عنوان الموضوع : ((تركتها وحيدة))اعرضها عليكم من جديد تابعوني رجاء - مشوقة
مقدم من طرف منتديات الشامل

هذة الرواية وضعتها اختي لن احتمل من قبل ....وانقطعت بعد ذلك نظرا ...لانقطاعي انا عن الكتابة ...

وهي موجودة الان في عدة منتديات ...بمستخدمين مختلفين

منعا للشك والتشتت ...

على العموم ....سوف انزل هذة الرواية مررة اخرى واتمنى ان القى التفاعل ....

((تركتها وحيدة))


انتابتني مشاعر غريبة مختلطة وانا ارافقهاعبر ممرات المستشفى الطويلة وهي على سريرها الابيض متجهين الى الى غرفة العمليات..
شعرت ان هناك من يعتصر قلبي بشدة ..وانا اتاملها بخوف ..واربت على كتفها برفق..
كانت تلهث.. وبدت شفتاها يابستان تعلقت اصابعها الرقيقة بطرف ثوبي ..بين الحين والاخر كانت ملامحها المرهقة تتغضن ...
وفمها اللاهث يتصلب ..وكانها تصارع الالاما عظيمة..تمنيت لو استطيع مساعدتها بكلمة او على الاقل ...
التخفيف عنها ..زادني موقفي العاجز توترا وعصبية ..حاولت ان افتح فمي واطمئنها ...
اريحها ببضع كلمات مواسية ..ولكنني عجزت وانزوت الكلمات على طرف شفتي...لازالت نظراتها متوسلة ..تنتظر العون ..لازالت متعلقة بي رغم كل ما حدث ...
ولادة مبكرة ...لا زالت في شهرها السابع ..لم يحن موعد ولادتها بعد..لم تكن حالتها طبيعية .. ..اعلن ذلك الكائن ...الرابض في احشائها ..
عن وجودة سريعا ..وكانه قد مل الظلمة المحيطة به ..لعلة اراد ان يرى النور ..
كان منظرها يثير الرثاء في نفسي ..ويشعل مواطن الخوف والفزع في ذاتي ..لم اتعود ان اراها ...
في هذة الحالة ابدا ..كانت دوما مبتسمة سعيدة رقيقة...لم تعرض عني يوما او تجرحني بكلمة ...
كانت كالجارية تحت قدمي ..وكانها خلقت لخدمتي انا فقط...
عندما وقفت بجانب باب غرفة العمليات بعد ان ادخلوها سريعا لاجراء العملية القيصرية ...اخذت الافكار ...
والوساوس تنتهبني من كل جانب وصوب...حدقت طويلا الى الارض الرخامية اللامعة وانا اداري ...
شعوري العميق بالذنب ..اتراني امعنت في ظلمها الى هذة الدرجة..اتراها كانت تكبت الامها الكبير ة عني...
لقد فهمت الان لماذا كانت تتوارى عندما اذكر لها اني في موعد مع المراة الاخرى...كانت تحدق الى باسمة ...
ثم تتوارى سريعا عن ناظري تاركة اياي اتخبط في غموض تصرفاتها الغريبة...
لم استوعب كلماتها التي اتت كي تشكل لي صدمة كبيرة...كانت كلما شعرت بالم ازدادت ابتسامتها اتساعا ...
وكانها تقهر بذلك اوجاعها وجروحها....حدقت اليها غير مصدق وانا احاول ان استبين ما تخفية ملامحها العنيدة...
كررت كلمتها بدهشة...
_اتزوج !!!!
بدت لي ان هذة الكلمة غريبة جدا بالنسبة لزوجة ..اذ ان الذي كنت اعرفة ...
ان اي امراة كانت في هذا العالم تفضل الموت على ان يرتبط زوجها او حبيبها باخرى...ولكن زوجتي خرقت كل
تلك القواعد.وضربت كل القوانين البشرية عرض الحائط....بطلبها الغريب...
تشاغلت اصابعها الرقيقة بكم ملا بسها وهي تقول
_نعم وهل في ذلك غرابة!!!
مددت يدي الى ذقنها الصغير ورفعتة كي يتسنى لي رؤية ما تخبئة ملامحها ...قربت

