عنوان الموضوع : وعاد جريحا - بقلمي قصة حقيقية
مقدم من طرف منتديات الشامل

احتضنها بقوة, وهى كذلك , امتزجا , ظهرا وكأنهما خط أسود يظهر على قرص الشمس وهى تميل للإحمرار ..
وفى اكبر حالاتها , تبدو كأنها تشهد على تلك اللحظة, تباركها , تشد من أزرهما , فلطالما حاولا اتخاذ القرار وتراجعا , لم يقويا على الفراق , لكنه احتكم إلى عقله . وانتصر صوت العقل , واتخذ القرار.
امتزجت دموعهما, تتعانق , تتواعد أن لا يسقطا في بئر النسيان , وعدها أن لا ينساها ووعدته أن تحيا على ذكراه , وبصعوبة أبعدها عنه أعطى كل منهما ظهره للآخر ومضى كل منهما في طريق .
خطوات يمشيها ثم ينظر للخلف يمطرها بنظرات الوداع وهى تبتعد , تتلاشى , ينتفض قلبه , يمسح دموعه بيديه ثم يعيد المسير , يخاف أن يضعف , فيزيد من سرعته , نظر إليها نظرةً أخيره , إذ بها تلاشت في الأفق , لم يعد يراها , شعر وكأن حياته قد انتهت , قدماه لا تقويان على حمله , تحامل على نفسه ومضى في طريقه .
وقف على شاطئ النهر يستند إلى السور , يستعيد ذكرياته , في هذا المكان كان اللقاء , كان في طريقه للجانب الآخر من النهر , كان متعجلا , يريد اللحاق بالمعدية قبل إقلاعها , اصطدم بها , سقط هاتفها الجوال في النهر , كادت ان تسقط لولا ان أمسك يدها , جذبها بشدة , كادت أن ترتمي بين أحضانه, أبعدته بيدها , ولكن عينيها ظلت معلقة بعينه , لحظات مرت وهم بلا حراك ,شعرت بالخجل , جذبت يدها , ابتعدت عنه , اعتذر لها ووعدها أن يشترى لها هاتفا بمجرد الوصول إلى الشاطئ , أومأت بالموافقة .
كان رجلا ميسور الحال على مشارف الأربعين من العمر وهى فتاة فقيرة لم تتجاوز الثامنة عشرة , ملابسها رثة ,شاحبة الوجه , في عينيها حزن يخفى جمالاً لم يعهده , جلست على الجانب الآخر , تتجاهله , تتابع إصطدام الماء بالمعديه , يرتفع الماء , تمد يدها تحاول الإمساك به , وهو يتابعها بنظراته , لحظات ثم تنظر إليه , تصطدم بنظراته ووجهه المبتسم , ترتبك وتعيد الإمساك بالماء . شعر وكأنه عاد طفلا , مد يده للماء يحاول الامساك به ,,,
دار ببصره بين أكوام البشر المتحركة يبحث عنها , فقد وصلت المعديه إلى مرساها , وهمّ الركاب بالخروج , كانت قصيرة نحيفة , دقيقة الملامح , وكان فارع الطول , قوى البنيان , لمحها بصعوبة , اقترب منها , وقفت بعيداً في خجل , قالت , ما كنت لأقبل بدلا منه لو كان في استطاعتي شراء غيره , فقال , كان خطئي وأنا كفيل به , سارا متجاورين تدله على محل لبيع الهواتف , فهي تقطن في الجانب الفقير من النهر وهى أعلم بدروبه , كان المحل ليس بالبعيد , مجرد بضع دقائق شعرت فيها بشيء جديد عليها , لأول مره تمر في هذه الطرقات دون أن يعترضها أحد , دون أن تسمع كلمه تخدش حياءها , مجرد نظرات من المتطفلين بحذر , الكل يعرف أنها وحيدة أمها المريضة , لا أب و لا أخ و لا حماية , تصوروا أنها صيداً سهلا فتسابقوا بالتحرش بها , تذهب كل صباح إلى الجانب الآخر من النهر , تعمل في محل للملابس النسائية وتعود ليلا , يعتصرها الخوف كلما مرت بين تلك الدروب في هذا الوقت المتأخر , لكنها الحاجة ,هذا ما جعلها تشعر وكأنها تحتمي بمارد , انتابتها نشوة لم تعهدها من قبل , الإحساس بالأمان , كم من مره سمعت هذه الكلمة ولكن كانت مبهمة بالنسبة لها, لكن الآن تجسدت أمامها , نظرات الحنان والطيبة التي تفيض من عينيه لم تشعر بهما منذ نعومة أظافرها ,,,
