عنوان الموضوع : رواية هل سأعوض ما فات من عمري - مشوقة
مقدم من طرف منتديات الشامل

هل سأعوض ما فات ؟ ؟


في اواخر الثلاثين من عمره . . اضحت به الأيام ثقيلة بالملامة والندم . . هل سأعوض سنين عمري . . وأكسب شيأ من باقي سنيني
إنه العمر قد شارف على منتصفه . . ولم يسعد بلذة الزواج . . وحياة مسقره . . وأبناء . . وبيت . . وهل سيعوض ذلك في سنوات الضعف المقبله ؟ ؟
بعد أن عاش في ميادين العز والشرف ووهبتها جل طاقته وشبابه ! !
سنين طويله . . وأيام شداد . . كانت في الطوابير العسكريه . . والمهمات العصيبه . . فكان خير مثل للجندي المخلص والمقاتل الفدائي
عاش بعيدا عن أهله مذ أن عرف العسكريه . . وأفنى حلو أيامه في الحضيره والمعسكر . . بين المدرعة والميدان . . فكانت الأولى صديقه و الثاني هو بيته ووطنه


انها قصة حيرتني كثيرا في حياة ذلك الرجل . . حينما كشف عن ما بجوفه من آمال . . وطموحات . . والآم . . وذكريات . . فيها نبرة الندم . . بدأت تتجلى من وراء ضباب الغفله بعدما شارف العقد الرابع من عمره

