عنوان الموضوع : القواعد السديدة في حماية العقيدة -10-- الشامل
مقدم من طرف منتديات الشامل

القـواعــد السديدة
في

حماية العقيدة





الدكتور: طه حامد الدليمي


-10-



خاتمة خارج صلب البحث



التضخم يصيب الفكر الإسلامي الأصولي
في غيبة هذا القانون عن ذاكرة البحث الأصولي وخلو المنهج الاستدلالي لدى الباحثين في الأصول من تبنيه والبناء عليه في بحوثهم ونقاشاتهم أصيب الفكر الإسلامي الأصولي بحالة من التضخم ما كان أغناه عنها لو انتبهنا من وقت مبكر ووعينا تمام الوعي مراد الله تعالى بقوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7) .
وقوله: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (يونس:36) .
وقوله: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (النجم:28) وأمثالها من الآيات البينات التي تلزم الإنسان بأن يبني أصول اعتقاداته وأساسيات دينه على اليقين ، ولا تعترف بما بني منها على الظن والشبهة والاحتمال .
وهذا يستلزم - أول ما يستلزم - إسقاط جميع الأدلة الظنية وعدم اعتبارها ، فلا داعي للانشغال بإبطال دلالاتها لأن الدليل فقد اعتباره من الأساس .
ليس هذا هو قصدي تماماً بما غاب عن أذهان العلماء ، إنما هو شيء آخر هو الأساس وهذا وصفه . لقد انشغلنا بالوصف وذهلنا عن الموصوف الذي هو وجوب أن يكون الدليل الأصولي نصاً قرآنياً حصراً . فالروايات لا تأتي بأصل غاب ذكره فلم يبينه الله تعالى أولاً في القرآن . فضلاً عن أن يكون هذا الأصل لا ذكر له في الكتاب ولا في السنة فنحتاج إلى استنتاجه بعقولنا القاصرة . إذن لماذا بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ؟!




قصر الدليل الأصولي على النص القرآني المحكم



وبالجمع بين الوصف والموصوف نتوصل إلى هذا القانون الرباني الأصولي ألا وهو وجوب كون الدليل الأصولي نصاً قرآنياً قطعي الدلالة ، فلا يقبل فيه:
- النص القرآني الظني الدلالة
- ولا النص الروائي
- فضلاً عن الاجتهاد العقلي .
بعبارة أخرى : قصر الدليل الأصولي على محكمات آيات الكتاب .




كيف نخلص العوام من طامة التقليد في الأصول



بهذا نصل إلى الحق من أقرب طريق ، وبأيسر وسيلة . ونصيب كبد الحقيقة : فنعرف الأصول الصحيحة من الأصول الباطلة دونما حاجة إلى كثرة الردود وإطالة النقاش ، ولا لجوء إلى كتب التفسير وأقوال العلماء ، أو قواميس اللغةالأمر الذي شوش صورة الحق في أذهان الكثير من عوام الناس وجعلهم يعيشون في بلبلة فكرية شديدة لا يدرون بالضبط مع من يكون الحق ؟ وأخيراً لا يجدون ملجأً غير تقليد من يثقون به مع أن الكل متفقون على عدم جواز التقليد في الأصول . فقل لي بربك مَن من العوام يستطيع تبين وجه الحق وسط هذه المعمعة من الجدالات والنقاشات التي يصعب استيعابها دون معرفة دقيقة سابقة بأصول الفقه واللغة والحديث والمنطق وأساليب الجدل وغيرها من لوازم معرفة دلالات الأدلة ؟! مَن من العوام يفهم في هذا ليستطيع الحكم مستقلاً بالحق لهذا قطعاً دون ذاك ؟! وكيف له أن يتخلص من التقليد ليتوصل بنفسه إلى معرفة أصول دينه وقد أمست الأصول تحتاج إلى كل هذه التشكيلة من العلوم وهو لا يحسنها ؟!
إن هذا هو أحد الأسباب التي تجعل من العوام صيداً سهلاً للمشككين ، ما يؤدي بهم إلى أن يكونوا دوماً رصيداً احتياطياً لأهل الباطل .
أما إذا علّمنا المسلم أن لا يبني أصول دينه إلا على الآيات الواضحة التي لا يحتمل نصها إلا معنى محدداً لا يحتاج إلى تفسير فقد خلصناه أولاً من الحاجة إلى التقليد في التعرف على الأصول ، وجعلناه ثانياً على بينة قاطعة من أن هذه الأصول التي يؤمن بها إنما هي الأصول التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا . وفي الوقت نفسه يستطيع إطلاق الحكم الجازم دون تردد ببطلان كل أصل باطل بنفسه دون الحاجة إلى الاستعانة بأحد من العلماء وغيرهم ، ولا معرفة بأي علم من تلك العلوم التي أشرنا إليها آنفاً . بل يستطيع أي مسلم حتى لو كان أمياً أن يُسكت أي عالم من علماء الضلالة مهما أوتي من علم وكان على دراية بأساليب الجدل ما دام أصله الذي يحتج له لا وجود له في القرآن بالنص المحكم الصريح القطعي في دلالته .