وجهي اليها وانا اقول لها بعتاب
_لم اتوقع ان تطلبي مني ذلك ابدا !!!
اطلقت ضحكة قصيرة ...كانت شفتاها ترتجف ..ونهضت سريعا متجهه الى الغرفة قائلة قبل ان تتوارى
_نعم انا اطلب منك ذلك...
كانت شديدة الاعتزاز بكرامتها كانثى ...وكانسانة ...على الرغم من الطيبة الكبيرة التي تسكن قلبها المرهف....
حاولت منذ تلك الحادثة ان اتناسى ما قالتة ...معتبرا اياة مجرد دعابة او ما شابة خصوصا وانها لم تفاتحني في الموضوع ثانية....لعلها ندمت على ذلك ...ارخيت الطرف عن ما اعتراها

من نفور وكابة...موعزا ذلك الى حالة الفراغ التي تعيشها ...
خصوصا واننا ليس لدينا اطفال...مع محاولاتنا المستميتةومعاناتنا الطويلة في اروقة المستشفيات ... للوصول الى حلمنا...
لكن لم يكتب الله تعالى ان نرزق باطفال رغم مرور ثمانية اعوام على زواجنا...لا انكر انني كنت اتوق الى ان اكون
ابا ..ولن اخفي مشاعري واقول اني غضيت الطرف عن الموضوع لكني اثرت الصمت والصبر املا في الله ورغبة في ازاحة شبح الذنب عن اعماقها اذ كانت تعتقد انها

السبب في عدم الانجاب....
حاولت كثيرا ان اقنعها انه ربما اكون انا السبب ...حاولت ان ازيح عن كاهلها تلك الاعباء ..لكنها ابت ان تقتنع ..
كانت تعلل ذلك ان جميع رجال عائلتي المتزوجين لديهم اكثر من طفل...وان عائلتها لها سابقة في العقم وتاخر الحمل...لا شك ان ذلك كان يثير في نفسي

الشكوك...لكنها كانت اهم عندي من كل شئ ....فهي ملاكي الذي لا استطيع ان اجرحة حتى بنظرة ...
مضت بنا الحياة هكذا دون اي جديد او امر مهم ...كنا لا زلنا ننتظر تحقق الامنية ومعجزة الخالق..
حتى فاجاتني في يوما من الايام ..كنت لا ازال بجانب الباب عند رجوعي من العمل منهكا تعبا من اعبائي الوظيفية ...وقفت تحدق الى في وسط الدار ...وابتسامة

واسعة تزين ثغرها....
كانت تعاني منذ عدة ايام من وعكة صحية بسيطة ...اقعدتها على الفراش لمدة يومين ...نصحتها ان تذهب مع والدتها الى الطبيب...لذا فقد بادرت الى سؤالها فور ان رايتها ..

باهتمام عن صحتها رغم تعبي..
_كيف صحتك اليوم؟؟؟
فوجئت بها تركض الى وترتمي في احضاني كطفلة صغيرة ...تعلقت بعنقي وبدات بالبكاء ..كانت تنشج بشدة بين ذراعي ...اتسعت عيناي وانا ارى حالها

تسارعت دقات قلبي اكثر مع ازدياد النشيج ربت برقة شديدة على ظهرها وانا اسالها بلهفة
_منى مابك..هل قالت لك الطبيبة شئ مزعج؟؟
ابتعدت عني واخذت وجهي بين كفيها الصغيرين قائلة بسعادة غريبة
_سعيد !!!!!!انا حااااااااامل!!!!!!!!
نظرت اليها كالابله ...فاغرا فمي كالمشدوه ...لم اصدق ما سمعتة اذناي ..شعرت بشئ هو اشبة بالجنون ....




يتبع,,,,,,,


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

((2))




