بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
دائماً ما يملي قلمي اهتمام كبير فيما يتعلق بالاصدقاء لذا فمن الصعب أن تجد وصفاً لأشخاص يملأون حياتك بالبهجة المجانية، هنا، قد تتعطل اللغة، أو تصبح ترفاً زائداً أمام نوارس حب ترفرف بحميمية فوق محيطك، أرواح شفيفة انسكبت بخِفتها ونقائها فيك، لتغدو مع الوقت عموداً يرفع أركان القلب بالحب لتؤثثه بالرضا والسلام والامتنان.
قد تستطيع العيش بلا شريك ولكنك حتماً لن تستطيع أن تبقى وحيداً بلا صديق، قد يجود العمر بشريك مناسب ولكنه لن يسوق لك صاحباً مخلصاً في كل وقت، ولكنك حتماً ستتعثر بصديق واحد على الأقل يُغني حياتك بتفاصيله ودفئه.
من الأمور التي تُطري الحياة، وتوسع حدقتها، وتهون علينا بعض متاعبها وجود الأصدقاء حينما تحتاج فقط لمن يتفقدك بسؤال للاطمئنان، لتستشعر بأنك مازلت حياً، كأن يهاتفك ويسألك: كيف هو حالك اليوم؟ فعلى الرغم من كثرة الوجوه التي نصادفها في محطات العمر، إلا أن القليل منها من يحجز موقعه في النفس، والقليل جداً من تدمع له العين حينما تعِن ذكراه لحظة وحشتك وافتقادك.
مثلي، تعنيه الكلمة قبل الهدايا، والمواقف قبل المزايا، والعفوية الدافئة المُنسابة أكثر من التكلف في تسويق العبارات المنسوخة، ومع احتفاظي بخاصية الانتقاء في اختيار الأصدقاء، كنتُ كثيراً ما أستشعر حقيقة بأن الله يسوق لنا الأشخاص الذين نستحق ونحتاج وفي توقيتهم المناسب، فمنهم من اختار أن يكون إما نخلة باسقة مثمرة، أو قارورة مسك، أو مِكحلة! يشعرونك بأن الخير يتبعهم ويأتي معهم، ومسكنون بهم، يستشعرون حاجتك وما يسعدك دون أن تطلبه منهم فيهدونك إياه في زمنه بلا رياء أو مِنة، ويتحاشون زعلك لأنهم باتوا يحفظون خطوط مشاعرك.
الصداقات الحقيقية تُمحصها الأيام حينما تخضع لاختبارات الحياة، فيتكشف لنا مدى قوتها وضعفها، في المواقف الصغيرة قبل الكبيرة، طالما حملت النقيضين: (المنحة، والمِحنة) معاً، فإذا ما كان أثر الصديق أخضر عليك ـ كما يصفه كبار السن والعارفين بالناس، فحتماً شعور بالارتياح سيملأ قلبك، وبالمقابل هناك من يربط سوء طالعه وانقلاب حياته رأساً على عقب لأثر صديق جديد دخل حياته! وفي قصة زواج سيدنا إسماعيل عليه السلام ربما دليل على صحة ما تعتقد به بعض العرب حتى يومنا هذا، حينما أمر سيدنا إبراهيم عليه السلام سيدنا إسماعيل بتغيير «عتبة بابه» – ويقصد زوجه – وما إن امتثل لرأي أبيه حتى تغير حاله وأوسع الله في رزقه وحسُنت معيشته. فالأصدقاء كالأعتاب إما أن يجلبون لنا الخير والسعادة، أو ضروب الشر والنحس.
الأصدقاء هم حصاد العمر، وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها، فقد لا يُسعف الزمن الكثير منا لتكوين ثروة مادية، ولكن اكتساب صديق مخلص يُعد غاية وثروة حقيقية عند البعض، في عصر متغير ومتطلب، باتت تخضع فيه العلاقات الإنسانية لمعايير مجحِفة، فيها الصديق قد لا يعدو سوى بضعة أرقام لا أكثر.
واخيرا اسال الله ان تدوم صداقة الجميع على الخير والحب والمود