تقترب عقارب الزمن لتعلن إنتصاف الليل
أنه الوقت الذي فيه تقترب الأرواح لتبث همساتها بصمت
بعيد عن الصخب
حينما نشعر أن صوتنا لن يصل
وأن بيننا وبين مدن أحلامنا فراسخ وأميال
تتوارى الكلمات لتعلن فشلها وعجزها
يصرخ الصمت بحشرجات متقطعة
ليوصل ما عجزت الحروف عن فعله
تختلط المشاعر ببعض
لتعلن تمردها
ندخل في حيرة وارتياب
لم تكن سوى قصة
"بداية النهاية "
رواية تحكي عن أحلامِ طفولةٍ عَبثت بها الأقدار
بقيت هناك .. مخمرة في الجِرار
كتذكار رُكن في قبو الدار
رواية مكتظة لا أقوى على حملها لوحدي
تتربع على رف الذكريات
أحداث تأطرت في حيزٍ محدود
تَركتها هُناك ....
وغادرت ....
ركبتُ قطار العمر مرغماً لا خِيار
حجزت مكاني ودارت بي عجلة الزمن
أحط الركاب هنا وهناك
إستقر بي المقام
على أرض لا تعرفني
بين حُشود بشر
شَيدّتُ لي دار يحمني من غدرِ الزمان
لم ألتفت الى الوراء
دخلتُ دوامات الحياة بكل تفاصيلها
تركت حكايتي هناك
غير أنها لم تغيب عن بالي لحظة
كيف أنسى
أول دقةِ قلب
لم يتبقَ منها سوى سراب هائم في فيافي الروح
يتلاشى ويظهر كضبابِ أول الفجر
كأمل هزيل
موارب خلف غياهب الماضي والفضاء الرحب
لم يخطر على بالي
هناك أحداث لن تموت
أحداث يعيدها الزمن
تُفتق جروح أوشكت أن تَندمل
تصحح مسارات تكسّرت
تُرمم رُكام الفَجيعة
تُعيد هَيكلة قلبٌ تَصدع
تُغير مَجرى أحداث
أنها صدفة لم تخطر على بال
تفتحت بَتلات التمني على أرضِ الأحلام
يجمعنا القدر بعد طول إنتظار
قررت أن أشاكس بقايا وصال
بقايا وجد مُغلف كبرياءٍ وغرور
لعلي أُحيّ نبض قلبٍ مَكلوم
أزيل آثار دموع تركت أخاديد محفورة
أمسح بقايا حروف إستطالت تحاكي حزن قديم
ما أدهشني ....!
إكتشفت أنه يتقن كل فنون الصمت بِحرفية
سَوّر نَفسهِ بجدار كاتم للصوت
بثني صمته..وكلمات خرساء !!
في أوج لهفتي واشتياقي
يحاورني بلغة العيون !!
وكلام غير مفهوم ..
كم كنت بحاجة لفضفضةٍ وبوح ..
أعلم جيداً أن الجرح أكبر من الكلام
لا مكان للوم أو خصام
نعم تَواريتُ خَلفَ أميال المسافات
أحمل في قلبي شوق أبكم مازال يَتململ
وفوضى حواس هوجاء
تُربك إتزاني
تتردد الحروف قبل أن تصل اليهِ
تخشى أن تصفع بجليد صمتهِ المقيت
تتساقط بعض الكلمات كمداً وحسرة
وما تبقى منها هربت مني ..
تبحث عنه في بطون الذاكرة
تبحث عن صورهِ الأصلية
تبحث عن أسباب التغيير
بين أمس واليوم
بينه وبين هذا التمثال العجيب ..!
وهذا الواقع الغريب المتعثّر
تبحث عن الفروقات .!!
لن أفاجئ بهذا التغيير .!
لن تفاجئني أمنيات إحترقت على أعتابِ اللقاء
أمنيات محاصرة بظنون وخيبة
لن يكتب لها الحياة
ظلت متأرجحة بين شك ويقين
يحق لي أن أحتفظ بقلبي معافى سليم
لن أفرط بهِ بعد الآن
سأحاصره بأسلاك شائكة
أرفعه على عرشٍ وثير
ألبسه تاج ملكة
لن أبالي إختباءك
وإنزواءك خلف ساتر الصمت
وهروبك المقنع الإضطراري
كل شيء مر كالخيال
كيف كسرتُ حاجز المستحيل
وكيف قفزت لأبعد نقطة وراء الجبال
ظناً مني أن بعد التحدى
لابد من فوز وانتصار
من الجنون أن أقاضي ماضٍ أخذه النسيان
وأن أحلم بمعجزة تنبثق من مخلفات ورُكام
لستَ أولَ خسائري
ولا آخر خسائري
أجندة خسائري مُتخمة آيلة للإنفجار
لن أبالي
لن أستفز محبرتي لتستشيط غضباً
أخشى أن تغرق الورق
بشظايا الكلمات
ليصمت قلبك كيفما يشاء
تيقنتُ أن ما خسرناه في بادئ الأمر
لن يعود أبداً
رغم يقيني بضبابية الطريق وانعدام الرؤى
أعترف أنني أزداد إصراراً وتعنتاً
لستُ أعلم إن كان وفاء أم غباء ..!
إنتظاري بات يترنح بين رفض وقبول
باختصار أحاول أن أجد تفسير
لأعطيك أعذار
كنتُ أطيل النظر في الوجوه الماريين
عسى أن ألمح طيفك
كل أمنياتي كانت تحوم في فلكك
رغم رمادية ملامحك
طمرتها تحت زمهرير مشاعرك
مازالت بعضها
تقاوم الأحداث
يرتفع منسوب الشوق كمطر الشتاء
لن يرمم شيء
يمزق الروح
يتركها تنتفض برد وبلل
شيء كالسحر يعصب عينيّ يسحبني إليك
هو نفس الشيء يحاول أن ينتزعني منك
أخبرني عن أسباب سقوطنا الشاهق
أخبرني عما تراه بين اليوم و أمس
لماذا تختبئ خـلف دخـان أسئلتـي ..؟
لماذا تنأى بك الإجابات لبعيد ....؟
ألبستني من خزائن الحزن قوافي وأشعار
هكذا بتُ
أتفنن في وصفك وتخيل ما آل إليه شكلك
كيف أنت الآن !!
مررت بمدن كثيرة
تنقلت في مختلف البقاع
لربما أحظي بصدفةٍ تجمعني بك
كنت قبل أن أغادر
أترك شيء مني
عسى أن تلمحه
ويقع بين يديك
تتذكر أنني يوما ما مررت من هناك !
متى تكسّر طوقي الخانق ..!؟
أما آنَ لكِ أيتها القصة أن تنتهي
تضعي حد لمأساتي
تكتبي نهايتي
تغلقي هذا الكتاب
لم يعد في القلب متسع للومٍ أو عتاب
لم يعد في الروح مكان للإختباء
أعلم يقيناً أن حبنا مُحال
حُكم عليه أن يوئد في الظلام قبل أن يرى النور