عنوان الموضوع : امغفل هذا ام ولهان,? - قصة رائعة
مقدم من طرف منتديات الشامل




[BACKGROUND="70 #FF99FF"]


قمت باكرا على غير عادتي..وقد نمت متأخرا على غير عادتي.كان الجميع لا يزال يغلق عليه بيته.والسكون يخيم على المنزل الا من الهمهمات اوبعض الشخرات هنا او هناك.
كان كل شيء يجري بين يدي بسلاسة كانني قضيت عمري في هذا العمل..اتحرك برشاقة وخفة بين غرفتي والحمام..وبين غرفتي والمطبخ..كانت حركاتي محسوبة ومتقنة لدرجة احساسي بانني شخص آخر..اخف وزنا ...والطف ملمسا..واقوى عزيمة واسعد حالا.
تناولت فطوري بكل سعادة ولذة غير معتادتين..ولم يستيقظ احد ممن ناموا قبلي....كدت اصرخ لكي اوقظهم وما لي حاجة بأحدهم..بل اسعدني ان لا احد منهم انتبه لي حتى الساعة..كان ماء الحمام لا يزال يبلل جسمي رغم المنشفة الصغيرة التي مررتها على شعري وبعض اطرافي....لبست سروالي الوحيد الذي اتق في اناقته وحجمه الناسب ولونه المقبول مع كل الاقمصة ...ما كنت البسه الا في المناسبات ..وفي الظروف الخاصة والاستثنائية..اذ يصعب الحصول على مثله او حتى غيره في مثل ظروفي .
لكني احترت واشتدت حيرتي عندما اردت قميصا ...اذ لابد من قميص..تذكرت اني لا املك قميصا للمناسبات..ولا حتى لغير المناسبات..اقمصتي عادية جدا..بل وبالية جدا..رغم اني اكويها يوميا واضعها في الدولاب لكي تكون جاهزة عند الحاجة.
لقد جاء وقت هذه الحاجة...ليس لي اختيار...اما هذه او هذه..ولا تفضل الواحدة اختها بشيء..
كانت اكمامها قصيرة..قصيرة..كأن الذي قصها كان يقصد احراجي في هذه المناسبة..والغريب انني لم انتبه لهذا الوضع الا اللحظة...خطوطها الزرقاء المتقاطعة وازرارها البيضاء ولونها ال..لا اذكر لونها..كان ..وقد تغير بفعل عوامل التعرية من فرك وصابون وشمس الى لون بلا لون..كان السروال على ما اعتقد يحل تلك المشكلة..ان لم يناسبه القميص فالسروال يناسب الكل..
انتهيت من ملبسي وانتعلت ..حذائي الرياضي ...ونزلت الدرج على اصابع قدمي..كي لا اشعر احدا بخروجي...تعطرت عند نهاية الدرج حتى لا اثير انتباه النائمين..ووضعت زجاجة العطر في الصندوق البريدي.
فوجئت عند خروجي بانني انا المستيقظ الوحيد في الحي..لا يزال باكرا ..وخصوصا انه يوم الاحد...لا تلاميذ ولا عمال..حتى دكاكين البقالة لا تزال مغلقة. .الشمس لم تستيقظ بعد ..وما همني ذلك..انا سعيد وفي سعادة ما بعدها سعادة..رطوبة الجو الصباحي زادتني انتعاشا..وخلو الطريق من المارة ومن السيارات اعطاني مجالا اوسع من الحرية ..حرية الحركة وحرية الفكر..انا المهيمن بافكاري على هذا المكان وانا الذي اختار له الزمان..اسير والكل متوقف..اتنفس الهواء البارد المنعش والكل يغط تحت اغطيته ..
اسير واسير ..واعرف حيث اسير..اني متوجه الى سوق النوار..سوق الورد..لابد ان يكون على الاقل واحد منهم مثلي..استيقظ باكرا..وتناول فطوره ولبس ملابسه وتعطر وفتح دكانه..اصحاب الورد يستيقظون باكرا..لا يمكن ان يكونوا كسالى كسكان هذا الحي...هكذا تسارعت في ذهني صفات واحوال ومميزات بائعي الورد قبل ان اصل السوق..هل من مانع يمنع واحدا من بين الباعة العشرة ان يستيقظ يوم الاحد باكرا ويفتح دكانه.. ?
هذا الصباح ليس ككل صباح..فانا سعيد فوق العادة ونشط ومنسجم تماما مع البيئة والطبيعة ..فهذه الشمس بدأت ترسل اشعتها الذهبية..وهذا الدكان اراه مفتوحا وصاحبه سعيد مثلي ولو انه ينظر الي بشئ من الاستغراب...تجاهلت نظراته وما يدور في خلده وبادرته بسلام احلى من العسل..وبابتسامة عريضة اجمل من ورده الذي لا يزال في اكمامه..
اريد باقة ورد جميل يا جميل.
واخذتها بعد اداء ثمنها..ولا اريد ان اطيل الحديث معه...الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك..ولن اسمح له بان يقطعني اليوم.
ابتعدت عن الحي وعمن يمكن ان يسألني عن سبب خروجي باكرا او عن سبب حملي لهذه الباقة الجميلة...ابتعدت وفي البعد قرب.
كلما ابتعدت من هنا اقتربت من هناك..حتى وصلت وقد بدأت حركة المرور تدب.وبدأت الحياة تسري في عروق هذا المكان الجميل.
ما كان يوما اجمل مما هو عليه اليوم..يبدو لي وكأن المارة يبتسمون...تعلو وجوههم البشاشة والسرور..المكان مزهو بنفسه.
فتحت الدكاكين وتحركت السيارات والدراجات ونظر المارة الي وعلى وجوههم علامات البشر والغبطة...
رغم الزحمة التي بدأ ت..ورغم تيارات المارة ...فاني على ما كنت عليه من نشاط وتطلع وترقب للتي سأقدم لها هذه الباقة.
