[BACKGROUND="100 #000000"]
هكذا نحسن التأسي برسول الله "صلى الله عليه وسلم"
لاشك أن من أولويات كل مسلم في مشرق الأرض أو مغربها، شمالها أو جنوبها، أن يحسن التأسي برسول الله " صلى الله عليه وسلم" . لذا، تتوق روح كل مسلم ونفسه إلى العيش في هذه الحياة وفق المنهاج الإسلامي السليم الذي أشار إليه رسول الله " صلى الله عليه وسلم" عندما خط على الأرض خطا مستقيما تتفرع منه عدة أفرع، وأشار " صلى الله عليه وسلم" إلى الخط المستقيم وقال: { وَأَنَّ هَ?ذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} (الأنعام:153).
وكم يخشى المسلمون في مختلف أرجاء المعمورة ألا تكون طريقة حياتهم متوافقة مع الأسلوب أو التصور الذي وضعه الإسلام وأراد للمسلم أن يتعامل من خلاله مع هذه الدنيا ومعطياتها، وأحداثها، وأحوالها؛ لأن بعدهم عن المنهاج النبوي يجعلهم كمن اتبعوا السبل التي تباعد بين الإنسان والمنهج القويم.
والحق أن تلكم القضية غاية في الأهمية، من حيث الرغبة الكامنة داخل كل قلب مؤمن بالله ورسوله في التأسي بالنبي " صلى الله عليه وسلم" والعيش وفق المنهاج الإسلامي السليم الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو فيه ولا شطط.
وعلى قدر أهمية هذه القضية لكل مسلم صادق مع نفسه ومع الله تبارك وتعالى، وعلى قدر ضرورتها لنا جميعا، كأفراد وشعوب وأمم، على هذا القدر يجب أن يكون اهتمامنا بها وتركيزنا عليها؛ لأن الخسران والبهتان هما المآل النهائي لمن لا يوفق إلى العيش وفق منهاج الإسلام ورؤيته للوجود والحياة، بينما تكون السعادة الأبدية الخالدة هي المآل والمرسى الأخير لكل من ينجح في التأسي بالنبي الكريم بصورة سليمة وصحيحة وصادقة، وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21).
ولقد حرص الصحابة - رضوان الله عليهم - أشد الحرص على العيش كما أراد لهم الإسلام أن يعيشوا، وكما تعلموا من مواقف الرسول " صلى الله عليه وسلم"
المتوالية، حيث كانوا يلاحظون سلوكياته على الدوام ويتعلمون من ردود أفعاله على المواقف والأحداث، وكثيرا ما كانوا يرجعون إليه في العديد من الأمور، رغم سعة أفقهم وقدرتهم العالية على التعامل مع الحياة. لكن الحرص على الائتمار بأمر الرسول والانصياع للتصور الإسلامي كان يدفعهم إلى استفتاء الرسول في كل شيء، وفي كل وقت وحين.
وغني عن البيان الإشارة إلى أن معالجة هذه القضية بحاجة ماسة إلى مزيد من التفصيل والتحليل كي ما نلم كل خيوطها، ونغطي كل جنباتها. لكن لا بأس من تناول عدة نقاط تفيد الراغب، وتهدي المشتاق، وتساهم في توعية من أراد أن يحيا وفق نمط حياتي يتماشى مع النمط المعيشي الذي شرعه الإسلام لأتباعه، وعلمه الرسول " صلى الله عليه وسلم" لمن أراد أن يسير على دربه ويتمثل آدابه وأخلاقياته.
والحق أن التأسي برسول الله " صلى الله عليه وسلم" هو غاية كل مسلم، وهدف كل مؤمن. لكن التأسي السليم البعيد عن الإفراط أو التفريط يتطلب الانطلاق من مجموعة أمور يمكننا الإشارة إليها على النحو التالي:
أولا - الإلمام ببعض قواعد الشريعة الإسلامية
فالسير على دربه " صلى الله عليه وسلم" يقتضي قدرا معينا من المعرفة الصحيحة والسليمة بأسس وقواعد الدين الإسلامي الحنيف، كأن يدرك المسلم أن الإسلام الحنيف عندما شرع للحياة كان حريصا على المصلحة العليا للإنسان في الحياة الدنيا والآخرة، سواء بسواء. وقد يأتي ذلك على حساب بعض المتع واللذائذ المؤقتة والفانية التي تهواها النفس ويميل إليها الهوى البشري، فمثلا: حرم الشارع الحكيم تعاطي الخمور؛ لأنها مسكرة وتذهب بعقل الإنسان، الأمر الذي يجعله يتصرف بما يتعارض مع شريعة الله وما يتناقض مع كرامته الإنسانية. ومن هنا يتم - وفقا لهذا الدين الحنيف - تحريم كل مسكر. وبالتالي، ظهرت قاعدة ما أسكر كثيره فقليله حرام؛ إذ العلة تدور مع العلول، وجودا وعدما.
