[BACKGROUND="100 #003333"]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
نصيحة «أخوك أخوك»
كثير من المعايير والقيم في زماننا تبدلت أو تغير مفهومها، وبالتالي تحولت اهتماماتنا عنها وتوجهت لقيم جديدة، قد لا تفيدنا أو تتسبب في شقائنا .. لعل من هذه القيم قيمة الأخوة، وليست محصورة في أخوة الأب والأم، وإنما هي الأخوة الإنسانية وقيمها، ولعل مفهومها الشاسع والمتعارف عليه يتمثل في الصداقة وإن كانت مفردة الأخوة أكثر قدسية وجدية .. لعل هذه القيمة بدأت بالفعل تنزاح أمام هول التطورات الإنسانية المتسارعة وأمام اختلاف الاهتمامات وتطلعات كل فرد وتباينها عن الآخر.
وبرغم هذا لا أريد الحديث عن الأصدقاء وعدم إيجاد الصديق الوفي، حتى أن هناك من وصف الخل الوفي من المستحيلات، لكنني أريد أن أتحدث عن قيمة الأخوة النسبية، الأخوة الذين عاشوا تحت سقف واحد، كبروا مع بعض، ناموا مع بعض، أكلوا مع بعض، ثم فرقت الحياة وشجونها ودروبها بينهم، فتحول بعض الأخوة لأعداء وشحناء ومخاصمات .. في كثير من المجتمعات الإنسانية أصاب هذه العلاقة الوهن والمرض، ولكنني متأكد أنها لن تموت لأن هناك مثلاً عظيمة على امتداد تاريخ الإنسان تحكي عن عظمة الأخوة والإخوان وتماسكهم.
أتذكر في هذا السياق قصة تروى عن الحجاج بن يوسف الثقفي، تقول إنه قبض، في إحدى حروبه على المناوئين، على عدد من الأسرى الذين أمر بقتلهم. وأثناء اجتماعه بقادة الجيش في مجلسه دخلت امرأة تطلب منه أن يفرج عن زوجها وابنها وأخيها، فضحك الحجاج وقال: أما الثلاثة فلن أطلقهم، لكن اختاري واحداً منهم .. فقالت المرأة أطلق أخي، فدهش الحجاج ومن معه في مجلسه من اختيارها، وقال، لقد تركت ابنك وزوجك؟ فقالت المرأة أما الزوج فبدلاً عنه زوج، وأما الابن فسيرزقني الله بابن، لكن من أين لي بأخ .. فأطلق لها الحجاج الأخ والزوج والابن، لأنها أعطتهم معنى الأخوة الحقيقي وقوتها.
كذلك يروى عن رجل قيل له إن زوجتك قد توفاها الله، فترحم عليها وحزن، وقيل له بعد فترة توفي ابنك فترحم عليه وحزن، ثم قيل له بعد فترة من الزمن توفي أخوك، فبكى وأمسك ظهره وقال الآن كسر ظهري .. نحن في زمن غريب بحق أن نستبدل قيمة الأخوة بأي قيمة إنسانية أخرى، وقد صدق الشاعر عندما قال: يمضي أخوك فلا تلقى له خلفاً .. والمال بعد ذهاب المال يُكسب.
نصيحة، إذا كان الله قد رزقك بأخوة وأخوات، فلا تدع عينيك تنامان وأنت بعيد عنهم.
[/BACKGROUND] 
رد مع اقتباس