مشاعر غريبة احتوتني ....بدى لي ان كل شئ قد توقف في هذة اللحظة...في الحقيقة كنت اخير نفسي بين التصديق ...او عدم ذلك ....وكانني في حلم ...جميل ....انتظرت ان افيق منه اسفا ...
لكن زوجتي استمرت تكرر ما قالتة وهي تهز كتفي بقوة ...كانما تريدني ان افيق من الصدمة المتوقعة التي اصابتني ...لا اعلم لماذا كانت ردة فعلي التالية بتلك الطريقة ...حتى انني ازعم ان من يراني في تلك اللحظات سيخالني قد جننت لا محالة ...اذ
رفعت وجهي فجاة وان اضحك بصوت عالي ... امن المكن ان يحدث ذلك ...كل شئ يبدو مكانة هذا هو منزلي ...وهذة هي جدرانة انني اشعر بلمسة زوجتي ...طلبت منها ان تقرصني في خذي كاختبار اخير على انني على ارض الواقع وان ذلك كله ليس حلما..عندما قرصتني شعرت بالالم ..لا احد يشعر بالالم وهو نائم ..اذا هذا حقيقة ....
_منى حااااااااااااامل ...بعد ثمان سنوات من الانتظار..
احطتها بذرعي وانا اداري دموعي الغزيرة ...لقد هزني الحدث بشدة ...حتى بت غير قادر على تمالك اعصابي ...انتابتني حالة غريبة من البكاء انا
الرجل الذي من المفروض ان ابدوا اكثر قوة في مواقف كهذة ..لم استطع الا ان اهتز من شدة الانفعال ...تمنيت بالفعل ان تكون والدتي موجودة ...لا شك ان نظرة الاسف والرثاء سوف تتبدل الى فرحة وغبطة....
كنت مزهوا كثيرا وانا ارى نظرات السعادة في عين والدتي اللتان اغرقتا بالدموع ....لقد كان حدثا رائعا ... تحلقن شقيقاتي حولي وهن يياركن لي ...كن ارد عليهن بانشراح كبير ...كانت الدنيا تبدو في عيني واسعة رحيبة...
لا مكان للحزن او الهم فيها ...صافحني اصدقائي بقوة وهم يرون ابتسامتي الواسعة....
مرت شهور ثلاثة شعرنا انا وهي بكثير من السعادة والامتنان ...على الرغم من الا وجاع التي كانت تنتابها بين الحين والاخر...الا انها كانت تقابل هذا كله بابتسامة ...كنت اعجل في انهاء متعلقات عملي كل يوم كي ارجع سريعا اليها ..لم اكن اطمئن عليها الا اذا كنت معها فهي امراة عنيدة ...كلما طلبت منها ان تلازم الفراش نظرت الي وكانها تقول انك تبالغ كثيرا ...اخبرتنا الطبيبة ان الارهاق والتعب كان شيئا طبيعيا خصوصا في هذة الفترة الشهور الاولى من الحمل ...ولكنها اردفت بلزوم مراجعتها فورا اذا زادت الالام عن حدها المعقول ....
كلام الطبيبة ادخل في نفسي شيئا من الاطمئنان والراحة ...اذ كنت غير مرتاحا ابدا للتعب اللذي ينتاب ((منى ))بين الحين والاخر ..كنت مستعدا ان اخذ اجازة من عملي لابقى الى جانبها ...لكنها قالت لي انه لا داعي لذلك كله ...فهي بخير كما قالت الطبيبة ....
