عنوان الموضوع : الإيـمـان -5-- الشامل
مقدم من طرف منتديات الشامل

الإيـمـان




- 5-




الاستاذ:
عبد المجيد الزنداني




الواحد الأحد


ويقدم الوجود كله شهادة بأنه من صنع الواحد الأحد .
فأنت ترى أن غذاءك ؛ يتوقف على عمل المعدة، والأمعاء ، ويقول الأطباء: إن عمل الأمعاء يتوقف على عمل الدماء ، ويتفوق دور الدماء على الهواء وحركة التنفس ، ويتوقف الهواء الصالح للتنفس على عمل النباتات، ويتوقف عمل النباتات على وجود الشمس ، ووجود الشمس يتوقف على وجود الكواكب المحيطة بها والنجوم الأخرى .. وهكذا نجد : أن كل شيء ، يعتمد في وجوده وعمله على غيره من الأشياء كما رأينا ، أن المعدة مرتبطة بنجوم السماء ، وذلك يشهد أن الجميع من صنع رب واحد ، قال تعالى : ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (المؤمنون:91) وقال تعالى : ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ (الإخلاص: 1-3) .
ولو كان هناك آلهة غير الله لحدث الصراع بينهم على تسيير هذه المخلوقات وعندئذ يذب الفساد على الأرض والسماء ، قال تعالى : ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (الأنبياء: 22) .




ـ من صاحب هذه الصفات؟
رأينا مما سبق أننا إذا تفكرنا في الكون والمخلوقات من حولنا وجدنا أن كل شيء يشهد بأن خالق هذه المخلوقات هو : الخالق ، الحي ، الدائم ، العليم ، الحكيم ، الخبير ، الرزاق ، الهادي ، الحافظ ، المصور ، الرحيم ، القوي، القادر ، المهيمن، الواحد ، الأحد .وكما شهد الكون كله بهذه الشهادات فإن المسلم قد شهد مع الكون كله وردد هذه الشهادة عن علم ويقين فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله).
وإذ كنا عرفنا من القاعدة الأولى : أن العدم لا يخلق شيئاً ، وعرفنا من القاعدة الثانية بعض صفات الخالق ، فإننا سنعرف من القاعدة الثالثة أنه لا يتصف بهذه الصفات إلا أن الله وحده لا شريك له .




ـ القاعدة الثالثة ـ فاقد الشيء لا يعطيه :
إن الذي لا يملك مالاً ، لا يطلب الناس منه المال ، والجاهل لا يأتي منه العلم، ذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
وبالتفكير رأينا العلامات ، والآيات في المخلوقات التي تعرفنا بصفات الخالق سبحانه ، وإذا عرفنا الصفات، عرفنا الموصوف .
فالذين يزعمون أن الطبيعة خلقتهم ، خالفوا العقل وحاربوا الحق ، لأن الكون يشهد أن خالقه حكيم ، عليم ، خبير ، هاد ، رزاق ، حافظ ، رحيم واحد أحد .
والطبيعة الصماء الجامدة لا تملك علما ، ولا حكمة ، ولا حياة ، ولا رحمة ، ولا إرادة ، فكيف ظن الجاهلون هذا الظن؟! وفاقد الشيء لا يعطيه .




ـ ما هي الطبيعة؟
الطبيعة هي هذه المخلوقات بما هي عليه من صفات، ولقد عبد الوثنيون أجزاء من الطبيعة مثل : الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والنار ، والأحجار ، والإنسان ، ويتوهم الوثنيون الجدد (الطبيعيون) أن مجموع الأوثان السابقة (الطبيعية) هي التي خلقتهم ، مع أن الطبيعة لا تملك عقلاً ، ولهم عقول؟!! ولا تملك علماً ، ولهم علم!!! ولا تملك خبرة ، ولهم خبرة!! ولا تملك إرادة ، ولهم إرادة!!! أما علموا أن فاقد الشيء لا يعطيه ، قال تعالى : ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(73)مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: 73، 74).




شبهة ورد
يزعم بعض الملاحدة بأن الطبيعة هي التي تخلق المخلوقات ، ويستدلون على ذلك بما يشاهد من تكون الدود على بقايا وفضلات بعض الحيوانات والإنسان!
ولقد تقدم العلم وكشف للناس أن هذا الدود الذي يتكون على الفضلات وغيرها قد جاء من بيض صغير لا تراه العيون ، وأمكن مشاهدتها بالمكبرات (المجاهر أو المايكروسكوبات) وسقطت شبهة الملاحدة في هذا الباب .
ولكنهم عادوا وقالوا : إذا كان الدود قد جاء من دود سابق عن طريق البيض الصغير الذي لم نراه ، فإن الجراثيم التي تعفن الأطعمة وتفسدها قد جاءت من الطبيعة ، ولم تولد من جراثيم سابقة ، ولكن هذه الشبهة أيضاً دحضت قبل أكثر من ثمانين عاماً عندما اكتشف الباحثون طريقة يحفظون بها الطعام دون أن يتعفن وذلك بعزل الطعام عن علب محكمة تقتل فيها الجراثيم بالحرارة ، أو الأشعة ، وتعزل عن الهواء حتى لا تأتي جراثيم عديدة عن طريق الهواء . وبهذا عرف الناس أن جميع المخلوقات تأتي من مخلوقات سابقة ، ولا تتولد من الطبيعة كما يزعم الجهلة من الملحدين .
وإن تعجب أيها المسلم فمن زعماء الإلحاد الذين يعرفون الحقائق منذ أكثر من ثمانين عاماً ، ولكنهم يصرون على نشر هذه الجهالات لترويج الإلحاد الذي لا يعيش إلا مع الجهل!!




الرد على ضلالات النصارى
عندما نجى الله عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ من كيد أعدائه ، ورفعه إلى السماء ، وقع باقي العلماء من النصارى تحت إرهاب الرومان ، فاختفى كثير منهم ، وقتل آخرون ، فشاع الجهل بين النصارى ، وضاع إنجيل عيسى ، فاستبدلوه بأناجيل من تأليفهم ، وكتب كل مؤلف اسمه على إنجيله الذي يختلف عن باقي الأناجيل وأصبح لديهم عدد من الأناجيل ، مثل : إنجيل متى ، إنجيل يوحنا ، إنجيل مرقص ، إنجيل لوقا ، إنجيل برنابا ، حتى بلغ عدد الأناجيل أكثر من سبعين إنجيلاً ثم اختاروا في مؤتمر نصراني أربعة من هذه الأناجيل ، وأحرقوا ما بقي ، وزعموا : أن الله ثالث ثلاثة : وأن عيسى ابن الله .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .. ثم قالوا بعد ذلك : إن الله واحد ، فأصبحوا يعتقدون بما لا يقبله العقل ، وهو أن الله واحد ، وأنه ثلاثة في نفس الوقت .



قال البوصيري :
جعلوا الثلاثة واحداً ولو اهتدوا * * * لم يجعلوا العدد الكثير قليلاً


ويزعموا : أن الله (أي عيسى) مات مصلوباً ، مع اعتقادهم أن الملائكة لا تموت ، وأن البشر (اليهود والرومان) هم الذين قتلوا عيسى . ويقررون في أناجيلهم أن بعض أتباع المسيح وجدوه حياً ، بعد حادثة الصلب والله يقول : ﴿.. وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ (النساء : 157،158) .
وأما قولهم : أن عيسى لا أب له ، مما يدل ـ بزعمهم ـ على أن الله أباه ، فقد رد القرآن عليهم ، قال تعالى : ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (آل عمران : 59) ، وقد بين المولى سبحانه : أن عيسى بشر كان يأكل الطعام ، ومن أكل الطعام احتاج لقضاء الحاجة ، فكيف يكون ربا من تحكمه ضرورات الطعام ، والشراب ، وقضاء الحاجة؟ قال تعالى : ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (المائدة: 75).




مجيب المضطر إذا دعاه



ويمكن لكل إنسان أيضاً ، أن يعرف ربه عن قرب وذلك عن طريق مشاهدة إجابة الله للدعاء ، فكم خرج المؤمنون يطلبون ـ بقلوب وجلة تائبة ـ من ربهم أن يسقيهم الغيث ، فكان الجواب على الفور في كثير من الأحيان ، ويأتي الغيث إلى القرية أو المدينة التي خرجت تدعوا ربها ، والقرى والمدن التي بجوارها لا يأتيها شيء، وكم رأى المضطرون تفريجاً لحالة الكرب بدعائهم ، قال تعالى : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ (النمل : 62) . وقال الشاعر :




وكم أصاب المسلمين من جفاف *** فنفروا ثقالهم مع الخفاف
وطلبوا من الإله الفرجا *** فحققوا الفوز ونالوا المخرجا
فهل طبيعة أجابت أم وثن *** أم أنه السميع كشاف المحن


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

جزاك، الله، الف، خير ،،،~

__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________