و بِصبّاح يُومي التالِي , كَالعادة أُلقِ السلام عَليهُن , و أطمئن على الأحوال , و نَذهب لأعمالنّا التّي أتينا من أجلها .
و مِن بِين الانخراط في العَمل , و بتلِك الراحّة , اجتمعنا نَتبادّل الحَدِيث , فكانّت صاحِبّة العَمل قد اقتربت مِني قائلة : ما رأيك في الحجاب ؟ أليس نحنُ متشددين ؟ لماذا لسنا كما هُن أخواتِنا ممن أتبعن جَواز كَشف الوجْه و الكَفِين ؟
قُلت لأنهُن يا غالية على مذهب , و نَحُن علّى مذهَب (الحنبلِي ) !, كذلِك أن الآيات و الأحادِيث و قصص الصحابيات و التأريخ صرَحت على تَغطية الوجه , و الحجاب المُحتشِم بلا زينه .
قالت: ولكِن ليسوا على خَطأ من أجازوا (كشف الوجه ) , لكن مجتمعنا متخلف ظالم للمرأة و للحُرية و نحنُ أيضاً على مذهبٍ متشَدد لا يُعجَبنّي !
دُهِشتُ حَقاً مما قالت ( الحنبلي متشدد ! و مجتمعنا أتبعة فهُو متخلِف )!
قلت : أولستِ مُصدِقه آياتُ الحجاب و الأحاديث ؟
قال الله سُبحانه ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )
وقال "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا"
و حديث مُحمد صلى الله عليه وسلم ( المرأة كلها عورة إلا وجهها في الصلاة )
و قصه سيدتنا عائشة حينما تخلفت عن الجيش لقضاء حاجتها , و أضاعت الطريق , و كان من عادة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يبعث من يتفقد من تخلف عن الجيش فكان صفوان بن المعطل السلمي من كلفّه بذلك , فبحث صفوان رضي الله عنه و رأى سواد بالصحراء وعندما أقترب رأى السيدة عائشة نائمة , وقد عرفها قبل نزول آيات الحجاب , فأستيقضت و غطت نفسها , ثم حملها على الهودج إلى النبي صلى الله عليه وسلم – أرجوك أقرئي قصتها بكل تفاصيلها .
و تأريخ مِصر العَريق قبْل استعمار الفرنسيين لها اقرئي , فقد كانت نساء مصر مغطيات للوجه !
قالت : بلا أنتِ على صواب , و أنا على صواب , فالعلماء أجازوا ذلك
قلت: اختلف العلماء بذلِك نعم , ولكن ألم تقرئي متى يجُوز ذلِك ؟ يجُوز عندما تكُون الأنثى كبيره فِي السن لا ترجوا نكاح , أو طفله , كذلِك بلا مساحيق تجميلية كما تفعل الغالبية , ويكون ساتراً لا يصف الجسد , ولا يظهر إلا الوجه و بطن و راحه الكفين , و ما عداهُن تغطِي وجهها كأمثالك , فالجمال كله في الوجه يا غالية .
رفعت الصُوت : من قال ذلِك ؟ ما هذا التشدد ؟ هل كُل الفتيات على خطأ و انتِ الصواب ؟ لا لا أنتِ واهمّة , تطلعي على الحضارات , على التطُور , على حرية المرأة في العمل , وتذهب أينما تشاء , المتشددين هم سبب تخلفنا إذ أن كُل إمرأة يجب أن تكُون مع ذي محرم ! , ألا ترين في ذلك منع لحقوق المرأة ؟ خذي الآراء من غيرك !
قلت : نعم سأسمع لرأيك و لكن إإتِ لي بدليل واحِد ! فقط واحِد !
لم تستطِع , و أدخلت الحِوار فِي متاهات أخرى , وتُعيد ما تقُول تكراراً و بصوتٍ عالٍ !
