عنوان الموضوع : خلايا ضايعه من المخ جـ2 - رواية جميلة
مقدم من طرف منتديات الشامل

جلسا على الأريكة وأخذت ( فوزيه ) تشرح لوالدها عن وظيفتها الجديدة وتقوم بالتنسيق معه كي يذهب بها إلى المدرسة غداً .. لم تكد تتفق معه حتى قفزت إلى غرفتها وقامت بحلق ذقنها ومن ثم توجهت إلى دولاب ملابسها وقامت بفتحه وهي تردد في داخلها والله من شاف وقفتي أتأمل هالملابس قال وش عندها الأميرة ديانا محتاره وش تلبس وهي كلها تنوره وبلوزه لو شلت وحده منهم ضاق صدر الثانية من الوحدة ..

أعدت لباسها وقامت بالاتصال على صديقتها ( هنا ) التي كانت غارقة في عمل المطبخ لتسألها ( فوزيه ) وش جالسه تسوين اسمع صوت طقطقة مواعين كنك تحضرين جن .. تنهدت ( هنا ) بعمق .. جالسه أصلح شاهي لأخواني وأخوياهم في الملحق جعلهم ما يحدرونة أنا مدري هم يشربونه وإلا يكبونه في الفرشة وإلا يرتاجمون بالبيالات تصوري يا ( فوزيه ) هذا ثالث براد أسويه .. لا ومن زين الطبايع يقول نبي شاهي ورق مدري من قايله أني اشتغل في مقهى الشلال يوم يتشرط ...

ضحكت ( فوزيه ) وهي تقول لها .. أنا لو أني منك أحشي اللبتن في شوزن وأدخل عليهم وكل واحد أعطيه طلقه في ثمه أخلي سلك اللبتن يتدودل من بين شفايفة عشان معد يطلب طلبات مثل وجهه .. قال إيش يبغون ورق ..

استمرت تحدثها لعدة ساعات حتى شعرت بأن أذنها تمددت لتصل إلى كتفها ويدها تتراخى بسبب النعاس الذي سيطر عليها ليسقط من يديها الجوال وتغط في نوم عميق وقد تناثرت أجزاء جسدها على السرير وكأن قنبلة يدوية أصابتها .. ليدخل عليها أبوها في الصباح الباكر ويوقضها لتذهب معه إلى المدرسة في سيارته المتهالكة وقد وضعت الخمار على وجهها وتحته قطعة قماش مبلله كي تمنع رائحة سيارة والدها من الولوج إلى فتحة انفها وتسبب لها ربو مزمن يؤدي إلى احتراق الشعب الهوائية لديها ...

ظلت على هذه الحالة حتى أحست بأن الرائحة تتسرب إلى أنفها وبدأت تشعر بدوار البحر وبرغبة في الغثيان وصداع يكتنف رأسها كمعاول تطرقه ليبدأ معدل النظر ينخفض لديها وأصبعها يتحرك وشفتيها تنطق بالشهادة استعدادا لتسليم الروح لبارئها ولكن لاحت لها المدرسة بعد أن انعطف والدها يميناً ليدب الأمل في عروقها وتستعيد نشاطها لتنزل من السيارة بسرعة فائقة وتتنشق الهواء العليل بنفسٍ عميق جعل حارس المدرسة يتمسك بشجرة متهالكة وتتمسك الشجرة بدورها بسور المدرسة كي لا يدخلان في فتحة انفها من جراء النفس لتزفر جميع الهواء الذي استنشقته لتملأ المكان دخاناً أسوداً

لتدخل بعدها إلى المدرسة وتتوجه إلى مكتب المديرة واكتشفت بعد حوارها معها بأنها صارمة كأي امرأة تتولى منصب فهي تطبق النظام بصورة عمياء لا تعرف التساهل ولا التهاون ولا حتى المرونة في العمل تسير على حسب ما يكتب لها من تعاميم وأوامر ...

أخذت تعمل في المدرسة بجد ونشاط ولكن دائما نصيب المجتهد هو زيادة العبء على عاتقه دون أي مردود مادي أو مفاضلة في التعامل فقد أسندت المديرة إليها حصص الانتظار والإشراف في الفسحة والمناوبات آخر الدوام لتصبح الفراشة صديقتها إلى أن تخرج آخر فتاة من المدرسة وبعدها تتوجه إلى بيت الفراشة لتقوم بمساعدتها في تحضير طعام الغداء لأولادها إلى أن يأتي والدها الفاغر الذي دوما يذهب إلى المنزل ويطلب الغداء ولا يجد من يرد عليه الصوت فيعلم بأنه نسيها في المدرسة ليقوم بتشغيل سيارته وإحضارها ... كل هذا التعب والجهد لا يقدر بثمن فعندما تغيب يوم واحد فقط يخصم عليها وكأنها لم تكن تعمل بجد

تحملت العمل مع المعلمات اللواتي ينظرن للبديلات كأنهن وجدن لخدمة الرسميات وأنهن لا حول ولا قوة تحت قبضة المديرة التي ما إن تحس بتقاعسها في العمل حتى تقوم بتهديدها بعدم التجديد إن لم تفعل ما تأمرها به ... لتعيش يئساً أوقعها بين مطرقة المديرة وسندان الموجهة التي تحضر لتضفي فلسفة خلقتها من رأسها ولتثبت لها بأنها أفضل منها وأنها يجب أن تعطي المعلومة حتى وإن كانت المعلمة صائبة لابد أن تضيف شيئاً لكي تشعر بأن حضورها وعناء الطريق لا يذهبان سدى ..