حافظت زوجتي على عادتها ..فهي لم تترك امها ابدا منذ ان تزوجت ...كانت بين الحين والاخر تذهب اليها لتجلس معها ....كانت تشفق عليها فلقد باتت وحيدة بعد ان تزوج اشقائها ...ولم يبقى لها الا ((وليد))وهو شا في الثامنة عشرة تصرفاتة طائشة ولا يشعر بالمسؤولية ابدا ....ولا يهمه ان يمرح طويلا مع اصحابة تاركا والدتة تعاني الوحدة...
اخبرتها عنة مدى قلقي ..واوصيتها ان تتوخى الحذر دائما في حركاتها ...خاصة عندما ترقى درجات السلم....
ذات يوم احسست بها تتقلب طويلا على السرير ...عندما سالتها اجابتني ان الالام قد زادت اسفل ظهرها ...اردت ان اخذها سريعا الى المستشفى ...لكنني شعرت ببرودها حقا عندما قالت لي انه لا لزوم لذلك ...لم اعد احتمل ذلك لابد ان اذهب معها الى الطبيبة كي اطمئن...لكنها قالت لي ان اذهب الى عملي ...واذا رات داعيا لذلك سوف لن تتاخر ابدا في الاتصال بي ..فهي تعلم كم اعاني من مديري القاسي ...ومطالبة الكثيرة ....
ذهبت الى العمل وانا مشغول البال ..بيد انني كنت ساهما حتى
وانا اراجع الحسابات ...رغم انها تحتاج لمزيد من الانتباه والدقة...
لم استطع ان امنع نفسي من التفكير ...انتظرت طويلا ان يرن الهاتف لكي ارتاح من القلق الذي يسكنني ....
عندما رايت مديري يقف باب المكتب وهو يحدق الينا بنظرة بغيضة ...شعرت بكثير من الحنق ...فاتنا لست مستعدا لملاحظاتة ...الكثيرة ...تمنيت ان يذهب سريعا فلست في مزاج جيد...
ولحسن الحظ سريعا ما ابتعد عندما وردتة مكالمة من هاتفة الخليوي....تنفست الصعداء وان اراه يبتعد...نظرت الى الهاتف ...
لم تتصل الى الان ...ربما شعرت ببعض التحسن ...
شعرت بالارتياح لهذا الخاطر... ابعدت فكرة التصال ربما تكون نائمة ...وليس من اللائق ان ازعجها باتصالي.....
لكنني جفلت عندما سمعت صوت الهاتف يصل الى اذني ..ماذا الان ...لقد عاد الي قلقي ....
...انها نغمة اتصالها لا شك انها هي...دق قلبي سريعا عاودتني الوساوس والافكار ...اجبت متوجسا....
كانت حماتي ((امها ))من يجيب على الهاتف استغربت ذلك...والاغرب ان صوتها كانت حزينا متقطعا وكانها للتوا كانت تبكي...شعرت باصابعي تحترق وانا اسالها بخوف
_مالامر هل اصاب منى شئ؟؟
_لقد فقدت الجنين!!!!!
اردت ان يكون ذلك حلما ...ولكنة كان كابوسا ...وكابوسا طويلا مرعبا ...استمعت الى الصوت ينبعث من اسلاك الهاتف وانا اشعر بغصص في حلقي وحرارة في صدري ...
تراقص في عقلي المشدوة الف سؤال وسؤال ...كيف يحدث ذلك ...ولماذا ...ومتى ...تركت نفسي اصارع تساؤلاتي...بينما اغلقت حماتي الخط ....كنت حينها لا زلت امسك بالسماعة ...
وضعت يدي على جبيني وانا الهث ...شعرت انني في عالم آخر...تجمدت مكاني ولم افق من الصدمة الا عندما تناهى الي صوت زميلي وهو يسالني بقلق عن حالتي ....