دارت هذه الذكريات والخواطر . . حينما كنا في جبل دخان . . في جنوب البلاد . . حيث كنا في مناوبة على دورية لحراسة حدود المسؤولية في قطاعنا . . في عام 1437-1436 حينما تسلل مجموعة من الحوثيين الى اراضينا . . وهب الجيش صمودا ودفاعا الى المنطقة الجنوبيه
خيم المساء بظلامه وتلاشت الانوار وبدأ الوضع يزداد صعوبة . . الموقف مخيف . . نسمع طلقات العدو . . وكما هي العادة . . لا تكون المواجهات إلا بمثل هذه الساعه . . حيث انها فرصة العدو في الاشتباك أو إسقاط عدد من القتلى من قواتنا
ازرى بي الحال مع صعوببة ورهبته . . فضعفت نفسي وتذمَّرت الحياة . . وتذكرت أيام السلم والرخاء . . كيف كنا ننعم بالأمن . . وسئمت من سبب الحاقي بالقوات في المنطقه الجنوبيه . . حيث كنت اعمل بالمنطقة الشماليه من البلاد . . وألحِقُتُ للجنوب للمصلحة العامة وتذكرت أهلي وأحبابي . . وأيامي الحلوه . . ثم حزنت على حالي في هذا الموقف العصيب
كان معي في تلك الدوريه وكيل رقيب في اواخر الثلاثين من عمره أسمه سالم . . يتوقد همة وإيمان . . ولم ارى منه ضعفا برغم شدة الموقف . . وكله ثقة وثباتا
عجبت جداً من روحه المعنوية العالية . . وزاد دهشتي به حينما كشف لي صفحاته وأدلى بما في خاطره من الذكريات والامال والطموحات
بينما كنا نتخفى خلف تلك التبه . . نختبئ بثبات . . ومع شدة الظلمه . . الحركة تشكل خطرا علينا . . ونتسامر بالهمس والصوت الخافت . . لأن الوقت طويل
قال لي . . هل أنت متعب . . لماذا تبدوا عليك ملامح اليأس والإحباط
قلت يا سالم . . أنت بين الرصاص والمدفع . . تلبس الخوذة والجعبة . . وحمم الرصاص بدت ترسم على يديك وكاهلك
قال لي كم عمرك
قلت 26 سنه
وكم خدمتك في الجيش
7 سنوات
فابتسم . . ابتسامتة ليست استهتار . . ولا تجريح . . وتركني بأفكار . . عن معنى الابتسامه . .ومعنى أسئلته
وبعد دقائق من الصمت
قال
يا صاحبي لا زلت تملك الفرصه لحياة سعيده . . ولم يفت لك شيئا من العمر . . وإن يئست أو خذلت من حياتك . . سترضى بعد أن تسمع أو ترى حياة غيرك
يا صاحبي
إنها الاندفاعة الشبابيه . . والمعنوية المتوقده . . والحب في العمل . . والاخلاص لهذا الوطن الغالي
حرمتني حياتي ومستقبلي وافنيت عمري كعسكري وخفير ومرابط ومناوب
لا اعرف من أيامي سوى ذلك . . فديت الوطن بشبابي . . وانستني الميادين والمناورات الحياة المدنيه
فلا أعرف سوى الطابور والصفه
يا صاحبي
فكرت مرارا بالزواج والاستقرار
فلم يسمح لي الوطن . . لأنني الجندي الذي أحميه وأفديه
لم تسمع لي الظروف . . ولم أرغب بترك الصفوف العسكريه . . وحتى أن لزم الأمر بتضحيتي بالزواج
حياتي العسكريه . . فيها من الشدة . . وفيها التعاون والاخاء
فإخواني هم أفراد سريتي
وأبي هو رقيب السريه . . وغير ذلك لا أعرف أحدا
منذ أن التحقت بالخدمه
كنت شابا في التاسعة عشر من عمري . . وكل طموحي هو الزي العسكري . . وحمل السلاح في واجبٍ وطني دفاعي
فعشت بين اخواني في السريه . . . حياة جميله . . أنستني كل ما عشته من الايام المدنيه . . فكنا في الميدان والحظيره
والمهمة والمناوره . . وكل همنا هو سمعة سريتنا بين الوحدات . . والظهور في المظهر المشرف بين السرايا
كانت الايام عصيبة . . والمهمات أصعب . . لكن الإخاء والتعاون يجعل من ذلك أمرا في غاية المتعة . . فلا تجد منا التخاذل أو الكسل
ولا تجد المتهاون في واجبه . . خشية من ملامة زملائة وأن يعيبوا عليه ضعفه وقلة كفائته كرجل عسكري صلب . . فلم يكن همنا هو خشية العقاب أو الجزاء . . مقابل السمعة والحياء من الزملاء
يا صاحبي
تمرست العسكريه . . وجرت في عروقي إيعازات الرقيب . . استرح . . استعد . . لليمين در . . وزنا . . هرول . . أجمع . . انصرف
وأدمنت الإصطفاف صباح كل يوم بين إخواني وأفراد سريتي
إن حزنت يوما . . فهم ملاذي وملجأي بعد الله سبحانه وتعالى . . وإن ضاق بي الحال . . أسبغوا علي كرمهم ووسعوا علي كل ضيقه
فلم أشعر بحاجة لغيرهم . . ولم أجد نقصا أحتاج تعويضه من أهل أو زوجة أو غير ذلك
حماستنا أفنيناها بالعمل البدني المنهك . . بروح المنافسه . . والتحدي . . بروح يملأؤها حب الوطن . . وحمل المسؤوليه
فهذا هو شبابي وهذه هي حياتي العسكريه . . التي مرت . . بحميل ذكرياتها . . وبصادق دروسها
ولكن يا للحسرة ويا للندم على أيام أمضيتها . . وان كانت جميلة . . ويبقى الاجمل منها عيشي في أكناف والدي . . وتلمس حاجاتهم وبرهم
يا صاحبي
سكر الشباب . . وحماسته . . هو ما أودى بي لمثل ذلك . . تركت اهلي . . ولم أظفر بقربهم حتى مات أبي رحمه الله
أبي . . ليس بحاجة لخدمتي . . بل كان رجل مقتدر معافى . . وكان يفتخر بي كإبن يقف في صفوف الجند مدافعا عن حمى وطنه
