بشارات النبي في التوراة والإنجيل وأخلاقه وأصدقاؤه قبل البعثة
بسم الله الرحمن الرحيم
هو الصادق الأمين :
أيها الأخوة، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حكيماً غاية الحكمة في تصرفه في وضع الحجر الأسود في مكانه، عقب ذلك أصبح عند قومه الصادق الأمين، والشيء الذي يلفت النظر أن النجاشي حينما سأل سيدنا جعفر عن الإسلام, فقال:
أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، و نقطع الرحم، ونسيء الجوار، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه
[أخرجه أحمد عن أم سلمة في مسنده]
كأن هذه الصفات الثلاث الصدق والأمانة والعفاف أركان القيم الأخلاقية، هذا الإنسان إن حدثك فهو صادق، وإن عاملك فهو أمين، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف، نعرف أمانته وصدقه وعفافه، أما النسب فتاج يتوج به المؤمن، ولا قيمة للنسب من دون إيمان، والدليل :
(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)
[سورة المسد الآية : 1-2]
أيها الأخوة, شمائله كانت كريمة، وفكره كان صائباً، ورأيه كان راجحاً، ومنطقه كان صادقاً، ونهجه كان أميناً، حتى وصلت كمالاته إلى الذروة،
لذلك أثنى الله على خلقه, فقال:
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
[سورة القلم الآية : 4]
وقد يكون الإنسان ذا خُلق، أما أن يكون على خُلق، أيْ متمكن فصعب، أحياناً الإنسان يستفز، فينشأ عنده صراع، ينتقم أو لا ينتقم، لو أن في النهاية انتصر على نفسه، ولم ينتقم، نقول : فلان ذو خُلق، أما إذا كان على خُلق، أي ليس عنده صراع، الموقف الكامل بديهي عنده، هو في أعماق الكمال، هو في قيم الكمال،
شهادة قريش على خلق النبي قبل البعثة :
أيها الأخوة, النبي عليه الصلاة والسلام عرف بالصدق والأمانة، وصلة الأرحام، ومساعدة الضعفاء، والبذل في الخير، فكانت قريش تلقبه بالأمين .
الإنسان مقسم إلى ثلاثة أثلاث، الثلث الأول يعرفه كل الناس، فلان الفلاني ابن فلان ، طويل، قوي، مثقف، طبيب، مهندس، تاجر، عامل, فلاح، هذا الثلث الأول، وثلث آخر لا يعرفه إلا المقربون إليه، من هؤلاء زوجته، من هؤلاء شريكه، من هؤلاء من هو معه ليلاً نهاراً، وثلث ثالث لا يعلمه إلا الله، والخطورة دائماً في هذا الثلث الأخير، فالإنسان له الظاهر ، والله يتولى السرائر .
فالسيدة خديجة من ألصق الناس به، لما جاءه الوحي، وخشي النبي شيئاً, وذكر للسيدة خديجة وهي زوجته، قالت: والله لا يخزيك الله أبداً, هذه كلها دلالات على خلق النبي محمد عليه الصلاة والسلام قبل بعثته .
أصحاب النبي قبل البعثه :
أيها الأخوة، من هم أصدقاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة؟ قالوا: قل لي من تصاحب, أقل: من أنت؟ الإنسان دائماً يصاحب من كان على شاكلته، فالكامل يحب الكامل, والصادق يحب الصادق، والأمين يحب الأمين، والعفيف يحب العفيف .
كقاعدة علمية: كل شخصية فيها تقريباً ألف سمة، والشخصية الثانية فيها ألف سمة ، كم سمة مشتركة بين الشخصيتين؟ هذه وراء المحبة والألفة، فكلما زادت النقاط المشتركة بين شخصيتين ازدادت المحبة والألفة، فأنت مثلاً يمكن أن تجلس مع أخ مؤمن عشر ساعات دون أن تمل منه، السبب لأن نقاط التشابه في شخصيتك تقابل نقاط التشابه في شخصيته، هناك نقاط مشتركة بين الشخصيتين .
فأصدقاء النبي صلى الله عليه وسلم, أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، هؤلاء أصدقاءه قبل البعثة، وأقول لكم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي، ولا تصاحب إلا من ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله، لذلك اعتنِ عناية فائقة بأصدقائك، هم عونك على طريق الإيمان،
قال تعالى:
(يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)
[سورة الفرقان الآية : 27]
(لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً)
[سورة الفرقان الآية : 28]
أيها الأخوة، أهم شيء في الحياة أن يكون أخ لك في الله ينصحك وتنصحه، ويرشدك وترشده، ويأخذ بيدك وتأخذ بيده، هؤلاء الثلاثة عُرفوا بالأخلاق العالية، والنظرة السليمة، والبعد عن الرذائل، والتثقف بثقافة حسنة من معرفة الأحساب والأنساب، كما عُرفوا بإكرام الضيف، والإنفاق بالخير، وهذه الخصال الحميدة قربتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا أصدقاءه قبل البعثة .