اشترى لها الهاتف وصافحها مودعاً , لم تشعر بأنها ممسكة بيده ولا تتركها , وكأنها تتوسل إليه أن لا يتركها , شعر وكأن شيئاً غريباً يحدث له , سألها أين تعمل , أخبرته وفى صوتها شيئ اخترق جسده أرعشته , انصرف إلى حيث وجهته بعد وعد باللقاء ,,,
تكرر اللقاء مرات ومرات , كل منهما يبحث عن شئ عند الآخر , كان يشعر وكأنه عاد عشرون عاماً إلى الوراء كلما أمسك يدها وهما يسيران على شاطئ النهر , كانت تشعر أنها امتلكت الدنيا وهو بجانبها , انغمسا في الحب الطاهر , شربا منه حتى الثمالة , فقد ذاكرته لم يعد يذكر شيئاً قبل لقائها , ولكن كان هناك ما يعكر عليه صفو حبه , يصفعه على وجهه كلما تاه في دروب الحب , اتخذ من عقله حكماً , دافع عن نفسه أمامه .
أليس من حقي أن أحب , فكان رد عقله بلا , طأطأ رأسه , اعتصر جبهته واتخذ القرار .
أفاق وهو مازال مستنداً على سور النهر , اعتدل وسار ناظراً إلى الأرض , مد يده ليمسك يدها كعادته ولكنها ليست بجانبه , أغلق قبضته وسار إلى وجهته ...
دخل منزله , كان الظلام دامساً إلا من بعض الضوء القادم من خلف الستائر والصادر من أعمدة الانارة , اتجه إلى التراس , جلس على مقعده , أشعل سيجارة , نظر إلى السماء , عيناه تترقرق بالدمع , لم يشعر الا بيد توضع على كتفه , أخرجته مما كان فيه , نظر لأعلى إذ بها زوجته تربت على كتفه بحنان , تمسح على رأسه ,فلطالما فعلتها كلما شعرت انه يمر بأزمة , خمسة عشر عاماً لم تنقطع عن مؤازرته , احتملت معه قسوة الحياة حتى أصبح في مركز مرموق ,ابتسمت في وجهه قائلة,, الحمد لله على سلامتك ,
مازالت يدها على كتفه , طبع عليها قبلة , شعرت بدفئ دموعه , احتضنت رأسه بحنان , لم تسأله أين كان بل رحبت بعودته , سألها بصوت مرتجف ,كيف حال الأولاد ؟ قالت , بخير طالما أنت بخير ...




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

قصه تحمل الالم
تحمل المعنى الكبير والبليغ
قصه أقسم أنها تبكي القلب قبل العين
أبدع قلمك وابدع احساسك في النزف

يعطيك العافيه

__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدلووعه المزيوونه
قصه تحمل الالم
تحمل المعنى الكبير والبليغ
قصه أقسم أنها تبكي القلب قبل العين
أبدع قلمك وابدع احساسك في النزف

يعطيك العافيه

لكي شكري واجترامي
تحياتي لكي

__________________________________________________ __________


راائع جدا
المزيد من الابدااع والتقدم
تحياتي


__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قـمـر


راائع جدا
المزيد من الابدااع والتقدم
تحياتي

شكرا" اختي الفاضله
ودي

__________________________________________________ __________
شكرا" اخواني الاعزاء

قصه رغم المها جذبتني حتي النهايه بالدموع.
سلمت يدك.