كنت اجيء لزيارته مرتين في السنه . . وتارة كل سنة مره . . حتى توفاه الله برحمته ومغفرته
فكان الاحرى بي أن اغتنم حياته في بره والاحسان له
قلت يا ســـــــــــــــالم
كفى . . لقد أثرت أحزاني في هذا الموقف العصيب . . توقف عن حديثك يا صاحبي . . فكدت أبكي من حزن حياتك
وهل سيكون مستقبلي كذلك وانا ارتدي بدلة العز والشرف مجندا في في هذا الجيش ؟
ضحك صديقي سالم من كلامي
وقال . . لا يا صاحبي
هذا يرجع للشخص نفسه باختياره لمصيره . . وليس كل هذا بسبب العسكريه
لا تيأس يا صاحبي . . ولا أريد خفض معنويتك بهذا الحديث . . وأنت عزم لا ينثني
ومهنة الجهاد . . هي مهنة الرسول صلى الله عليه وسله وصحبه الكرام . . وهي أِشرف ما يعمل به المسلم
قلت يا سالم . . أتذكر ليلة البارحه ؟
يوم أن أفرزوا سريتنا للتعامل مع شرذمة الحوثين خلف جبل الدود . . فقدت العريف أحمد بعد أن كان جاثيا على الرشاش ويرمي بالطلقات . . وبعد ساعه وجدت محمد في مكانه على نفس الرشاش
سالم . . أين أحمد . . فبعد تلك المواجهه لم أراه
أحمد . . استشد رحمة الله عليه حيث أنه كان في مكان مكشوف وليس هناك من يستره في مكانه
سالم . . أحقا مات احمد
نعم يا صاحبي . . هو شهيد وليس ميت . . تمنيت أنني كنت مكانه . . أسأل الله الشهاده
صرخت في وجهه . . ســـــالم . . أي قلب تحمل
أوتتمنى الموت . . وهل هو الموت بسيطا في نظرك
يا صاحبي . . وما هو الذي ارجوه من هذه الحياة البائسه . . وهل لي أن أضمن جنة الخلد بغير الشهاده
جلست أنظر الى سالم بكل حيرة واستغراب . . التفت يمينا . . فإذا بها ظلمة الليل . . نظرت أمامي فإذا بها صليات الطلقات الناريه
بقيت صامتا افكر
مات احمد . . رحمك الله يا زميلي . . وماهي المشاعر الي يحملها سالم . . حيث تمنى أن يكون مكانه
ماذا لو كنت أنا الشهيد . . وهل سأنجوا من هذه المواجهات . . أم سأموت
أنها المشاعر تتلاطم في داخلي . . حزنا على احمد . . وخوفا من المستقبل . . أما سالم . . الرجل الذي مات إحساسه مذ أن عرف العسكريه
طلع النهار . . وأشرقت الشمس . . حيث صلينا في مكاننا الذي نتترس فيه . . خلف تلك التبه
توقفت اصوات المدافع والطلقات . . وعدنا الى معسكرنا بعد أن جاء زملاؤنا البدلاء عنا في ذلك الموقع
وفي طريقنا. . راجلين . . نحمل أسلحتنا الثقيله . . وصديقي سالم يسير بجانبي
قلت يا سالم . . تحلو ساعات الراحة الان . . بعد أن قضينا ليلة عصيبه
واحلم بوقت كاف للنوم
ضحك سالم . . وقال يا صاحبي . . ليس لك وقت للراحة في هذه الظروف
ولماذا يا سالم
قال إن عدنا سنتلقى التعليمات من قائد السريه . . وما يمليه علينا من أوامر . . وفور وصولنا الى مخيم زملائنا
جلسنا سويا نتسامر مع بقية الزملاء . . ونتبادل الاخبار . . وأي أخبار . . إصابات في زملائنا . . وخسائر وقعت . . وظروف المت بالبقيه
جاء الرقيب المناوب . . واستدعى سالم . . فنظرت بين عيني صاحبي سالم . . غيظ لم أكن اعهده منه
سالم
ما الأمر
قال صدر علي حكم عسكري بالسجن لمدة 15 يوما . . والرقيب المناوب سيأخذني الى هناك
سجن . . ولماذا السجن يا سالم
قال بسبب السلاح الذي فقد وهو بعهدتي . . حيث أن أحد الزملاء استعاره مني – وكان بأمس الحاجة له – ثم فقده ولم نجد له أي اثر
ســالم
أنت الجندي المخلص الذي فديت كل عمرك وشبابك لهذا الوطن . . ويكون جزائك بهذه الطريقه . . سالم . . هذا ظلم
وهل فقد السلاح في مثل هذه الظروف الغامضه يستدعي لسجنك ومعاقبتك بمثل ذلك
وذهب سالم الى السجن العسكري . . وبقيت حزينا عليه ولم يغب عن بالي طوال أيامي في تلك الازمه
حفظك الله يا سالم في حلك وترحالك



انتهى

أشكر كل قارئ منحني شيئا من وقته لقراءة ما كتبت
أتمنى أن تجد المتعه والفائده في هذه الاسطر
وأسعد بملاحظاتكم ونقدكم


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

::

الله يعطيك العافية أخي الفاضل على ماقدمت
جنان الورد لروحك

::


__________________________________________________ __________
روايه في قمه الروووووووووووووووووووعه


والاحساس اهنيك على حسك الدافق


تقبل ودي واحترامي


__________________________________________________ __________
ملامح دافئه
سعدت بمرورك
ريام الورد
أشكرك على اطرائك الجميل . . وسعدت جدا باعجابك بما كتبت
اشكرك على مرورك

__________________________________________________ __________
سلمت يداك ع ماقدمت
ودي ,.


__________________________________________________ __________
يسلمووو
يعطيك العافيه
في إنتظار الجديد

بعض من تلك الاوقات التي نتمنى مشاركتها مع اخرين
قليلا من ذكريات أو من أمنيات
عزيزة على النفس
لا نريد لها الاندثار

كانت هذه المشاركة تزخر بالفائدة
فشكرا لك لمشاركتنا معك بها