أقول لكم من أعماق قلبي: اعتنوا بأصدقائكم، ابحث عن صديق تزداد به علماً، وتزداد به قرباً من الله .
بالمناسبة أيها الآباء، أيتها الأمهات، دققوا في أصدقاء أولادكم، في الدراسة النفسية أن الطفل أو الشاب يتأثر 40 % من مجموع التأثير بمعلميه، وأبيه وأمه، ومرشده، وكل من معه، ويتأثر 60 % من أصدقائه، فالأب الصالح، والأم الصالحة يدققا في أصدقاء ابنهما، لأن هؤلاء الأصدقاء إما أن يأخذوه إلى الهلاك، أو إلى الرقي في الدنيا .
إليكم بعض نصوص التوراة والإنجيل التي تبشر بظهور النبي :
أيها الأخوة، بشارات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة توراة السامرة، وإنجيل برنابا، في هذين الكتابين المقدسين نصوص صريحة تبشر بظهور النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد نص إنجيل برنابا على التصريح برسالة محمد صلى الله عليه وسلم،
مثال ذلك ما ورد في الإصحاح الحادي والأربعين عن إخراج آدم وحواء من الجنة، حيث نص على ما يلي:
فاحتجب الله، وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس، فلما التفت آدم رأى مكتوباً فوق الباب لا إله إلا الله محمد رسول الله
هذا في إنجيل برنابا .
وقد أيدت المخطوطات التي عُثر عليها في منطقة البحر الميت حديثاً ما ورد من إنجيل برنابا المذكورة .
وحين تحدث السيد المسيح عليه السلام إلى الحواريين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرهم أنه قادم إلى العالم،
سأله الحواريون: يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي سيأتي إلى العالم؟ أجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله
ومثل هذه البشارات تتكرر في إنجيل برنابا في مواضع كثيرة، إذاً: هناك بشارات في التوراة والإنجيل تبشر بظهور النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي الإصحاح الثاني من إنجيل لوقة,
قوله:
الحمد لله في الأعالي، وعلى الدنيا السلام، وللناس أحمد
هذا في إنجيل لوقة .
والإصحاح السادس عشر من إنجيل لوقة يرد قول المسيح:
إن لم أنطلق يأتيكم الفار قليط
الفار لقيط هو لفظ سرياني مشتق من فاران، بمعنى مكة، وجبل فاران هو جبل حراء ، والقليط بمعنى المتحنث المتعبد، ويأتي بمعنى الحامد وأحمد، هذا أيضاً في إنجيل لوقة،
أما القرآن الكريم فالآية فيه صريحة:
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)
[سورة الصف الآية : 6]
أيها الأخوة, قبل أن أمضي في متابعة هذه الفكرة, أقول لكم هذه الآية:
(يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)
[سورة البقرة الآية : 146]
هل هناك معرفة أصدق، وأقوى، وأمتن، وأعمق، وأكثر بديهية من معرفة الأب لابنه؟ هل هناك أب على وجه الأرض, يقول لابنه من أنت؟
أيها الأخوة, أما صفات النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماته فقد وردت في كل من التوراة والإنجيل بشكل صريح، كما أخبر الله تعالى في القرآن الكريم, بقوله :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)
[سورة الأعراف الآية : 157]
من؟ رسول الله:
(يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[سورة الأعراف الآية : 157]
نصوص كثيرة في التوراة والإنجيل، وآيتان واضحتان صريحتان صارختان في القرآن الكريم تؤكد ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في كتبهم، وتؤكد صفات النبي صلى الله عليه وسلم .
إذاً: فالأخبار متوافرة بمعرفة أهل الكتاب بصفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر الله تعالى بذلك عن أهل الكتاب كما ورد في القرآن الكريم في
قوله تعالى:
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)
[سورة البقرة الآية : 89]
أيها الأخوة، هناك فكرة دقيقة جدا،
يقول ابن إسحاق عن رجال من الأنصار:
إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه, لما كنا نسمع من رجال يهود، كنا أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا هم أهل كتاب، عندهم علم ليس عندنا، وكانت لا تزال بيننا و بينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون, قالوا لنا: إنه تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وارم،
ولاشك أن يهود المدينة كانوا يعرفون أن زمان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد اقترب، لكنهم توهموا أنه منهم، وكانوا يزعمون أنه منهم، ويتوعدون به العرب, وقد بين الله سبحانه وتعالى أنهم يعرفونه بصفاته، وإنما أنكروا نبوته وجحدوها لما تبين لهم أنه من العرب,
قال تعالى:
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)
[سورة البقرة الآية : 89]
ملك الروم هرقل كان يقول حينما استلم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظن أنه منكم،
كنت أعلم أنه خارج، يعني سيظهر نبي، ولم أكن أظن أنه منكم أيها العرب .
العناية الإلهية بسيدنا محمد :
أخواننا الكرام، يقول علماء السيرة: الله جل جلاله كان يكلأ النبي صلى الله عليه وسلم ، ويحفظه ويحوطه من جاهلية الجاهلية،
يا ترى هل هذا شيء خاص بالنبي؟ فكل واحد منا موضع عناية الله عز وجل، بل يمكن أن نقول: إن الإنسان في العناية المشددة، لك رب كريم يرعاك رعاية تامة, فبطولتك أن ترضى عنه في المكاره كما في إقبال الدنيا .