عدم الحاجة إلى أي علم لمعرفة الأصول

إن هذا القانون سيغني المسلم عن الحاجة إلى معرفة أي علم من العلوم لكي يتعرف على أصول دينه - حتى لو كان هذا العلم علم تفسير القرآن - ما دام النص القرآني الأصولي ناطقاً بنفسه معبراً عن الأصل المراد صراحة .
وأما الحديث وعلومه فلا حاجة له فيه البتة لأن الأصول كلها موجودة صراحة في القرآن .
كذلك العلوم العقلية شأنها شأن ما سبقها من العلوم: التفسير فما دونه !
وبهذا نكون قد خلصنا الفكر الإسلامي الأصولي من حالة التضخم والترهل التي أصابته في الصميم ، وأدت به إلى أن يتحول إلى فكر انعزالي نخبوي لا يحسن التعامل معه إلا من امتلك رصيداً غير قليل من العلم والثقافة والمعرفة، بينما يتفق الجميع على أن الأصول وأدلتها يجب أن تكون في متناول الجميع علماء وعامة .
لقد كان يفترض على الفكر الإسلامي الأصولي أن يحسم هذه القضية العظيمة منذ البداية ويبرزها ويجعلها في متناول إدراك كل مسلم . ولو حصل ذلك لكنا قد استغنينا عن هذه الردود الطويلة المرهقة ، وتخلصنا من آلاف الكتب المطولة والمختصرة التي ألفت في موضوع العقيدة ، والتي هي مجرد ردود على أباطيل أهل الزيغ الذين نجحوا أيما نجاح في جرنا بعيداً عن المصدر الأساس والوحيد للأصول ألا وهو محكم القرآن العظيم .


