عنوان الموضوع : حقول الشمس رواية جديدة
مقدم من طرف منتديات الشامل

حقول الشمس

الفصل الاول



فتحت النافذة المطلة على الحقول (عباد الشمس)أشم رائحة التراب بعد لية ممطرة.
الان الجو صحو والسماء زرقاء وهناك غيوم بيضاء صغيرة متفرقة وسط السماء كأنها طيور معلقة
سمعت صوت امي تأمرني ان انظف الفناء والحجرات قلت:نعم سأفعل,وتوجهت الى حجرة الضيوف ...
عاد صوت امي _شمس اين اختك
-لا اعلم
تركت امي وتوجهت الى الفناء الواسع انظر بأتجاه التلة المطلة على بيتنا رأيت ياسمين وهي تركض فوق التلة وهي تلوح بمنديل شعرها ترقص مع الطيور
صرخت بأعلى صوتي..ياسمين..لوحت لها بيدي ان تعود الى البيت.
نزلت مسرعة من اعلى التلة وهي تنادي ..شمس..شمس
لم اجب عليها انتظرت حتى تصل الى الدار كانت تلتقط انفاسها بصعوبة,سألتها
-ماذا حصل ياصغيرة لماذا تصرخين
-هناك غربان هاجمت حقل عباد الشمس سوف تأكل الحبوب وتقضي على الحقل والزهر
-وما الجديد..كل عام تأتي وتذهب
-انشغلت بترتيب الغرفة وطلبت منها مساعدتي لكنها لم تسمعني بل سحبتني خارج الدار قائلة
-يجب ان تساعديني في طرد الغربان...طاوعتها لان اختي عنيدة اذا ارادت شيئا لاتدخر جهدا في المحاولات..
كنا ندور حول الحقل نركض ونسفق وألوح بمنديل شعري لنطرد الغزاة حتى تعبنا..في الحقيقة لم تكن الطيور غربان بل مجموعة من الحمائم الكبيرة.
أختي ياسمين في العاشرة من العمر وهي المدللة عند أبي وهي تلميذة في المرحلة الابتدائية حين كنت في عمرها تركت المدرسة وتفرغت للعمل المنزلي ووضعت المنديل على رأسي كباقي فتيات القرية..اما ياسمين تلبسه يوم وعشرة تضيعه في اماكن اللهو

يتبع..


