالا له.


وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكونالراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقامالأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر،وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.


هود عليه السلام


نبذة:


أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.


سيرته:


عبادة الناس للأصنام:


بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعةالقديمة.


قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر منا لشيطان إلى آلهة مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا هودا إلى قومه.


إرسال هود عليه السلام:


كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطلعلى البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكانقوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقةوأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامةأجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون منأجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشدالناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.


قال لهم هود نفس الكلمةالتي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدةهي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍغَيْرُهُأَفَلاَ تَتَّقُونَ).


وسأله قومه: هل تريد أنتكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟


إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوزالحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.


أفهمهم هود أن أجره علىالله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمةالله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس،كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى بهالأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.


قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟

قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟

قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عمافعل.


انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت،فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟


استقبل هود كل هذه الأسئلةبصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبيعن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا مانرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم فيالتراب بعد الموت؟


إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟


إن ظلما عظيما يتأكد لوافترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامةهو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.


وثمة ضرورة أخرى ليومالقيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعثالأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيءمن شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهمضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لميحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلقمنه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرضوقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.


حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات.. واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه منقبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشريغير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر