عنوان الموضوع : بقايا ذاكرة
مقدم من طرف منتديات الشامل

/
\


/
\
من بعيد تغفو القرية في جزء ضئيل من الصحراء ,
تلوح كنجمة صغيرة تلاشى ومضها في متاهة الفضاء .
غمره شعور ممزوج بهاجس الوحدة وغموض المجهول
وهو يجوب الصحراء للوصول إلى تلك القرية .
شعر أنه يتخلص في وهاد الصحراء من ضجيج المدن ,
ويتحد مع رموز مغرقة في سكونها وصمتها .
الاتساع , والفراغ , الرمال الحارقة بصهدها , والجبال
البكماء المخضبة بالسواد , وشجيرات الشوك الداكنة
التي تدمي شرايين الأقدام .
كل هذه العناصر التي شكلت طبيعة الصحراء, وصاغت
لغزها الغامض , أيقن أنها تتحاور خارج الحياة بوتيرة لا تتغير ,
الطريق الإسفلتي الضيق يخترق خاصرة الصحراء ,
يتلوى كخيوط سحابة سوداء , واللوحات الإرشادية
بزرقتها الباهتة تنتشر على جانبي الطريق وهي تشير
إلى قرى متناثرة بعضها تحول إلى حظائر مهجورة .
سأله صديق طفولته الذي لم يبرح أسوار القرية طيلة حياته :
قدومك من الرياض أم من جدة .
أجاب :
من جدة !
ذهب وهو في ريعان شبابه من هذه القرية الصغيرة ,
إلى تلك المدينة الكبيرة الراقصة على أوتار موجها ,
وشجن ليلها الممتد إلى تراتيل الفجر.
لم يكن يعرف أحدا هناك , كان صديقه الحميم هو البحر ,
ثم تزوج أنثى جميلة من أسرة هندية , وحصل على وظيفة
متواضعة واستأجر منزلا صغيرا , وأنجب العديد من الأطفال .
معظم الذين هاجروا إلى المدن هم كذلك , غالبيتهم من صغار الموظفين
الذين يعملون لدى الحكومة , وقد اكتسبوا المرونة وميزة التسامح
في سلوكهم كما تقضي طبيعة المدن .
قليلون من تشبثوا في طبيعتهم القروية , وظلوا طوال حياتهم في قراهم
حتى دفنوا في مقابرهم .
في ذهنه تظل القرية ضئيلة , سلسلة من القيود الميررة اجتماعيا وكأنها
علية مغلقة , يشعر أن المدينة فضاء واسعا مزدحما بكل الأجناس والألوان
والأضواء , وتكتل بشري منسجم في وحدته الإنسانية .
ذهب إلى البحر صديقه القديم , وملهمه لكتابة قصيدة ظلت زمنا تختلج
في متاهة وجدانه , كان الوقت يقترب من الغروب والشمس تلامس زرقة البحر,
وتكلل الأمواج الصاخبة بأصيلها الذهبي , قوارب الصيادين تذهب وتجيء
محملة بما يسد الرمق , والسفن الضخمة تمخر عباب البحر ورحلة طويلة
إلى مدن مشرقة .
كانت المدينة تمتد كشريط من اللؤلؤ بمحاذاة الشاطئ تفصلها قليلا
عن البحر تربة ( سبخية ) رخوة , وبعض البحيرات الصغيرة المبعثرة .
كان سكان المدينة , يشاهدون البحر من منازلهم مباشرة , لم تكن مدينتهم
طوال تاريخها ترتدي الحجاب أمام بحرها وصخب أمواجه , قبل أن تحاط
شواطئها بسور من الأبنية الإسمنتية .
انتشرت ظاهرة الأبنية , حديثة الإنشاء على طول الشاطئ ولجأ سكان المدينة
بعد تفشي هذه الظاهرة لقطع مسافات طويلة بحثا عن شاطئ مفتوح .
ظل في تلك الليلة شارد الذهن قلقاً , تكسو ملامحه وجهه غيمة من الحزن
وهو يبحث في بقايا ذاكرته , عن مدينة حضنت بدفء حنانها بداية صباه
وطراوة أحلامه لكنه لم يجدها .
/
\
المصدر المجلة الثقافيه
6/11/1437-1436

لكم مني أرق التحايا وأعذبها

بقايا أنثى


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

يبقى الموطن الاول هو من تحن اليه النفوس


اختي الكريمة

شكرا لك انتقاؤك الرائع والمتميز .. هنيئا لك هذه الذائقة

لك كل الاحترام


__________________________________________________ __________
تُحجب المعالم

و تُمحى الاثار

لتُمحى معها اجمل ذكرياتُنا

ما شئ يبقى على حاله

و الكل الى زوال

و املُنا فى الله

يوهبنا حياة اخرى

نَسعد و نطمئن بها

بقايا انثى

رائعة انتى بحق

؛ ؛ ؛

احط بجناحيه ها هنا

عصـ على غصن الحياة ــفور

__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امير البيان
يبقى الموطن الاول هو من تحن اليه النفوس


اختي الكريمة

شكرا لك انتقاؤك الرائع والمتميز .. هنيئا لك هذه الذائقة

لك كل الاحترام

اسعدك المولى مرور عطرفاح شذاه عبقا أصيل
/
زهرة من تقدير أتركها هنا




__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tarek4872
تُحجب المعالم


و تُمحى الاثار

لتُمحى معها اجمل ذكرياتُنا

ما شئ يبقى على حاله

و الكل الى زوال

و املُنا فى الله

يوهبنا حياة اخرى

نَسعد و نطمئن بها

بقايا انثى

رائعة انتى بحق

؛ ؛ ؛

احط بجناحيه ها هنا


عصـ على غصن الحياة ــفور

أسعدك المولى
مرور له إشراقته المميزة دوماً
/
زهرة من تقدير أتركها هنا



__________________________________________________ __________
بقاايا أنثى
مشكووورة على هذه الكلمات الرائعة
سلمت أناملك وحفظك الله ورعااك

اسعدكي الله على ماقدمتيه