إن الوعي بمثل تلك المعارف والحقائق يجعل الإنسان المسلم يبتعد عن كل ما يغيب العقل، أو يؤثر سلبا على تركيزه، بينما بعض السطحيين لا يدركون هذا المعنى، فتراهم يجتنبون تعاطي الخمور دون غيرها من المشروبات المسكرة بحجة أن التحريم ورد لفظا في القرآن الكريم بحق الخمر فقط! من هنا ينتشر بين بعض المسلمين للأسف تعاطي بعض المشروبات التي قد لا تحمل اسم الخمر ولكنها تحمل صفاتها وخصائصها.
ونشير إلى أنه لا يقتضي التحريم أن يحمل المشروب نفس صفات وخصائص الخمر بالضرورة لكي يتم تحريمه، بل يتم تحريم أي مشروب ثبت علميا أنه يؤثر سلبا على الصحة العامة للإنسان، حتى ولو على المدى البعيد، انطلاقا من قول ربنا سبحانه وتعالى: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة:195). ومن هذا المنطلق يذهب جمهور كبير من العلماء إلى تحريم التدخين - مثلا - لأنه يؤدي - بما لا يدع مجالا للشك - إلى حدوث أضرار بالجسم الإنساني. ومن هنا كان من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية المحافظة على النفس.
من ثم يناط بالمسلم السعي قدر طاقته باتجاه تعلم العلم الديني والاطلاع على المعارف الإسلامية ما استطاع إلى ذلك من سبيل، لأن من إيجابيات المعرفة الصحيحة بالإسلام - أيضا - أنها تعين المرء منا على تأدية العبادات والمعاملات بالصورة أو بالشكل السليم الذي يرضي الله ورسوله. وإذا ما صعب أمر التعلم على المسلم فإن ثمة ضرورة لأن يلجأ بشكل دائم ومتواصل إلى أهل العلم والمعرفة، يراجعهم، ويستفسر منهم، ويستوضح الأمور من خلالهم؛ امتثالا لقول الله تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (الأنبياء:7). وغيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى.
وإذا كان الإسلام قد ألزم غير المتعلم أو غير المتخصص بمراجعة المتخصصين من العلماء، فإنه قد أوجب في الوقت نفسه على العلماء أن يجيبوا عن تساؤلات المتسائلين واستفسارات المستفسرين، بل إن الدين الحنيف أوجب على أهل العلم والدراية المبادرة ببذل المزيد من الجهد في نشر العلوم الدينية الوسطية التي تساهم في توعية الناس بأمر دينهم السمح وعقيدتهم الصحيحة. هذا وإلا كانوا من المقصرين، انطلاقا من أنه لا يُسأل الجهلاء لم لم يتعلَّموا حتى يُسأل العلماء لم لم يعلِّموا. وفي الحديث أن العالم الذي يكتم علمه يلجمه الله تعالى بلجام من النار.
ثانيا - الإلمام الواعي ببعض جوانب السيرة النبوية
من المتفق عليه أنه لا يمكننا أن نتأسى برسول الله " صلى الله عليه وسلم" حق التأسي من دون أن نكون على دراية وإلمام بقدر غير قليل من جوانب السيرة النبوية العطرة، كي ما يتسنى لنا المقاربة أو الربط بين مواقف حياتنا وسلوكياتنا وبين سلوكيات الرسول " صلى الله عليه وسلم"
عندما كان يتعرض إلى مسائل مشابهة لما يحدث لنا في حياتنا، لنتبين مدى توفيقنا أو نجاحنا في التأسي به عليه الصلاة والسلام.
ولن يتمكن أحد من الربط أو المقاربة بين سلوكياته ومواقفه من جهة وبين مواقف الرسول وسلوكياته من جهة أخرى من دون أن يكون على درجة جيدة من الإلمام بالمواقف الحياتية التي مر بها الرسول " صلى الله عليه وسلم" على مدار حياته المباركة، أي إن الأمر يقتضي معرفة جانب كبير من سيرته عليه الصلاة والسلام.
والحق أنه لا يكفي الإلمام بأحداث سيرة وحياة الرسول " صلى الله عليه وسلم" حتى نتمكن من القياس السليم عليها أو المقاربة الحقة معها، بل لابد من الوعي بطبيعة المرحلة الحضارية والظرف التاريخي الذي كان الرسول " صلى الله عليه وسلم" يعيش فيه؛ لأن السياق التاريخي الذي يعيش فيه الإنسان يتدخل وبشكل فاعل من خلال العديد من المؤثرات في تشكيل سلوكه وصياغة مواقفه.