الآن الإنسان حينما يتحرك، حينما يدرس، أو حينما يعمل، أو حينما يتاجر، أو حينما يسافر، أو حينما يتزوج، هذه الحركة حركة الإنسان في الحياة تكشف معدنه، في الامتحان يدرس ويكتب، أو يغش بالامتحان، في التجارة يصدق أو يكذب،
فحركة الإنسان في الحياة مجال لامتحانه,
قال الله تعالى:
(وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ)
[سورة المؤمنون الآية : 30]
إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
كلٌّ ميسَّر لما خُلق له
[أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما]
يعني أي إنسان على الإطلاق ميسَّر لما خُلق له
لماذا خُلق الإنسان؟ خُلق لجنة عرضها السموات والأرض، الدليل:
قال الله تعالى:
(إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)
[سورة هود الآية : 119]
فما منا واحد من ذكر وأنثى إلا وخُلق للجنة، إلا وخُلق ليسعده في الدنيا والآخرة، لذلك ولأن الله يعلم حقيقة الإنسان، وخصائص الإنسان، فالله جل جلاله ييسر كل مخلوق لما خُلق له، أي ييسره للجنة، فقد يقتضي أن تكون من أب معين، ومن أم معينة، وقد يقتضي أن تكون في زمن معين، وقد يقتضي أن تكون في مكان معين، وقد يقتضي أن تكون ذكراً، وقد يقتضي أن تكون أنثى، وقد يقتضي أن تكون لك ملامح خاصة، فكل دقائق حياتك دليل من تصميم الله عز وجل، ليكون عوناً لك لما خُلقت، هذه حقيقة مطلقة، كل ميسر لما خُلق له
أنت خُلقت للجنة، أنسب شيء لك أن تكون كذا أو كذا، في المكان الفلاني، في الزمان الفلاني، من الأب الفلاني، من الأم الفلانية، بخصائص معينة، هذا كله في خدمة هدفك الذي خُلقت من أجله وهو الجنة، وليس في الإمكان أبدع مما كان، وكلما ازددت إيماناً ازددت رضا عن الله عز وجل,
قال تعالى:
(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)
[سورة البينة الآية : 8]
أيها الأخوة, النبي صلى الله عليه وسلم اشتغل بالتجارة، وقد روي أنه شارك السائب ابن أبي السائب قبل بعثته، كان له شريك، وكان تاجر، فلما كان يوم الفتح فتح مكة، جاءه السائب, فقال صلى الله عليه وسلم له:
مرحباً بأخي وشريكي، كان لا يداري ولا يماري
[رواه وأحمد عن أبي السائب في مسنده]
يعني لا يجادل ولا يدافع، النبي صلى الله عليه وسلم كان شريكاً مضارباً بمال خديجة، ورعى الغنم، وذاق مر الحياة وحلوها، وذاق النصر والقهر، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وموت الولد، وطلاق البنات، فكل ما يعتري الإنسان في حياته ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مثلاً أعلى .
أيها الأخوة، دققوا في هذه القاعدة التي سأضعها بين أيديكم، البطولة ليس أن تنجو من مشكلة أو من مصيبة، أو من محنة، أو من امتحان، أو من ابتلاء، البطولة أن تقف الموقف الكامل من هذا الابتلاء، قد يبتلى الإنسان بزوجة سيئة، بطولته أن يقف الموقف الكامل منها فيصبر عليها فيرقى عند الله .
قد يبتلى بابن متعب، قد يبتلى بجار، قد يبتلى بصديق، قد يبتلى بالفقر، قد يبتلى بالمرض، قد يبتلى أن يفقد حريته لأمد، فليست البطولة ألا تصيبك مصيبة، ولكن البطولة أن تقف الموقف الكامل من أي شيء يصيبك .
شيء يلفت النظر، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم عصمه الله من الكفر قبل البعثة ، وجنبه عبادة الأوثان التي عبدها قومه، فلم يعبدها، ولم يقدم لها القرابين، ولم يكن يأكل مما يذبح على النصب، وكان يستمسك بإرث إبراهيم .
كان عليه الصلاة والسلام يطوف بالكعبة المشرفة، وقد طاف معه مولاه زيد بن حارثة مرة، فلمس زيد بعض الأصنام، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حلف زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مس منها صنماً حتى أكرمه الله بالوحي، وكان التعري عند الطواف مألوفاً في الكعبة، وعصم النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف عرياناً.
مرةً استخدم أجيراً، فتعرى هذا الأجير ليغتسل أمام الملأ،
فقال عليه الصلاة والسلام لهذا الأجير:
لا أراك تستحي من ربك خذ إجارتك لا حاجة لنا بك
[ورد في الأثر]
فقبل البعثة، وقبل الوحي كان عليه الصلاة والسلام قمة في الحياء، وقمة في الورع .
والحمد الله رب العالمين