اسرعت خار جا من مكتبي ..دون ان احمل حتى هاتفي ...سقطت صريع خيبتي وحزني طوال طريقي الى المستشفى...حتى ان اوشكت ان اتورط في حادث مريع....
كنت اجتاز اروقة المستشفى وانا اشعر انني جسدا فقط من دون روح...وصلت اخيرا الى الغرفة....
دخلت اليها في غرفة المراقبة كان وجهها شاحبا يحاكي شحوب الموتى...عيناها كانتا مسبلتين في انكسار...قالت لي والدتها انها نائمة بسبب ابرة المهدئ....اخبرتني انها عانت الالاما مبرحة قبل ان تفقد الجنين ...اذا لقد كانت في منزل والدتها ....
جلست بجانب السرير ادراي انفعالي وارتجافة يدي ...ليتني كنت استطيع ان اتحمل ذلك العبئ ...ولكن ملامحي كانت تفضحني ...حتى ان زوجتي اجهشت بالبكاء عندما وقعت عيناها علي بعد ان استفاقت ...
كانت تهتف بفزع ولوعة...
_لقد ضاع كل شئ...
اردت ان اهرب من كلماتها الباكية .. فما يعتمل في صدري يكاد يورثني الجنون ...ومنظرها كان يثير الرثاء...وانا اكاد انفجر من اعماقي ضاع حلمي ..كدت انهار امامها ..تعللت بشئ ما واسرعت بالخروج ..وقفت في الممر مستندا الى الجدار اردت ان ابكي بشدة ..اردت ان اهرب وابتعد..الى اي مكان المهم ان ابتعد عن المكان الذي شهد انهيار حلمي ..واجهاض امالي ..لم اكترث بالمارين الى جانبي ..رايتهم يبطئون السير ويحدقون الي بشفقة ..نظرت الى السماء تمنيت ان يمدني الله بالعون...
بعد عدة ايام مرت كالكابوس بالنسبة لي ..خرجت زوجتي من المستشفى ..كانت تحدق الى كل ركن في المنزل وانا اسندها ..بدت ضعيفة جدا ..ومهزوزة من الاعماق وكأن عمرها قد اضيف اليه بضع سنوات ..امسكت يدها وانا اقول لها بود....
_لقد اشرق منزلك مرة اخرى..حمدلله على السلامة..
استدارت لي تحدق الي طويلا وكانها تقول لي لا تهزا بي ..ارخت رموشها مرة اخرى مغمغمة بخفوت
_شكرا لك..
سحبت يدها الصغيرة من بين اصابعي وخطت ببطء شديد الى غرفتها..تنهدت بعمق وانا ارى شبح امراة..لم تعد كما كانت ابدا ..لحقت بها بعد ثواني ..رايتها وقد استلقت على الفراش ..مغمضة عينيها
وكانها تهرب من رؤيتي...لكني لاحظت قبل ان اخرج بضع دمعات على وجنتها الشاحبة...
تركتها وخرجت الى الصالة جلست على الكرسي وانا اسند وجهي بكلتا يدي...لا زالت تسكن راسي الكثير من التساؤلات ....رغم مرور عدة ايام على الحادث ولكن ظل هناك شئ داخلي يدفعني الى التفكير والرغبة في معرفة كل شئ ..لم افتح هذا الموضوع سابقا مراعاة لحالتها الصحية والنفسية ...لكنني اشعر بالحيرة حيال حادثة الاجهاض ..اكانت الالام هي السبب ...ام ان هناك شيئا اخر لا اعرفة ....ترى هل من المناسب ان اسالها الان ...ام انتظر واعاني مرارة الانتظار ....اردت ان اعرف ماذا حدث ...كنت متيقنا ان ذلك لن يفيدني بشئ ...ولكنني اردت فقط ان اعرف ....