ولقد ألمح القرآن الكريم إلى مثل هذا المعنى عندما طلب منا أن نعتبر ونتعلم من تاريخ الأمم السابقة علينا ولم يطلب منا تقليدهم، أو متابعتهم النعل بالنعل. من هنا فقد أمرنا الإسلام بالاتعاظ بالتاريخ لنأخذ منه العبرة ونتعلم منه العظة.. قال تعالى: { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } (آل عمران:137). وقال تعالى في موضع آخر: { فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} (الحشر:2).
ومن المنطلق نفسه نفهم ما ورد إلينا في الأثر ويفيد بل يؤكد ضرورة أن نربي أبناءنا بما يتوافق مع المرحلة الزمنية والحضارية التي سيعيشون فيها ويتعاملون معها، فهم -كما قيل- خلقوا لزمان غير زماننا. بالتالي لابد من إعدادهم الإعداد الذي يعينهم على مواجهة ظروفهم وأوضاعهم التي قد تتباين، شكلا ومضمونا، مع ظروفنا وأوضاعنا.
من هنا يفيدنا الوعي الصحيح بالسيرة العطرة في حل مشكلاتنا الحياتية، ويساعدنا في توظيف كل فئات المجتمع ومكوناته في صياغة الحركة المجتمعية وتشكيلها. وكثيرا ما أمدنا التاريخ النبوي -مثلا- بمواقف وأحداث استمع فيها الرسول " صلى الله عليه وسلم" إلى رأي الشباب، واهتم به، وأجازه، وتحرك وفق رؤيتهم وتصورهم، مستفيدا بذلك من حماسهم وإقدامهم وبراءتهم.
إن الرسول " صلى الله عليه وسلم" الذي كانت السماء تحدثه وكان الوحي يتنزل عليه ليلا ونهارا، كان في غنى عن رأي الآخرين، أيا ما كانوا، لكنه كان يعلّم الأمة من بعده - بسلوكه هذا - ضرورة إدراك أن أبناء كل مرحلة زمنية أو حضارية لديهم الوعي الخاص بطبيعة مرحلتهم وظروف واقعهم، الذي قد يكون الشيوخ قد ابتعدوا أو انفصلوا عنه ولو بعض الشيء بحكم تبدل ظروفهم وتغير أحوالهم.
أيضا يفيدنا الإلمام الواعي بجوانب السيرة وبالسياق التاريخي والمجتمعي الذي تعامل معه الرسول " صلى الله عليه وسلم"
وبالتفوق القيمي والأخلاقي لسلوكه على طبيعة الواقع المجتمعي المتصف بالغلظة والقسوة، ويعلمنا ضرورة التعامل مع واقعنا بموضوعية وعقلانية منبثقين من تعاليم ديننا ومرجعيتنا الإسلامية، التي تم -للأسف- تنحيتها عن السلوك اليومي لدى كثير من الناس. فالراصد لواقع حياتنا يلحظ أن المسلم المعاصر قد يهتم بالعبادات ويجتهد في تأديتها كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وكما أداها رسول الله " صلى الله عليه وسلم"
وصحابته الكرام؛ فكثيرون هم أولئك الذين يترددون على المساجد، وكثيرون هم أولئك الذين يتابعون بين الحج والعمرة عملا بتعليمات كتاب ربنا وسنة نبينا.. بينما يغيب -للأسف- هذا الحرص، أو يتراجع في مجال المعاملات! الأمر الذي يبرهن على وجود خلل لدى بعضنا في فهم قضية التدين ذاتها، لأن الدين لا يجوز بحال أن يؤخذ بعضه ويترك بعضه، إذ يجب على المسلم أن يبذل جهده في الالتزام بكل ما أمرنا به الله وحضنا على الإقدام عليه، وأن يجتهد بالمثل في ترك وهجر كل ما نهى الله عنه وحذرنا من الوقوع فيه، سواء كان ذلك في مجال الاعتقاد، أو العبادات، أو المعاملات.
أيضا يفيدنا الإلمام الواعي بالسيرة النبوية ومدلولات المواقف التي أقدم عليها الرسول " صلى الله عليه وسلم" في معرفة أي المواقف النبوية كانت آتية في مجال التشريع، بالتالي يكون التأسي بها حقا وواجبا، وأي المواقف النبوية جاءت في إطار المسائل الحياتية التي لا يكون ثمة ضرورة للتأسي به " صلى الله عليه وسلم" فيها. وأهل العلم والدراية على معرفة تامة بأن هناك سننا تشريعية وأقوالا أو أفعالا للنبي غير تشريعية، وغالبا ما يضرب المثل في هذا السياق بموقف النبي " صلى الله عليه وسلم" من مسألة تأبير النخيل... وغيرها من المسائل التي ينطبق عليها القول الرائع الذي قاله الرسول " صلى الله عليه وسلم" ، والذي حفظته الأمة واشتهر بين عامتنا وخاصتنا ونحاجج به الأمم الأخرى وهو: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم».