أمضت مدتها بمحبة وود وعند آخر يوم أخذت خطاب إخلاء الطرف مع شهادة الخبرة وذهبت إلى إدارة التعليم لتقوم المشرفة بالتوقيع عليها .. وتعود بعد ذلك إلى المنزل وتمارس تجاربها بكل حرية ليكون ضحيتها هذه المرة ابنة عمتها التي حضرت زيارة إليهم لتتناول بسكويتا وضع على المنضدة دون أن تعلم بأنها تجربة سامة لجذب الفئران لينعكس على تصرفاتها وتتوجه إلى أسلاك الثلاجة وتقوم بقرضها ليحضر والد ( أبو هديب ) وفي يده مكنسة ليهوي بها على رأس ابنة أخته وهو يزجرها .. كل شي إلا الثلاجة نعنبو خيرك عندك الجبن في الحباله روحي خذيه .. حسبي الله على هالبنت مدري وين بتودينا وتجاربها ...


--------------------------------------------------------------------------------

توالت الشمس والقمر وكل واحد منهما يضرب يد الآخر ليدخل إلى حلبة السماء ويمارس نشاطه اليومي فما إن ينتهي أي منهما يذهب إلى الجهة الأخرى من الأرض ويغلق الباب خلفه حتى لا يشعر بإزعاج الجهة الأخرى ..

استمر الوضع هكذا حتى آتى يوم اتصل فيه ديوان الخدمة المدنية عليها وطلب حضورها فوراً لتلبي النداء على وجه السرعة ويوجهها الديوان إلى مدينة المجمعة لتعود إلى المنزل وهي تقلب الموضوع في رأسها لتردد في داخلها مالي إلا هالسبيكة ( أبو هديب ) أقنعة يوديني الله يعينا عليه ويا شعره هاللي كنه وحدات سكنيه .

حضرت إلى المنزل وتحايلت على أخيها ( أبو هديب ) العاطل كي يوصلها كل يوم إلى المدرسة براتب وقدره ألف ريال مع علبة مشروب غازي في الذهاب والإياب ولكن ( أبو هيب ) رفض بحجة أن المشروب الغازي ينفخ البطن بينما سبب رفضه الحقيقي هو أن الألف ريال ما توكل خبز ... قالت له بكل غضب واحتقار يا فاشل يا أبو حواجب متشابكة .. ألقت بالكلمة في وجهه ضننا منها بأنه سيشعر ويتأثر بها ولكن لا حياة لمن تنادي .. أخذت الدليل وقامت بالبحث عن أرقام سيارات النقل لتقع عينها على أحد المؤسسات لتقوم بالاتصال عليهم والتنسيق معهم وإعطائه وصف المنزل ليحضر من الغد أمام منزلها لتصعد معه وقد جلست بجانب فتاة أسندت رأسها إلى النافذة وغطت في سباتٍ عميق لتقول لها فتاة أخرى لا تستغربين ما يمدينا نرقد في بيوتنا ونحاول ننام لنا شوي الين نوصل للمدرسة هذا غير البواسير الله يكفيك شرها ما تجلسين الا مشوطره كنك جيب يمشي على كفرين ..

وبينما هما تتحدثان قالت لها فتاة ثالثه يمناك لا عدمناك خذي هالقهوة خليها تصح صح براسك ورانا خط .. همت برفع نقابها لتشرب قهوتها ولكمن السائق ( أبو ابراهيم ) قاطعها بسؤاله .. وين أبلا ( هيا ) ترانا بنمر المحطة اللي فيها الكفي كان تبي نوقف وإلا نكمل.. لم يكن يعلم بأن أبلا ( هيا ) تغط في نوم عميق لترد عليه ( فوزيه ) معنا قهوة ما يحتاج .. قاطعها مرة أخرى وهو يجيبها أبلا ( هيا ) مهيب تحب القهوة العربية مقطوع سرها في أوروبا ما تشرب الا قهوة هالأجانب .. كنها أنا من يوم أحس اني مصدع أوقف عند المحل واطلب كفي بالقهوة مع قطعة شوكلاته بالكاكاو بعدها أحس بنشاط ... تطلعت ( فوزيه ) إليه بتعجب وهي تقول له بسخرية يا ( أبو إبراهيم ) جرب تاخذ بعدها ووتر بالموية عشان يحدر اللي أكلته ..

تناقشت معه طوال الطريق واكتشفت بعد النقاش أنها تنفخ في قربه مشقوقه بل لم يكن هناك قربه من الأساس ....