يتبع,,,,,,,,,,


__________________________________________________ __________
((3))


بدات منى تتعافى جسديا ..اصبحت تتحرك بحرية اكبر ..اما من الناحية النفسية فلقد شعرت انها لم تعد كما كانت ..وكأن هناك شئ قد انكسر في اعماقها ..وكان شرخا سكن في داخلها ..في الحقيقة حتى انا لم اعد كما انا ...لم اعد صبور كما كنت ..كان من المفروض ان اجلس معها اكثر ..فهي في النهاية ام فقدت طفلها بعد طول انتظار ..
اصبحت كثيرا ما اغضب ..حتى زملائي لاحظوا هذا التغيير ..فانا لم اكن يوما عصبيا ..ولم اقدم يوما على جرح اي شخص ...
قالت لي شقيقتي(( مها ))انني لابد ان اكون اكثر ايجابية وتقربا من ((منى))فلقد كانت ((مها ))صديقتها والاقرب سنا من بين شقيقاتي الثلاث اليها ..
فكرت ان اصطحبها الى احدى الاماكن التي كنا نرتادها دائما ..علها تشعر ببعض الراحة ..على الرغم من انني لا املك اي رغبة في الخروج او التنزة ..ولكنها الطرف الاضعف ..لقد تاذت على الصعيدين النفسي والجسدي ..مهما يكن فان خسارتي ومعاناتي اهون من معاناتها ...
عندما عدت من العمل في ذلك اليوم ..عزمت على ان اخرجها من الجو الكئيب الذي تعيشة ..لابد لي ان افعل شيئا ..فان تركتها هكذا فانها سوف تدوي وتذوب سريعا
كالشمعة ..تلفت في ارجاء المكان ..كل شئ يبدو نظيفا وبراقا ..تسائلت اين من الممكن ان تكون ..كان الغذاء جاهزا معد لي في المطبخ ..لم تترك اي شئ ...كان كل شئ جاهزا...
منذ ان عرفتها وهي لا تترك هذة العادة لقد كان عملها في المنزل هو اللذي يريحها دائما وينعش روحها الا هذة المرة ..فانا لا اظن ذلك ابدا ...
خمنت انها لابد ان تكون في غرفة النوم ..ربما تكون مستلقية ..تسللت بخطوات وئيدة عابرا من المطبخ الى غرفة النوم وانا احاول ان لا اصدر ازعاجا على ارضية الرخام اللامعة ..اقتربت من الباب ووضعت يدي برفق على عروتة..ادرتها وفتحت الباب بهدوء ..كانت الاضاءة خافتة ..ادرت عيني كانت ترقد على الفراش
عيناها كانتا مغمضتين ..لابد انها شعرت بالتعب فخلدت الى النوم ..نظرت الى ساعتي انها الساعة الخامسة مساء ...
حسنا مادامت ترقد على فراشها فلادعها ترتاح قليلا ..عندما هممت ان اغلق الباب ..سمعت صوتها خافتا ينادي باسمي ..عاودت النظر اليها من خلال فرجة الباب
هل كان هذا صوتها ام ماذا ..وجدتها وقد اعتدلت على السرير وقد بدى شعرها الحريري مشوشا قليلا...
_هل اجهز لك الغذاء...
قالت لي ذلك وهي تحاول ان تفتح عينيها بسبب الضوء الاتي من الخارج ..لم اجبها على ذلك فتحت الباب اكثر وتقدمت الى زر المصباح ..وكبست عليه لتسبح الغرفة في ضوءة..اغلقت عينيها بقوة وهي تقول ..
_الضوء ساطع..
اقتربت منها اكثر جلست على طرف السرير قربت يدي اليها مسحت على شعرها وانا احاول ان ابدا حديثا اعتزمت ان اقوله لها ..كانت ترخي براسها لا اعرف على اي نقطة كانت تركز بالضبط ..رفعت ذقنها الى مستوى نظري ..كانت نظرتها شاردة وهي تنظر الى لثواني ..ما لبثت ان اعادت نظرها لتركز على بقعة مجهولة ..
_ما رايك ان نخرج اليوم....
لم تجبني مباشرة شعرت انها تفكر في كل حرف تريد ان تنطق به ..ربما لم تكن تريد ان تسبب لي الضيق والاحراج ..قالت ...
_الى اين؟؟؟
_لا يهم المهم ان نخرج معا كالسابق ..
لم اشعر انها تريد ذلك ..احسست انها تريد ان تبقى كما هي ..وكانها تحيط نفسها بسياج منيع وتحبس نفسها في الداخل ....
ارتدها ان تتكلم تقول كل الذي يترسب في اعماقها تخرج كا اللذي يسبب لها الالم ..لتعود ((منى))كما كانت ..
امسكت بكلتا يديها قلت بود
_انا لا اقبل اعذارا ...
رغم انها تحركت بصمت الى خزانة ملابسها لكنني شعرت ان محاولاتي ربما تبوء بالفشل ..ربما كانت تريد ان تجنب نفسها مشقة الحديث ..لا رغبة لها في خوضة...
