عنوان الموضوع : المُعاقون... نصفنا المغبون
مقدم من طرف منتديات الشامل

المُعاقون... نصفنا المغبون



منتقول : مهنا الحبيل


هل توقفت عند ذلك الطفل الذي رأيته ذات مرة... قد انتابته حالة قلق وغضب ودوامة من ألم.. تشعر أنه يعتصره في حراكه الحادّ، ثم تنظر إلى عينيه يريد أن يوصِل الرسالة، ولكن لا يجد من يفهمه أو يتوقّف عنده إلاّ أسرته المغلوبة على أمرها بسبب ضعف إمكانياتها, أو تكون الأسرة في قلب الرعاية، لكن المجتمع لا يُعينها لفهم هذا الطفل من أسرة التوحد أو التخلف الوراثي أو غيرهم...؟!
كم هم الذين من حولنا ممن طوتهم إعاقتهم البصرية أو السمعية!!
هل تصورت لحظة أن ينقطع العالم عن الاتصال بك, ولا يفهم لغتك، وكأنّك تعيش في ظرف مكاني وزماني، وتتعامل مع صور أشباح...؟! إنها صورة عنيفة على الوجدان، ومعاناة إنسانية هائلة لا يمكن أن نُجسدّها إلاّ بجزءٍ من تَلمّس المعاناة، وسيبقى الإدراك القريب لا يصل إلى الوضع الحقيقي المؤلم بحسب ما يعيشه المعاق.
وهل تصوّرنا كم من الجهد والألم والاضطراب الذي تعيشه أسرة المعاق في سبيل أن تَعبر هذه الرحلة الزمنية الصعبة مرافقة لذوي الإعاقات حتى تهيئ لهم ظروف التحسن والاتصال لحياتهم، وحتى تقول للنّاس بهدوء، وهي تصرخ في وجدانها: أرجوكم انتبهوا لشركائكم في الحياة.. لا تزدروهم ...ولا تشفقوا عليهم.. ولكن كونوا معنا بابتسامة ومفاهمة ومعايشة!! شاركونا صناعة الحياة لمن غلبت عليهم الأقدار لكي يختبر الله بِرنا وإنسانيتنا ورحمتنا بنصفنا الآخر.. نعم إنه النصف الآخر؛ فالنّاس إما أصحاء وإما معاقون، وليس الأولون بمفضلين على الآخرين في مكانة التقوى والدين.
كم هي لحظة الترقب لأهل المعاق خشية من سقوطه أو جرحه أو إصابته!! وكم هي نزعات الألم في قلب والديه وذويه على مستقبله، وخصوصاً سوء سلوك المجتمع القاتل أو لا مبالاته أو نظرات ازدرائه!! وكم هي دفقات الأمل تحيي البسمة، وتمسح الدمعة للوالدين الحزينين حين يختط المعاق طريقه، فيعبر الطفل البصير إلى عالم (برايل) الإلكتروني، والأصم إلى الجهاز السمعي المطور والمتوحّد إلى طريق التربية الخاصة... إنهم يتخطّون الطريق الصعب... فلذات أكباد يسيرون تجاربهم الصعبة في الحياة لكي يتصل بهم الأمل, فينتقل المشهد من المعاناة إلى استشراف المستقبل لنصفنا الذي من مسؤوليتنا أن نحمله حتى ينطلق، ومن مسؤولية المجتمع أن يتضامن معه ومع أهله، ويقف عنده مُشجّعاً ومُباركاً لخطواته، و يحاول أن يتواصل معه بلغة الحب والعطف والتضامن وإشعاره بالشراكة، ووقود ذلك كله الابتسامة والتضامن. هل يعجز المجتمع أن يبتسم ويُشجّع المعاق في لحظة من زمن يَعبر بها لديه أو يكون قريباً منه، فيسمو إسلامياً و إنسانياً حين يختار لنفسه أن يكون يد العطاء والرحمة لا الجفاء والغلظة؟! خاصة وأن أولئك الأبناء والإخوة من أسر المعاقين هم من قلب الرعاية الإلهية المقدسة جاءنا البلاغ بتعظيم حقوقهم.. أفلا نقترب من قلوبهم، فنطلق ابتسامتهم؛ فتغشانا رحمة الرحمن الرحيم؟!
هذه الخواطر والأفكار جالت في النفس بعد قراءتي لرسالة بعثت بها لي إحدى الأخوات من منسوبي مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة دعتني فيه الأستاذة فاطمة للمساهمة في فعاليات التواصل الإعلامي مع أنشطة المركز المهتم بهذه الشريحة الغالية، المُغيّب حضورها في الضمير المجتمعي، إلاّ من قِلة من النبلاء والأخيار ممن علموا كم تعني هذه القضية لرسالة الإنسان.
وقد شدّني حجم الدراسات البحثية للمركز المتخصصة للعناية بهذه الشريحة ومنها الدراسات والأبحاث الطبية؛ إذ تشير الدراسات في المملكة إلى انتشار الأمراض الوراثية بين المواليد الأحياء كمشاكل التوحّد العقلي، والضمور العضلي. وتشير إلى اعتنائهم في المركز بالدراسات النفسية, والدراسات التربوية, والأبحاث التقنية, ذات العلاقة المباشرة بالمعاق وخدمته.
والمهم للغاية ما سعى له المركز من استصدار أنظمة تخدم تأهيل حياة وحقوق المعاق -كنظام رعاية المعوقين في المملكة- بمرسوم ملكي, وكذلك إطلاقه لبرامج مؤسسية مركّزة للعناية بتخصصات هذه الحالات والاحتياجات لذوي الإعاقة، كالبرنامج الوطني للكشف المبكر للأطفال حديثي الولادة, ونحن نؤكد على أهمية دعم هذه المشاريع البنّاءة وتأصيل وتنشيط التكاتف المجتمعي مع أبنائنا المعاقين ومع أسرهم.
ونرجو بأمل كبير أن تتركز كذلك جهود إصدار المزيد من القوانين التي تؤمّن الجانب المالي المهم لأسر المعاقين، والبدلات وأنظمة الرعاية المجانية لهم؛ حتّى تُساعَد الحالة وأسرتها على تجاوز المرحل الصعبة من طريق التأهيل العلاجي والتدريبي, ولعل تعزيز حضور المركز سيتحقق أكبر لو تم افتتاح مراكز ميدانية في مناطق المملكة، تعتني بتنسيق التواصل بين المؤسسات المعنية وأفراد وأُسر المعاقين, وتعتني هذه المراكز بتثقيف الحالة وأسرتها بحقوقها القانونية ومصادر الدعم والرعاية.. راجين أن تُدعم هذه الأنشطة المباركة للمركز من الجهات الرسمية ورجال وسيدات الأعمال مادياً، وأيضاً تبقى مهمة العناية المعنوية مسؤولية كل فرد من المجتمع يُشارك فيها بطاقته، وهي شراكة ستتحول له في نهاية الأمر؛ لأن النصف المتداخل في عوائلنا يشملنا جميعاً وطناً ومواطنين، وفي كل بلداننا العربية نسمو بإنسانيتنا المشرقة بنور الإسلام وروعة تكافله الاجتماعي.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================




سلمت يداكِ


__________________________________________________ __________
يعطيك العااافيه ...........

__________________________________________________ __________
مشكور ما تقصر اخوي ويعطيك الف عافيه تقبل مروري
@الرومنسي@


__________________________________________________ __________
بارك الله فيك ، ويعطيك العافيه

محب للخير2009

__________________________________________________ __________
جزاك الله خير