وصلت إلى المدرسة ومارست نشاطها ... وضلت على هذه الحالة كل يوم تصحوا وقت الفجر لتستعد وتذهب مع ( أبو ابراهيم ) الذي لم تكن أسألته إلا عن الزواج والتميلح ضناً منه بأن واحدة من المدرسات ستكون في يوما من الأيام محرماً للمجموعة ولكن المانع كانت ثيابه الرثة ووجهه الضئيل الذي لا يتعدى حجم أزره البالطوا ..

مضت على هذه الحالة لسنوات عدة وهي في كل سنة تتسابق على حركة النقل التي أخذت فرحتها تذبل فيه مع مرور الوقت ليتملكها إحساس بأنها مسرحية كبيرة للإسكات فقط ...

عاشت على هذا المنوال تحضر كل يوم وقبل أن تدخل إلى المدرسة تقوم بعصر نقابها وتحركه في الهواء حتى ينشف اللعاب الذي انتشر فيه بسبب النوم ثم بعدها تدخل إلى المدرسة كي تحلق على توقيع الحضور وإن تأخرت بسبب ظروف الطريق فإن الخصم يشملها وفي آخر السنة تطالبها المديرة بالحضور والتوقيع دون أن يكون هناك أي عمل ولا طلبه بسبب التعميم الصادر من وزارة التربية والتعليم الذي أطلقه شخص ليس لديه قريبات متغربات ...

ابتلعت ضيمها دون أن تتجرع خلفه كوبا من الماء لتعتاد على طول الطريق و تعبه حتى أتى يوم كانت تغط في سبات عميق لتفيق بجنونٍ على صوت انفجار الإطار الذي جعل السيارة تحذف عن الطريق وتشاهد ( أبو ابراهيم ) الذي حاول بيأس السيطرة على مقود السيارة ولكن السيارة مالت بهم لتنقلب بشكل جنوني رأسا على عقب لتسمع صرخات المعلمات من حولها لثواني معدودة ثم انقطع الصوت ليغشي بصرها ضباب جعلها بالكاد ترى المعلمات اللواتي تنثرن في كل مكان.. حاولت أن تميز الموقف ولكن الغيبوبة اكتنفت رأسها لتجهز عليها وتفقد الوعي ...


--------------------------------------------------------------------------------

دنت حركة بسيطة انطلق معها صوت صرير معدني لتفيق ( فوزيه ) من شرودها وتقع عينيها على ذلك البرنامج الذي يتحدث عن الذكريات الجميلة ليقول لها والدها ...

م تعبتي يا بنيتي من هالكرسي المحتحرك .. قالت معليش كنت أتابع البرنامج وشكلي غفيت شوي ... نطقت بكلماتها وانحدرت دمعة من عينيها ليقاطعها .. كنت تتذكرين الحادث .. عندها انفجرت بالبكاء وهي تقول له ... مرت سنه وأنا أتخيل الموقف كأنه أمس ما أقدر أنسى خبر مصرع المعلمات اللي اروح معهم كل صباح وأتبادل معهم أطراف الحديث... أحس أنه أمس وسبب اللي أنا فيه هالسمؤولين .. قاطعها والدها .. لا يضيق صدرك يا بنيتي هذي سياسة ... ليت أني أقدر أوصل للإعلام وللمطبلين من الصحفيين وأقولهم أن اللي يسوونه هالمسؤولين ببنات المسلمين حرام عليهم وأنهم محاسبين .. كم بنت توفت على هالخطوط السريعة وكل اللي ناب أهلها نعي في الجرايد بدون إيجاد أي حلول .. هذا غير البنات اللي تجيهم إصابات ...

ما إن وصل إلى هذا المقطع حتى أجهشت بالبكاء ليستطرد بدوره .. لا تبكين يا بنتي الحزن ما يرجع الغالي ولا الماضي ... أبيك تستريحين ولا تعطين هالموضوع أي اهتمام لأنه إذا ما حس المذنب بذنبه ليش حنا نشيل ذنبه ونعذب أنفسنا .. مالنا إلا ندعي أن الله يصلحه ويسدد خطاه في اتخاذ القرارات .. دنى منها ومسح دمعتها وابتسم ليكمل حديثه .. ويكفينا أنك مازلت عايشه بينا يا ابنتي ..

امسك بعدها بمقبض الكرسي المتحرك وانطلق بها إلى غرفتها وفي داخله صوت يتردد .. متى سيلتفتون إلى هذه القضية متى سيفيقون من غفلتهم ويجدوا لها حلا جذرياً قبل أن نفقد فتياتنا ...

فمن يقوم بإدارة حركة النقل والتعيين لديه خلايا من المخ ضائعة فنتمنى من الله العلي القدير أن يجد ما فقده من خلاياه وأن يعود لنا بقرارات صائبة تنم عن فكر متحضر

سار وطفأ أضواء الصالة ليصبح البيت مظلماً دون فرحة تبث الحياة فيه ...

النهاية

>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

مشكوره على الموضوع الروعه
وننتظر جديدك
ويسعدني اكون اول من يرد عليك
وتقبلي مروري
عسعوسه

__________________________________________________ __________
مشكورة علي الموضوع روعة واللة يسلمو يعطيك العافية

__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________