عنوان الموضوع : ورد الأميرة قصة حقيقية
مقدم من طرف منتديات الشامل

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

ورد الأميرة

واستيقظت الأميرة على صوت آذان الفجر الندي، وامتلأ قلبها حسرة وندما، وقد فاتها وردها اليومي ساعة السحر، وهي ساعة اعتادت فيها على ذكر الله والتهجد وقراءة القرآن، وعبثا حاول زوجها الأمير أن يواسيها فقد ظلت متكدرة القلب يومها ذاك، فيأمر الزوج بأن تدق الطبول في أرجاء القلعة في السحر كل يوم، لكي يستيقظ كل من لديه ورد يومي يخشى فواته والحرمان من أجره.

كانت تلك الزوجة هي {عصمة الدين خاتون} ابنة أمير دمشق {معين الدين انر} وزوجة نور الدين زنكي القائد الذي لمّ شمل الأمة في وقت بلغت شرذمتها الأوج، واحتلت أطرافها، وقبلتها الأولى بيت المقدس، واستطاع أن يجمع الإمارات المتناحرة بالتعاون مع والد زوجته الصالحة والتي كانت هي السبب في توحيد دمشق وحلب، فقد حاول أبوها أن يعقد صلحا مع الفرنجة، بقصد حماية دمشق من الاحتلال، ونسي أن الصليبيين أهل غدر ومكر، وظنّ أن نور الدين زنكي طامع في دمشق لأجل الملك والسلطان، ولم يكن يدري أن الأمير الصالح مشغول القلب والعقل بما هو اكبر من الكرسي والصولجان، فبلاد المسلمين ضعيفة وأمراؤها يتناحرون فيما بينهم، ومنهم من يصالح الفرنجة دون وازع من دين أو ضمير، وبيت المقدس في يد الإفرنج، الذين جعلوا المسجد الأقصى اصطبلا لخيولهم، وقد استهانوا بالأمة جميعها، لما هي فيه من الضعف والشرذمة والهوان.

وفي قصر معين الدين أنر، أميرة صالحة تقية، وزهرة عفيفة نديّة، قلبها معلّق بالقرآن، ووقتها بين الفقه والأدب والعبادة، وليلها قليل النوم كثير الذكر والقيام، كانت تلك الأميرة هي عصمة خاتون، الابنة التي آلمها أن يسعى والدها لمصالحة الفرنجة، بل والتحالف معهم، وعاتبته وحاولت منع هذا الحلف الذليل، ولكنه مضى في عزمه ذاك، ولم يكن ما يفعله{ أنر}عن قلة دين ولا جهل بل عرف الأمير بالصلاح والعدل، ولكنه في حالة ضعف وخديعة من الشيطان، يحاول القيام بما لم يعرضه على إيمانه وتقواه، فتقف البنت البارة بأبيها موقف الناصح الأمين، ولما لم تجد لديه استجابة، كتبت إلى الأمير نور الدين تحذره من الخطر الذي سيحيق بالأمة دون أن تذكر اسمها، وتعلمه أن أمير دمشق لا يعتقد أن هذا الأمر سيكون له مردود سيء على الدين والأمة.

ويتحرى نور الدين الأمر ويعرف هوية كاتبة الرسالة، فيتصرف بحكمة وتعقل، ويزور معين الدين أنر وتنتهي زيارته بتحالف قوي ومصاهرة كريمة، وترتحل عصمة الدين خاتون مع نور الدين زنكي إلى حلب وقد اطمأن قلبها على والدها وأمتها ويجد فيها الأمير القائد عقلا ورأيا سديدا وحكمة مشفوعة بحسن الخلق وصدق اليقين ومتين الدين، وتبقى الخاتون مستشارة لزوجها المجاهد يحترم رأيها كما يحترم رأي إخوته من القادة المجاهدين ومنهم صلاح الدين الأيوبي حتى توفاه الله، وتولى الإمارة من بعده ولده الصالح إسماعيل الذي اشتهر بالورع والتقوى، وتوفي ولم يتم العشرين من عمره.

بقيت عصمة خاتون وحيدة، ولكنها قوية صابرة تنفق مالها يمينا وشمالا في ما يرضي ربها، ما بين رباط لفقراء المسلمين ووقف على تلاميذ المذهب الحنفي، ونفقة على زوايا وحلقات العلم، ويعرف لها فضلها قائد الأمة المجاهد صلاح الدين الأيوبي فيخطبها من أخيها ويتزوجها، ويستشيرها في كثير من المواقف فلا يرى أو يسمع إلا ما يرفعها في نظره فيعلو قدرها لديه، وقد أدرك عظم غيرتها على دينها ورغبتها في تحرير بيت المقدس وإنفاقها مالها على هذه الغاية.

ومضى القائد العظيم يسعى إلى غايته النبيلة، وتحرير الأقصى حلمه ورضى الله مبتغاه، وتنتقل عصمة الدين خاتون إلى جوار ربها راضية مرضية، ويكتم المقربون من صلاح الدين خبر وفاتها عنه ثلاث شهور لعلمهم بمنزلتها لديه، خشية أن يضعفه حزنه على فراقها، فالناس في المشاعر الإنسانية سواء مهما اختلفت مواقعهم، فالعين تدمع والقلب يحزن، ولكن الرضا لا يدركه إلا المحتسبون

لقد قدّمت المرأة المسلمة نماذج لا حصر لها من التميز، في كل موقع ومجال مما يشعرنا بالفخر إننا خلقنا نساء مسلمات.



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



أخي الكريم
مرآتي أخلاقي


قصة رائعة و جميلة و تحمل الكثير
فمن أعز المرأة أكثر من القرآن الكريم
يعطيك العافية على الطرح الراقي
تحياتي


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________