من هنا ندرك أن من شروط التأسي السليم والصحيح بالرسول " صلى الله عليه وسلم"
الوقوف على الأبعاد والجوانب المتعددة لسلوكياته عليه الصلاة والسلام، كي ما نستطيع إصابة الهدف من التأسي به والالتزام بمنهجه، ألا وهو بناء وتكوين مجتمع أخلاقي، متسامح، متدين، وسطي.. مجتمع يدرك أن الدين جاء لإسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، مجتمع يعي أن الناس -كل الناس- خلق من خلق الله، فهو بالتالي مجتمع متسامح.. مجتمع يعي أن المعاصرة لا تقتضي القطيعة مع الأصول والجذور، ويدرك أن التواصل مع ماضينا التليد لا يقتضي الانفصال عن الواقع الحضاري الراهن.. مجتمع لا يجرفه الحنين دوما إلى الماضي أو العيش في بوتقته، لأن ذلك يجعل الأمة تعيش على هامش التاريخ وتكون عالة على غيرها.
ونتوقف لنوضح أن من السلبيات التي تعتري فهمنا لمسألة التأسي أن بعضنا يظن أن اتباع الرسول " صلى الله عليه وسلم"
والسير على منهجه يقتضي العيش بصورة متماثلة من حيث الشكل والجوهر مع الحياة التي عاشها النبي " صلى الله عليه وسلم" ، ناسيا أو متناسيا أن واقعنا الحالي والمعاصر يختلف في العديد من الظروف والأحوال مع الواقع الذي عاشه الرسول عليه الصلاة والسلام.. ولو عاش النبي " صلى الله عليه وسلم" زماننا لتعامل مع الواقع الحالي بصورة تتوافق مع المستوى الحضاري، والثقافي، والاجتماعي الراهن. ولنا أن نفعل ذلك من دون غضاضة ما دمنا لا نفرط في ثوابت ديننا وأخلاقيات عقيدتنا، فالرسول " صلى الله عليه وسلم" كان يركب الناقة والدابة في سفره وترحاله، وهذه وسائل تجاوزها الواقع المعاصر ولا يليق التمسك بالسفر بهما في وقت توافرت فيه وسائل نقل أكثر سرعة وأكثر إراحة للمسافرين، كالسيارة والباخرة والطائرة.
أيضا من سلبيات فهمنا لمسألة التأسي أن بعضنا اختزل التأسي بالرسول " صلى الله عليه وسلم" في الإكثار من مدحه والتغني بمحاسنه طوال الوقت.. إن التحدث بالكلام الطيب عن الرسول " صلى الله عليه وسلم" ،
وحتى التغني بمحاسنه الخلقية والأخلاقية، كل هذه أمور طيبة ونتفق عليها جميعا ما في ذلك من شك، لكن الذي لا نتفق عليه هو أن نختزل تأسينا بالنبي " صلى الله عليه وسلم" في كتابة القصائد تلو القصائد في مدحه من دون أن نلتزم سلوكيا بتعليماته، ومن دون أن نبني مواقفنا الحياتية على أخلاقياته الرفيعة، وشمائله الطيبة، وسنته الشريفة، وشرعه القويم.
ثالثا - توافر عنصر الإخلاص في التأسي
لعل من أهم الشروط الضرورية لإحسان التأسي برسول الله " صلى الله عليه وسلم" هو الإخلاص؛ ذلك لأن غياب الإخلاص يجعل المرء يدخل - والعياذ بالله - في عداد المنافقين الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: {ذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ? وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون:1).
فثمة خطأ يقع من العديد من الناس في زعمهم التأسي بالرسول " صلى الله عليه وسلم" في مختلف جوانب حياتهم، بينما هم يتحركون في واقع الأمر بصورة ترمي إلى تحقيق أو إصابة أهداف لهم غير معلنة على الناس، مثل من يتعامل مع الناس ظاهريا بشكل طيب وصورة مثالية بهدف إدراك مديحهم والحصول على ثنائهم عليه، أو كمن يتودد إلى الناس ويحرص على مشاركتهم أفراحهم وأطراحهم من أجل الحصول على مكاسب مالية أو مصالح حياتية... إلخ.
إن هذا النمط من الناس قد اشترى الدنيا بالآخرة، وأضحى يتحرك وفق مقتضيات المصالح المؤقتة والزائلة، ونسي أن يحرص على الأبقى، والأصلح، والأدوم.. وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل: { فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ? وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى? لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى? رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الشورى:36).
[/BACKGROUND]