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

الفصل الثاني


تقع قريتي قرب تلال مختلفة الارتفاعات واذا وقفت على التلة المقابلة لدارنا ترة حقول عباد الشمس والذرة وهناك خلف دارنا مساحة ارض واسعة قامت امي بزارعتها بمختلف الخضار الصيفية والشتوية من اجل سد حاجة البيت اليومية واذا نظرت الى الجهة الثانية للتل ترى سكة القطار والشارع العام الرئيسي.
أتذكر ذلك اليوم نهضت أمي من الساعة الاولى للفجر وأعدت الشاي والفطور وأيقظت والدي..صلى الفجر ..وتناول الفطور وخرج الى الحقل...
وقفت أمي قرب باب حجرتي قائلة: شمس أنهضي
-نعم يا أمي انا مستيقظة
دخلت أمي الى المطبخ تقوم بأعداد العجين حتى تخبزه وقت الظهيرة..كان صوت العجين بين يدي أمي مثل قرع الطبول وانا في الفراش أتقلب أحاول أن أنام دقائق اخرى..أكملت والدتي عملها وعادت تقف قرب رأسي وانا مازلت في الفراش رفعت الغطاء عن وجهي قائلة:شمس أبنتي,أنا ذاهبة الى الحقل أنهضي تناولي الفطور واهتمي بأختك ياسمين وأخوك الصغير تركته نائم,اذا استيقظ من النوم أطعميه ولاتتركيه يبكي كثيرا لانه مريض.
أتممت اعمال البيت وتركت ياسمين تلعب قرب الدار وانا في الداخل أطعم أخي وأهدهد له حتى ينام ,ثم وضعته في فراشه وخرجت أتفقد ياسمين ولكنني لم أجدها..ترى أين ذهبت,هرولت حول البيت وانا أصرخ ..ياسمين..ياسمين ركضت شمالا وجنوبا..سألت أطفال القرية,قال أحدهم:كانت تلعب معنا ثم أختفت توجهت الى التلة القريبة من دارنا وأنا أصرخ ياسمين وأخيرا وجدتها,وقفت مذهولة وأنا أرى هذه الصغيرة تحاول تسلق التلة,حملتها على صدري صعدنا معا..جلسنا هناك وكانت هذه أول مرة لي أرى قريتي وأنا على هذا الارتفاع..رأيت الحقول وزهرة عباد الشمس وهي تتمايل مع نسيم الهواء والشمس وهي تغطي الارض بنورها ماأجمل هذا المكان!
ومنذ ذلك اليوم وياسمين مولعة تلعب على التلة تلهو مع الطيور وتعشق الغروب...
أحيانا تطلب أن أرافقتها وكان أبي يقول أذهبي معها وأمرحي هذا لايضر كنت أجلس وأراقب ياسمين وهي تقلد الطيور ترفع رأسها نحو السماء وترفع ذراعيها في الهواء وتمشي..وتركض..كأنها تحاول الطيران,قلت لها :أنتبهي ..لاتسقطي من الاعلى وتتدحرجي
-لاتقلقي,أنا اعرف المكان وحدوده جيدا
بقيت أراقبها وانا مندهشة كيف تصفق بيدها وتأتي الطيور حولها وتقف على يدها ورأسها
قلت:متى تعلمتي لغة الطيور وكيف؟
-لاني أحبهم وأطعمهم هم أصدقائي,أنظري هذه البذور أحملها لهم
-قلت لها:غريب انتي لاتشبهينني
-نعم انتي جميلة ولكي شعر يشبه سنابل القمح
-وأنتي كذلك شعرك جميل وهذه الحبوب عالقة بين خصلاته
جلسنا قرب بعضنا نراقب غروب الشمس وهي تودع الارض والحقول
قالت ياسمين:تلك الطيور ترقص في السماء على شكل حلقة تدور وتدور..
-نعم,ما أحلاها..ربما تصلي وتشكر الله وهي تعود الى أعشاشها,ونحن ايضا يجب أن ننزل ونعود الى البيت قبل ان تغضب والدتنا.
وقفنا قرب بعضنا قالت ياسمين متسائلة وهي تنظر الى الشارع العام
-تلك الشاحنات الكبيرة من أين تأتي وأين تذهب وماتحمل؟
يقول أبي انها تحمل بضائع من الدول المجاورة كالملابس والاخشاب والسيارات وأشياء أخرى..
كفى كلاما يجب أن نعود الى البيت مثل الطيور

يتبع..



__________________________________________________ __________
[SIZE="4"]الفصل الثالث



ذلك المساء كان الجو باردا قليلا وكنت اساعد امي واقوم بما تطلبه مني,وقفت ياسمين قربي وهي تشدني من ثوبي
-تعالي لدي ما أقوله لك
-ماذا تريدين..تكلمي بسرعة قبل ان تصرخ امي
-لقد عاد..رأيته يأتي عبر الطريق المختصر يقطع الحقول...انه يرتدي معطفه المطري
كان يظهر ثم يختفي بين زهرات عباد الشمس ثم أخذ الهواء يعبث بخصلات شعره...وهو يرفع كفه وليعيد ترتيبها..كأنه طيف أو حلم يظهر أو يختفي ويطير في الهواء
-انه طائر ترينه لاول مرة في السماء
-كلا..بل معطفه المطري هو الذي طار قليلا في الهواء
-كم انت حالمة..أهملت عملي وانا أصغي الى احلامك
-انا أقصده هو
-لماذا تتحدثين بالهمس
-أسمعي يا شمس لقد اصبح قريب من بيتنا..انه تيم أبن عمي فاضل أتى لزيارتنا
-يامحتالة لماذا لم تنطقي بأسمه من البداية.
أسرعت شمس الى المرايه تعيد ترتيب شعرها وتربطه بمنديل جديد وهي تنظر الى شكلها وملابسها وحين رأتها أمها وهي مشغولة امام المراية أبتسمت..
أستقبل أبي ضيفه تيم أبن صديقه..في ذلك المساء كان الطقس كثير التقلبات وأشتدت الريح وهطل المطر بغزارة لذلك طلب أبي منه المبيت عندنا.
سهر أبي وتيم الى ساعة متأخرة,تكلم أبي عن الزراعة وعن محصول الذرة وعباد الشمس مقارنة بالسنوات الماضية وعن الاسعار الجديدة في السوق ثم تغير الحديث الى السياسة وحالة البلد.
كان تيم يتكلم وانا أصغي ..وابي مرة يتفق معه واخرى يختلف في الرأي ثم سأله عن دراسته وعن مستقبله ثم سأله مارأيك لوتعمل في التجارة مثل اخوك فاروق
-لا يا عمي انا لا اطيق الجلوس في الدكان طول النهار فأنا انوي السفر لاكمال دراستي
-هذا جيد بارك الله فيك.
شعرت بالنعاس وتركت ابي وتيم يكملان حديثهما ودخلت الى غرفتي كانت امي تغط في نوم عميق كذلك اختي شمس وقفت قرب النافذة,لقد هدأت الريح وخف المطر قليلا ولمعت النجوم في السماء اه ما أجمل الليل هادئ ورقيق وكانت صوت الريح خفيفا وجميلا..وانا أحدق باتجاه الحقول شاهدت ظل شيئا يتحرك له ساقان طويلان ورأس ضخم يرتدي قميص اسود فضفاض وله ذراع طويلة تتحرك مع الريح شعرت بقشعريرة دبت في جسمي أقفلت النافذة ويدي ترتعش وزحفت الى فراش أختي ونمت بجانبها ثم ألتصقت بها.
-فتحت عيناها قائلة لماذا لم تنام في فراشك
-أشعر بالبرد
-انت خائفة
-لم اجب ونمت سريعا قرب اختي