قلت : يا غالية أنتِ عاجزة عن إقناعِي بدلِيل الصُوت المرتفِع , يا غالية دعينا نقنِع بعضنا البعض , أنتِ تقولين التخلف و التخلف , التخلف الحقيقي أننا نزعُم على أشياء بلا دليل أو أرقام , و كأننا نقُول مسلمات , صحيح أنني خفت من تسمم أفكارِك ! , لكن ما المانع إن نصل لنهاية !
قالت : أنا أفكاري مسممه ؟ و العلماء الذين تعبوا وأوصلوا لنا الحديث و القران قالوا ذلِك ؟ أنتِ أسألُك كيف وصل لنا الدين بلا عُلماء ؟
قُلت : معذرة يا غالية , القرآن الله من تكفل بحفظه بنفسه لا البشر , و حبيبنا محمد بشَرٌ مثلُنا ولكن يتنزل عليه الوحِي , أرجوكِ أنا لن أوافِقُك إلا بدليل , و دليلٌ يصرح ذلك !
و سردتُ عليك ما أحفظه من أدلّة , فاسردي لي ما تعلمين !
لم تُعلِق على ما ذكرت و أكتفت بقُول : لم أرى فتاة لا تؤيد رأيي غيرك , كلهن أقنعتَهُن بذلك إلا أنتِ !
قلت : لا يهُمني ذلِك يا أختي , فأنا أعلم من هن على رأيكِ مؤيدِين !
قالت : اصبري اصبري , ماذا تقصدين بذلك ؟ ألا ترين المذيعات الملتزمات و برامجهن ,وهُن قدوات لكُل مسلمّه !, و ألا ترين ما وصلن إليه من علم ؟ و هل تتوقعين مسألة كهذه تفوت عليهن ؟ استفيقي !
قلت : أنا قدوتي الصحابيات و لا غيرَهُن , و أنا على مَذهب لا يستقِي إلا من الكتاب والسنة , أنا مع هذا المذهَب .
قالت : (الحنبلي متشدد ) و أنا _بكيفي _ آخُذ ما يعجبني من أي مذهَب !
قاطعتُها : انتبهي من يفعل ذلك , ويأخذ ما يريد من الدين و يترك ما يريد إتباع للهوا فهو ( منافق ) !
رفَعت الحاجِب و فتحت عينيها دهشه !
أكملت حديثي وقلت : أنا أعلم أنكِ كثيرة الحديث عن آخر الأغنيات و أخبار المطربين , و ما هو مسلسل الموسِم ! و انتِ تعلمين ذلِك حرام و تفعلينه .
قالت: نعم أعلم أنه حرام
أعدتُ ما قالت لِي : إذن كل الناس الذين يرون المسلسلات , و يسمعون الأغاني على حرام ! يالله !
و أنتِ تقولين بلسانِك أنه حرام ! بمعنى أنت الصواب و كلهُم على خطأ !
و غيرت نبرة صوتي : إذن أراني على حق يا غالية , و أراكِ على خطأ
رفعت صوتها : كلنا على رأي صحيح .
بهدوء قلت : لا !
قالت : أنتِ فكرك إرهابي ! يا متشددة , أنظري لعباءتك ! ما أغربها , و تختلف عن مثيلات زمانِك , هه – حمداً لله ما هو حالي لو لبستها – سأختنق حتماً !
قلت : أصلحك الله , سأسامحك على ما قلتِ من كلمه جارحة-فكرك إرهابي - ولن أناقشك بها , حتى لا يصبح حورانا ذا عداوة فيما بيننا و لا نستفد منة إلا بُعدّاً .
خلاصة حديثنا يا صديقة , أنني أتمنى لكِ الخير , و أرجُوك ابحثي أكثر , وكوني على مسؤولية , اقرئي و تعلمي , وسأختُم بآية قال تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب )
هِي : صمت !
أنا /تأخرنا أليس كذلِك ؟ هيا لنعُود لأعمالنا أخيه , استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه .
,‘ــ