كنت انتظرها خارج الغرفة عندما رايتها تخرج منها كانت ممسكة بوشاحها الاسود تلفة حول وجهها الصغير الشاحب ..لا اعرف لماذا بدت لي ان وجنتيها قد برزتا الى الامام ..وان عينيها قد فقدتا شيئا لا ادركة ..نهضت سريعا واتجهت لها وضعت يدي خلف ظهرها ...وخرجنا معا ...
وجدت ان الجو في تلك الليله يبدو ربيعيا لطيفا فكرت اولا ان آخذها بجانب البحر ...ومن ثم نذهب الى مطعمنا المفضل لنكمل سهرتنا ..فهي تحب جو البحر كثير..
كانت كثيرا ما تقول لي ان البحر اقرب شئ الى نفسها هذا طبعا في المرتبة الثانية ..اما المرتبة الاولى فكانت تردد انها لي دون منافس ..
كانت حمرة الشفق لا زالت تزين السماء ..بدت الشمس الغائبة تكتسب ذلك اللون الناري الجميل ..لم نكن نسمع الا طيور النورس تحلق فوق رؤسنا ..شعرت بها تنكمش الى جانبي ..يبدو ان نسمات الهواء الباردة نوعا ما قد جعلتها تشعر بالبرد..احطت كتفها بذراعي وانا احدق الى السماء التي اكتست لونا قانيا .. ..
صوت امواج البحر جعلني اندمج معة تماما ..في صوتة امرا كان ولا زال يحيرني ..ينساب عذبا رقراقا الى النفس فيجبرها على اخراج خباياها ولواعجها الكامنة
وكأن البحر العميق والكبير اتساعا يستحثك على افشاء ماكان مختبئا داخلك طويلا ..انه كالصديق الحميم ..لا يجبرك على البوح ولكنه يهيئ لك ذلك ..
كانت ((منى ))لا زالت مستكينة الى جانبي كلانا كان يبحث عن الكلام ..مع اننا كنا دائما ما نستهلك اوقات خروجنا كلها في الكلام والضحك ..كنا نضحك معا وكاننا اطفال صغارا ..لا يوجد في نفوسنا ما يكدرها او يسبب الحزن والضيق لها ...
كنا نستثمر كل لحظاتنا معا ..لم نكن نضيعها ابدا ..حتى ان زملائي تبدو الدهشة في وجوههم عندما اذكر لهم ذلك..فبعضهم يشعر بالملل بمجرد مرورسنة واحدة على الزواج ..كنت اهز راسي واقول مساكين لا يشعرون بالسعادة ..ان السعادة ان تشعر ان هناك انسانا يكون هو الاقرب اليك ..
يملك مساحات شاسعة من قلبك وروحك ..يشاركك في كل شئ حتى انفاسك ..حتى افكارك التي تقبع في اعماقك..قطبت جبيني عندما وصلت افكاري الى هذة النقطة
لماذا اشعر بفراغ كبير لم اعد اشعر ان هناك ما يملئ علي حياتي ..ماللذي حدث لي لكي اشعر بالوحدة ..رغم وجود زوجتي التي كانت دائما تشغل قلبي بحبها ...
شعرت بالضيق اننا نعيش وكاننا غرباء تحت سقف واحد ..وكاننا نجهل بعضنا البعض ...وكان انفاسنا لم تتلاحم يوما ما ...انني اسئل نفسي بحيرة لماذا بات كل ما يملئ اعماقي هو مساحات شاسعة واسعة من الفراغ ...احسست بيدها تضغط على كتفي ..مال راسها اكثر وهي لا زالت تنظر بشرود الى الشمس الغاربة ...سكنني شعور بالذنب اريد ان اقترب منها اواسيها ..اريد ان اشعر بها لاخفف عنها لكنني عاجز عن ذلك ..
كان الظلام قد بدا يزحف سريعا ..تحولت حمرة الشفق الى لونا قرمزي جعلني اشعر بوحدة فضيعة ..لا زال البحر تتراقص امواجة ويتهادى البنا صوت تكسرها ...شعرت بالرطوبة تتسلل الى اطراف اصابعي ..نظرت الى قدمي وجدتها وقد تجمعت حبات الرمال على اطرافها ..كنت اريد ان اتحرك من هذا المكان
فالليل بدا يسدل استارة وزوجتي ساكنة هادئة الى جانبي ...
ولكن هناك ما كان يبقيني ويجبرني على الاستمرار في الشرود
والتفكير بعيدا ..ربما في تلك اللحظات شعرت انني اريد ان ابقى تحت الظلام ...ربما خشيت ان ينكشف ما باعماقي عندما تصافح عيني الاضواء ...بت لا اعرف نفسي ...فانا من اقترح عليها الخروج رغبة في الترفيه ..وهانا اراوح مكاني لا استطيع ان اتقدم خطوة واحدة ...
حملت نفسي على النهوض متثاقلا ..نفضت ثيابي الرطبة وانا احاول ان اوازن نفسي ...كانت تقف الى جانبي ويداها تعبثان بغطاء راسها اللذي بدا يتراقص بفعل نسمات الهواء ....