جملة واحدة تكفي لإسقاط جميع أصول المبتدعة

ولو كنا قد انتبهنا إلى هذه المغالطة المنهجية في الاستدلال الأصولي لكان نقاشنا مع المبتدعة وجميع المبطلين ينتهي بجملة واحدة ، وأباطيلهم تسقط بضربة واحدة هي : هل هذا الذي تدعونه من الأصول عليهدليل صريح من القرآن ؟ عند ذاك سيتبين للجميع علماء وعامة ، متعلمين وأميين عجزهم الكامل والواضح عن الإتيان ولو بآية واحدة دليلاً على ما يدعون ! لأن هذا الكتاب العظيم (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فليس فيه حجة محكمة لأهل الباطل .
لكن في غيبة هذه الحقيقة الواضحة السهلة الميسرة يجرجرنا أهل الزيغ بعيداً عن محكمات الكتاب إلى متشابهاته التي تحتمل وجوهاً عديدة من المعاني ، وفيها مجال واسع للاختلاف بين العلماء ، وليس من السهل القريب أحياناً إلزام الخصم بالمعنى الآخر للآية موضوع النقاش ، ولا يعدم الأمر من رأي شاذ قال به بعض المنتسبين للحق . فإذا أدخلت الروايات في النقاش أو الاستدلال تعقدت المسألة أكثر لأن الروايات يكثر فيها المكذوب والضعيف ناهيك عن الصحيح المحتمل المعنى، فلا بد أن نلجأ إلى قواعد التصحيح والتضعيف والخوض في علم الجرح والتعديل ، وهو بحر لا ساحل له فإن الاختلاف فيه ليس له حدود ، ولكل فريق قواعده وأحكامه الخاصة ، وكلٌ يصحح ويضعف ما لا يتفق فيه مع الآخر فيتحول الكلام إلى حركة في فراغ لا طائل تحته ! وتتضخم الردود وتزدحم المكتبة بركامها .
أما إذا دخلت الأدلة (العقلية) والأبحاث الفلسفية في حومة النزاع فتكون الواقعة قد وقعت وقضي الأمر وانسدت السبل كلها في وجه طالبي الحق والحقيقة من حيث نتصور أننا نلتمس الحق ونجلي وجهه لطالبيه !


دين الله في ليس معقداً ولا فوق مستوى ذهن العوام

والآن قل لي بربك : هل يمكن أن تتصور أن دين الله جل وعلا معقد إلى هذه الدرجة ؟ وأنه سبحانه قد وكل عباده كي يتعرفوا على معالم دينه الكبرى إلى هذه السبل الطويلة البعيدة المتعرجة التي لا يحسن الخوض فيها إلا الفطاحل من البشر ؟ ثم يحاكم على أساسها عامة المسلمين مع أن سلوكها أو فهمها متعذر عليهم ! فإذا أخطأ أحدهم لأنه لم يجد بداً من تقليد العلماء فيها يكون حاله كحال أولئك الذين أخبر الله تعالى عنهم فقال :
( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) .
حاشا وكلا ! إن دين الله في أصوله ومعالمه الكبرى سهل ميسر ، في إمكان أي إنسان معرفته وفهمه دون حاجة إلى أحد سوى القرآن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )) .ولو كان الدين معقداً إلى هذه الدرجة التي وصلنا إليها في معزل عن القرآن لما قال الرسول هذا القول ، ولجاز شرعاً أن تتعدد الأديان والطوائف بتعدد أصولها التي لا ضابط لها كما جاز تعدد المذاهب الفقهية طبقاً للاختلاف الجائز في المسائل الفرعية التي لا يمكن أن ترجع في عمومها إلى مثل ما ترجع إليه الأصول من ذلك القانون الرباني القرآني الحكيم الذي هو موضوع رسالتنا هذه.
ولقد تأملت أصول الفرق الزائغة فوجدتها جميعاً تافهة ليست بشيء ؛ لأنها لا تقوم على أساس شرعي يستحق التوقف والنظر . وعلى هذا فإن إطالة حبل النقاش فيها بالنظر في دلالات (أدلتها) دون حسمه ببيان كون (الدليل) غير مؤهل للاستدلال من الأساس هو الذي أعطى هذه الأصول قيمة في أذهان الناس ، وجعل الكثيرين منهم يعيشون حالة من الشك ، أو - على الأقل - يحتملون صحة هذه الأصول . ولو اتبعنا المنهج الإلهي القرآني لكان قد تبين لكل مسلم تفاهة كل أصل من تلك الأصول ومن الجولة الأولى لأننا بتطبيق هذا المنهج لا نحتاج إلى ردود طويلة أو معقدة تشوش صورة الحق في ذهن القارئ أو السامع وتجعله في تردد وتشكك من تبيُّن وجه الحقيقة ..





لتحميل كتاب القواعد السديدة في حماية العقيدة


إضغط هنا للتحميل


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

........جزاك الله خير .........

__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________