__________________________________________________ __________
في صباح اليوم التالي نهض ابي كعادته توضأ وصلى الفجر ثم غادر البيت وترك تيم نائما بعد ساعتين,استيقظ تيم ولم يجد ابي في البيت واراد المغادرة فورا لانه شعر بالاحراج لكن امي منعته قائلة:
-اولا يجب عليك تناول الفطور وبعدها ارحل كما شئت
في فناء الدار تقف شجرة كبيرة اغصانها متدلية زرعها جدي وسط الفناء منذ سنين وعمر هذه الشجرة هو عمر بيتنا وقفت خلف جذعها الكبير أراقب تيم وهو يخرج من الحجرة قاطع الفناء الى الخارج برفقة امي وهي تحمله السلام والتحية الى والديه وتطلب منه ان يكرر الزيارة مع والدته..وانا مازلت خلف جذع الشجرة,انصرفت امي ثم ظهرت شمس وقف تيم قربها دون كلام وطبع قبلة على خدها ثم انصرف..اقتربت منها كان وجهها يشع كحمرة الشمس ساعة الغروب قلت:مابك؟
- انا بخير بأحسن حال
-ماذا قال لك تيم؟
-لاشئ
سكت ولم اسأل اي سؤال لان شمس تعيش هذه اللحظة في عالم اخر واي كلام معها لن تسمعه.
ذلك اليوم كان صعب على أمي لان شمس لم تركز على اعمال البيت وكل ما تقوم به لايعجب امي .
شمس تعيش مع خيالها..وامي مع اعمال البيت,وانسحبت بهدوء الى مكتني المفضل:الى التلة,حيث ارى كل شئ بيوت القرية مبعثرة هنا وهناك والحقول والشارع والقطار..ماأجمل صفير القطار اتمنى ان يأخذني معه حيث يذهب ويتوقف انا احسد الناس الراحلين والعائدين ..اتمنى ان اسافر في ذلك القطار ولكن الى اين اذهب وانا لا اعرف غير القرية والتلة والحقل!
واذ بأختي تجلس بقربي قائلة:لقد مر القطار ورحل انظري الى نهايته لقد تحول الى نقطة صغيرة
-متى أتيت انا لم اشعر بك
-لانك ركبت القطار ورحلتي ..لهذا لم تشعري بي..
-هل ترغبين بالسفر
-كم اتمنى ذلك..ان ارى وجوها جديدة ومدن جديدة وعالم اخر غير قريتي لااريد ان ابقى مزروعة كالاشجار في القرية اود الانطلاق الى عالم لم تره عيني واتعرف الى ناس لم يسبق لي ان عرفتهم
-هل تريدين الرحيل وانتي في هذا العمر
-وانتي ياشمس الا ترغبين بمغادرة القرية او ان تتزوجي في المدينة مثلا
-لماذا تسألين؟
-مجرد كلام
-أكيد احلم ان اتزوج من شاب يعيش في المدينة..سمعت امي تتحدث مع ابي مرة وهي تقول اتمنى ان يأتي نصيب شمس وتتزوج في المدينة حيث الراحة والهناء..
هذا ماكانت امي تظنه وتعتقده ان الحياة في المدن حياة راحة وهناء.


يتبع

__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________