تائهاً انا امامُ
عواصفُ أغبرةُ المدينةُ
الملوثةُ بـ مخلفاتُ البشرُ
أُحاولُ أن أهربُ إلى خارجُ
نطاقُ العمرانُ بعيداً عن تلوثُ تلكَ البيئةُ
فـ لا أجدُ وسيلةٌ تنقلني إلى هُناكَ
أضلُ اسيرُ على قدماي
و تطولُ المسافةُ
للبلوغُ إلى اطرافُ المدينةُ
فـ يُداهمُني ظلامُ الليلُ الدامسُ
فـ أجدُ نفسي منزوياً تحتُ ذلكَ السورُ المهجورُ
وضوءُ القمرُ ساطعٌ بـ أشعتهُ الجميلةُ
فـ هُنا أدركُ بـ أنني قد أوشكتُ على مغادرةُ المدينةُ وضوضاؤها
بل أني سـ أُغادرُ ذلكَ السجنُ المُهيبُ لكياني من بين أركانُ غُرفتي
سـ أُغادرُ لـ أتنفسُ هواءٌ نقيٌ بعيداً عن ملوثاتُ المدينةُ الصاخبةُ
و أضلُ اسيرُ بين تلالُ الصحراءُ الجميلةُ و وديانُها
و أطئُ بـ قدماي أشواكُها الجميلةُ
و يطولُ سيري لـ أبحثُ عن من أفتقدتُها وسطُ المدينةُ
و يدركُني الظلامُ الدامسُ ويبداءُ القمرُ بـ أنعكاسُ ضوءهُ ليضئُ لي طريقُ رحلتي
تـ تزغللُ عينايَ يميناً و يساراً و لا أجدُ من يُـ حاتيني الآ أصواتُ تلكَ الذئابُ حينما تعووووي فيرتدُ صداها من أعماقُ الأوديةُ
أٌقفُ متهولاً امامُ تلكَ الأصواتُ الموحشةُ
أزئرُ بـ أعلى صوتي لـ محبوبتي التي افتقدتُها وسط الصحراءُ قبل عشرونَ عاماً
و لا أجدُ مجيبُ لـ زئرتي و تهجدُ الذئابُ عن عوائُها و يُخيمُ السكونُ الأجواءُ
و تخيبُ آمالي أمامُ وحشةُ تلكَ الأوديةُ و أقوقعُ بـ رآسي مُحطماً و يـ تلحفُني اليآآآآآآآآسُ
عندما أنظرُ إلى قدمايَ وقد بدأتُ تنزف دمائُها من كثرةُ الترحالُ وسطُ الصحراءُ
فـ أضلُ ابكي و تنهمرُ دموعي على وجنتي و يبداءُ اليآآآآآآآسُ بـ التسللُ والخروجُ من كياني
الأجواءُ باردةٌ جداً والصقيعُ يـ تحلقُني و يرتعدُ جسدي من شدةُ البرودةُ
فـ أجدُ نفسي ابحثُ عن حطيباتٌ أشعلُها لـ تُدفيني من صقيعُ البرودةُ القاسيةُ
أبحثُ عن شعلةٌ تـ شعلُها فـ لا أجدُ
تـ ستدركُني فكرةُ القرحُ بين الحجرُ فـ أجدُها تـ ستجيبُ لـ أناملُ يدايَ فـ تصدرُ شراراتُها على قشةٌ بين الحطبُ
فـ تبداءُ بـ التقاطُ شرارةُ أشتعالُها
اُوهفهفُ عليها لـ يبداءُ لهيبُها يتعالى
ما ألبثُ الآ و أتفاجاءُ بـ أنسانةٌ تلتمُ حولَ تلكَ النارُ
تبحثُ عن دفئٌ يحتويها من تلكَ البرودةُ
فـ ياويحي حينما وجدتُ مفارصُها ترتجفُ من شدةُ البرودةُ
فـ هممتُ ابحثُ عن حطيباتٌ لـ أزيدُ ايقادُها
لـ تتمكنُ تلكَ الضعيفةُ من الدفئُ لكي تستجمعُ قِواها و تستعيدُ نشاطُها
كيفَ وهي من أُنهُكت من ذلكَ الصقيعُ المُزمهرُ
فـ تلحفتُ تلكَ اللهيبُ تبحثُ عن دفئٌ يُدثرُها
و أنا مُنهكٌ و قد أرهقُني كثرةُ المسيرُ وسطُ الصحراءُ الموحشةُ
فـ لا أستطيعُ التحكمُ بـ جميعُ حواسي
و أسقطُ فجاءةُ بجانبُ النارُ التي أشعلتُها
فـ تحتضُنُني تلكَ الفتاةُ البريةُ على صدرُها الطاهرُ
لـ تُدفي جسدي من شدةُ برودةُ الجو القارسُ
و تنسى نفسُها و زمهريرُ البردُ يشغفُها
تُضحي بنفسُها لـ تُدثرُني بدفءُ جسدُها الساخنُ الملتهبُ بحرارةٌ تُفيقُ حرارةُ تلكَ النارُ
ورغمُ ذلكَ ترتجفُ من شدةُ الصقيعُ
أدركُ أنينُها و أتألمُ لها
أُحاولُ أن أفيقُ فـ لا أستطيعُ أن انهضُ من ذلكَ الصدرُ الحنون
أبكي بصمتٌ حتى لا أزيدُ عبُ تلكَ المسكينةُ
تنظرُ إلى عينايَ فـ أُداري دموعي عنها
مُنهكٌ أنا وجسدي قد أعياهُ التعبُ
أحسُ بنشوةٌ غريبةٌ أنتبضُ من أحضانُها
فـ أفيقُ لـ أجدُ السماءُ ملبدةٌ بـ الغيومُ و قد بدأتُ قطراتُ المطرُ
تنهمرُ نقاطٌ رويداً رويدا
أرفعُ عيناي إلى وجنتي وعيناي تلكَ الفتاةُ
فـ أجدُ البسمةُ قد عانقت مُحياها و بدأتُ تـ تراقصُ فرحاً
امامُ زخاتُ المطرُ و كـ أنُها مسحورةٌ بهذهِ الأجواءُ
أرفعُ يداي داعياً الله بـ أن يديمُ ديمةُ امطارهُ
لـ يعمُ الفرحُ وسطُ وجدانُ تلكَ الفتاةُ
لـ تتباركُ الأرضُ و تـ خضرُ لـ تعيشُ منهُ خشاشُ و بهائمُ الصحراءُ
فـ ما ألطفُكَ ياربُ حينما تآمرُ السحبُ بـ أن تهلُ أمطارُها
رحمةٌ بـ أنسانٌ ماَ لـ يسترزقُ منها أنفسٌ بريئةٌ كُتبَ لها أن تـ توالدُ و تـ تكاثرُ وسطُ الصحراءُ
و يبقى أملُها بـ قلبٌ طاهرٌ يـ سكنُ تلكَ الصحاري و القفار أو يعبرُ بها لتدرُ لهُم السماءُ دُررُها لتنبتُ أرضُها لتُكافحُ صراعُ الحياةُ
فـ ما أجملُ الحُبُ وسطُ المدينةُ و ضوضاؤها
و ما أجملُ الحُبُ كذلكَ حينما تجدهُ وسطُ أوديةُ الصحراءُ و المطرُ ينهمرُ من السماءُ
و ضوءُ النارُ يـ لتهبُ لـ يشعلُ قلوبٌ تشفقت نارُ الحُبُ اللذيذةُ