لم اتبين ملامحها فالظلام حالك ..وكانت تدير راسها الى الجهة الاخرى ..امسكت بيدها برفق وحثثتها على السير اردت ان اخذها الى مكان هادئ وجميل كما وعدتها ....
استقرت بجانبي في السيارة ...عندما ادرت المحرك كانت تلك التساؤلات المزعجة لا زالت تسكن راسي وتسبب لي صداعا اضافيا ...نظرت الى الطريق الطويل امامي ...كنت عازما على فتح الموضوع معها ..حاولت ان اكون شجاعا ...كنت احدث نفسي طوال الطريق
وانا اتمنى ان لا تخونني شجاعتي ..فربما يتخلص كلانا من الترسبات العميقة في نفسة اذا فتح كلا منا قلبة ...لابد ان يحدث هذا ....
في المطعم الهادئ اللذي اعتدنا ان نقضي فيه دائما ليالينا الرومنسية ...مشينا متخطين الطاولات المتناثرة هنا وهناك ...كانت الاضواء خافتة ...والجو بدى لي اكثر برودة...سارت معي ممسكة بيدي وكانها تخشى ان اتركها ...استقبلنا العامل هناك بابتسامة مهذبة ...قادنا الى طاولتنا التي اعتدنا ان نجلس عليها ..القيت نظرة متفحصة على المكان ...كان هادئا بالفعل ...
شعرت ان اعصابي قد هدات قليلا ..لم يعد في نفسي المزيد من التوتر ...اخذت نفسا عميقا وانا القي نظرة اخيرة على الستائر الحمراء المخملية ...تسلل الى مزيدا من الارتياح عندما رايت تلك الابتسامة الخفيفة على وجة زوجتي ((منى))..لابد ان لها ذكريات جميلة في هذا المكان ...هززت راسي لا شك ان هذة الذكريات تخصني ايضا ...
عندما سالتها وانا انظر الى قائمة الطعام متفحصا عن رغبتها ...
اجابتني انه لا باس باي شئ اطلبة ...مططت شفتي وانا اعاود تفحص القائمة في الحقيقة كنت اتضور جوعا ....
انهيت طلباتي ودفعت القائمة الى الجرسون الواقف الى جانبي
هز راسة باذب وتوارى سريعا ....
_لماذا لا تاكلين؟؟؟
سالتها وانا التهم طعامي الموجود امامي ..فانا اعرف انا هذا الصنف المفضل من الطعام بالنسبة لها ...
كانت تمسك بالشوكة بيدها مستندة على الطاولة بيدها الاخرى ...لم يتغير شئ من الطعام ..لاحظت انه قد بقي على حاله ...
_انه طعامك المفضل !!
رفعت نظرها الي قائلة بشرود...
_انني اكل لا تشغل بالك ..
ثم عادت سريعا الى طبقها كانت يدها تعبث بالشوكة دون ان تمس الطعام...توقفت قليلا وانا انظر اليها كنت لا ازال امضغ طعامي ...شعرت بالحيرة اتجاهها تملكني الاحساس بالخيبة كنت امل ان يساعد هذا الجو الهادئ على ادخال بعض البهجة الى نفسها ..عندما رايتها تبتسم قبل قليل ظننت انها قد بدات تخرج من قوقعتها التي تحبس نفسها داخلها ...قلت لها محاولا ان اخفف عنها
_منى ان ما تفعلينة لا يجدي نفعا يا عزيزتي!!!
لم تبدي اي ردة فعل فقط اكتفت في التحديق الى النافذة دون ان تنبس ببنت شفة ...تنهدت للمرة الالف لايمكن ان يستمر الحال على ماهو عليه ..فان كانت قد فقدت جنينها ..فانا ايضا خسارتي كبيرة بفقدة ..فلقد كنت انتظرة بلهفة ..كان الجميع ينتظرونة لم تكن وحدها الخاسرة ابدا ...قلت لها وقد بدا صوتي متوترا
_لم تكوني الخاسرة الوحيدة..
كنت انتظر جوابا منها تركت ما بيدي وانا انتظر ان تنطق بكلمة واحدة ..
اردت ان تخرج من عالمها ..ان اقضي على صمتها القاتل ...
_الامر مختلف تماما..
قطبت حاجبي وانا اضم شفتي ..ما معنى ماتقولة لماذا تلقي علي بعباراتها الغامضة تلك ..ماذا تعني بكل ذلك لم اعد املك المزيد من الصبر ..
_ماذا تقصدين..
قلت لها هذة الكلمة ولقد بدا صبري ينفذ فعلا ...
_سعيد ..........انا السبب في كل ذلك..
اعتدلت في جلستي اسندت ظهري الى الوراء وانا لا ازال انتظر ....كان صوتها يبدو وكانه ياتي من وادي سحيق ...بدى خافتا مهزوزا ولكنني سمعتها اخير تقول
_انا من قتلة !!!!...صدقني..!!
ازدادت دقات قلبي بشدة ..بقيت جامدا بينما داخلي مضطرب كعاصفة هوجاء لا تهد ابدا ....ماذا تعني بذلك ....




اتمنى ان ارى ردودكم ....


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________