انظر من فوق الرؤوس..واركز نظري على لون خاص ومنديل خاص وقامة خاصة وقد خاص...كل شيء في هذا الصباح خاص.
اشتدت حرارة الشمس الصباحية..وكدت انسى الباقة بين يدي..وكدت ايأس من مجيئها..وكدت اضع الباقة قرب عمود النور هذا
وانسحب بهدوء..لكنها لم تصل العاشرة بعد...واليوم يوم عطلة في كل البيوت..ثم اني هنا اليوم من اجل البارحة..وعندي امل في الغد..علي ان انتظر..ومن غيري عليه الانتظار..ماذا سينتظرون..انهم نائمون..يأكلون ويشربون..ولا ينتظرون شيئا..ولا ينتظرون احدا..حياتهم ساكنة..ومستقرة على حال واحدة..
انا من ينتظر...وعلي ان انتظر حتى وان كانت الساعة بعد العاشرة..لا بأس ببعض التدلل...فقد يتمنعن وهن الراغبات..
بين صبح وضحى اصبحت خبيرا في معرفة خبايا قلوبهن.
لم انتبه لما حولي ومن حولي..كان تركيزي على الالوان اكثر..وكان تركيزي على لون خاص... كأن الناس لا يغيرون ملابسهم..
كأن من رأيته البارحة سيأتي اليوم في الموعد المحدد والمكان المحدد وبنفس الفستان.
ما علي الا ان انتظر.....وكان علي ان انتظر...وانتظرت طويلا حتى رأيت الشمس تشرق من المغرب..او رأيت تلك التي اشرقت قد رحلت الى حيث ستغرب.
الغريب اني ما تعبت ولا عطشت ولا احسست بجوع..الا جوع الفؤاد الذي اشتد علي...وفقدت التقة في الزمان وفي المكان..وفي الانس والجان...وكدت انسى انه كان في يدي باقة ورد وانا انتظر من سأقدمها له....
ما كنت انها ستسرع في الغروب..لقد غربت باسرع من المعتاد وانا في نفس المكان..المكان الذي وقفت قربه قبل طلوع الشمس..
هل يعقل اني وقفت كل هذه المدة.هل مر النصف اليوم ولم آكل شيئا..هل يمكن ان يتغدى الجسم افكارا وامنيات عوض الخبز..ما اتعسني لقد كادت هذه الافكار ان تهزمني..وتدفعني للتفكير في شيء آخر غير ما جئت من اجله.. غير ان هذه المصابيح الكهربائية التي انارت الشوارع والمكان..ايقضت في الاحساس بأن اللقاء يمكن ان يتم في هذه الاوقات احسن..وان الفرصة لا تزال قائمة..لن تختفي اليوم كله...فوسط هذا الكم الهائل من الناس لا بد ان تظهر في كل لحظة تلك التي انتظرها...فحساب الاحتمالات يقوي حظوظي ويزرع في الامل من جديد..
ما علي الا ان انتظر...وسأنتظر ساعة اخر او ساعتين...غير ان المكان لم يعد كما كان...لقد فرغ ممن ملؤوه طيلة اليوم وسدوا علي الافق...كنت انظر من خلالهم كأني انظر من خلال شبكة او غربال..ولكنهم الان انصرفوا..
انصرفوا..لقد خلا لي المكان من جديد .لكني بدأت اشعر بالتعب او بالملل. او بالغضب او باليأس..بدأت اشعر بالخيانة...
لم يعد احد ينظر الي ويبتسم اذ لم يبق منهم احد...وذهبوا كأن لم يأت منهم احد...
خطوت اولى خطواتي ...فتعثرت ..ساقاي لم يقويا على حملي..رأسي بدأ يدور بفعل الشمس التي لم ترحمه طيلة اليوم..امعائي بدأت تتحدث عن ثورة داخلية اليمة ومؤلمة..
هل انتهى كل شيء..وبهذه السرعة ?
في يوم واحد انتهى كل شيء.. ?
اين صبري واناتي ?
اين نكراني لذاتي ?
وبينما انا اسير على نفس الطريق التي جئت منها صباحا...وجدت وردة وقد داستها الارجل ..تناثرت بعض بتلاتها ولكن اثر جمالها لم تمحه نعالهم واحديتهم..
لا شك انها منها...او لم تعاهدني بان تأتيني بوردة يوم اللقاء ?
لا شك انها هي...كان اليوم يوم احد ..وكان المكان مزدحما بالناس...لم تستطع الوصول الي...دفعوها...ضايقوها..وكانت كالفراشة لا تقوى على الدفاع عن نفسها.
اين كنت انا عندما سقطت من يدها الوردة ولم تستطع التقاطها بسبب التدافع ?
اين كنت ...لقد تسببت لها في الم فضيع ...لا شك انها الان تبكي في ظلمة بيتها..حزينة وكئيبة...وستبقى حبيسة بيتها لشعورها بالذنب لعدم وفائها بالوعد...
هل يمكن ان تكون القصة هكذا
?..


[/BACKGROUND]


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



أخي الكريم
mamdou15


قصة و مذكرات رائعة
يعطيك العافية على الطرح
في إنتظار جديدك
تحياتي


__________________________________________________ __________
دام التألق ... ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع
لك مني كل التقدير ...!!
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق...!
ارق التحآيآ لك
ودي وعبق وردي


__________________________________________________ __________
امغفل ؟؟لا لا
هذا هو الحب الحقيقي

حقيقه لا ادري كيف اعلق واعقب على هذه القصه

مشوقه ممتعه اقرأها لا اريد التوقف

واابل شكر لهذا الابداع

__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________